عاش الإمام الجواد (25) سنة حيث كانت ولادته الشريفة عام (195 هـ) واستشهد مسموماً عام (220 هـ) على يد المعتصم العباسي، ودفن قرب جده الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) في بغداد وكان له من الأبناء علي الهادي (عليه السلام) وموسى وفاطمة وحكيمة وخديجة وأم كلثوم .
إن طبيعة الدعوة الإسلامية التي كان هدفها بناء أمّة موحّدة والقضاء على رواسب الجاهلية كانت تقتضي الاستخلاف بعد صاحب الدعوة ــ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ــ، فعملية التغيير الجذري الذي أحدثته هذه الدعوة في المجتمع كانت تحتّم وجود القائد الذي يحافظ على كيان المنظومة الإسلامية ويواصل هذه المسؤولية وفق منهج الرسالة.
وقد اهتم النبي (صلى الله عليه وآله) كثيراً بهذا الأمر وكان يشعر بخطورة الفراغ الذي سيحل في الأمة، ويدرك تبعاته، فسعى إلى تحصينها وحمايتها من التفرقة بتنصيب القائد في كثير من المواقف والمواطن، ومن يستقرأ أحداث بعث أسامة يلاحظ بوضوح تخطيط النبي (صلى الله عليه وآله) لهذا الأمر والحث عليه حتى لعن من تخلف عن الجيش، إضافة إلى طلبه كتفاً ودواة لكتابة الكتاب الذي يحفظ الأمة من التشتت، وحديث الغدير الذي به أكتمل دين الله بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
ولم يقف الأمر على تسمية القائد بعده، بل إن الدعوة كانت بحاجة لمن يمثلها على المدى البعيد لكي تواصل عطاءها وتعطي ثمارها، فأكد (صلى الله عليه وآله) في أحاديث كثيرة على الأوصياء بعده وبعد أمير المؤمنين (عليه السلام) منها قوله:
(إن الخلفاء بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش)
وقوله: (أنا سيد النبيين وعلي سيد الوصيين وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم علي وآخرهم القائم المهدي)
وقوله: (أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون، معصومون)
ولبناء قاعدة رصينة للدعوة وصيانة الأمة من التفرقة فقد حدد (صلى الله عليه وآله) الخلفاء بعده وسمّاهم بأسمائهم، ومن هذه الأحاديث قوله عندما سُئل عن أسمائهم:
(أوصيائي إثنا عشر أوّلهم سيّد الأوصياء أبو الأئمّة علي، ثمّ ابناه الحسن والحسين فاستمسك بهم ولا تكن من الجاهلين، فإذا انقضت مدّة الحسين فالإمام ابنه علي ويلقّب بزين العابدين، فبعده ابنه محمّد يلقّب بالباقر، فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق، فبعده ابنه موسى يدعى بالكاظم، فبعده ابنه علي يدعى بالرضا، فبعده ابنه محمّد يدعى بالتقي والزكي، فبعده ابنه علي يدعى بالنقي والهادي، فبعده ابنه الحسن يدعى بالعسكري، فبعده ابنه محمّد يدعى بالمهدي والقائم والحجّة، فيغيب ثمّ يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ...)
ومنها قوله (صلى الله عليه وآله) في حديثه عن ليلة أُسريَ به إلى السماء: (قال لي الجليل جلّ وعلا: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ)
قلت: والمؤمنون.
قال: صدقت يا محمّد، من خلفت في أمّتك ؟
قلت: خيرها.
قال: عليّ بن أبي طالب ؟
قلت: نعم يا ربّ..
قال: يا محمّد إنّي اطّلعت إلى الأرض اطلاعة، فاخترتك منها، فشقـقت لك اسماً من أسمائي، فلا أُذكَر في موضع إلاّ ذُكرتَ معي، فأنا المحمود وأنت محمّد.
ثمّ اطّلعت الثانية، فاخترت عليّاً، وشققت له اسماً من أسمائي، فأنا الأعلى وهو عليّ.
يا محمّد إنّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من سنخ نور من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.
يا محمّد لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتّى ينقطع، أو يصير كالشن البالي، ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم، ما غفرت له حتّى يقرَّ بولايتكم.
يا محمّد أتحبّ أن تراهم؟
قلت: نعم، يا ربّ.
فقال لي: التفت عن يمين العرش.
فالتفت، فإذا أنا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والمهدي في ضحضاح من نور قياماً يصلّون، وهو في وسطهم (يعني المهدي)، كأنّه كوكب درّي.
قال: يا محمّد هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك، وعزّتي وجلالي إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي).
وهناك أحاديث أخرى حملت نفس المضمون.
ولم يقتصر ذكر هذه الأحاديث في تسمية الأئمة المعصومين بأسمائهم على كتب الشيعة بل ذكرتها كثير من مصادر السنة منها:
1 ــ ينابيع المودّة / القندوزي
2 ــ مسند أحمد بن حنبل
3 ــ صحيح مسلم
4 ــ سنن أبي داود
5 ــ المستدرك على الصحيحين للنيسابوري
6 ــ البداية والنهاية لابن كثير
7 ــ مقتل الحسين للخوارزمي
8 ــ فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين / الجويني
9 ــ تذكرة الخواص لابن الجوزي
وكان كل إمام منهم يخبر أتباعه المخلصين باسم الامام الذي يليه في دور الإمامة والأئمة بعدهما، ونجد في قصيدة السيد الحميري (105 هـ - 723 م / 173 هـ - 789 م) والذي توفي في عهد الإمام الكاظم (عليه السلام) أسماء الأئمة الأثني عشر حيث يقول:
على آلِ الـرسـولِ وأقـربـيه *** سـلامٌ كـلما سـجعَ الحَمامُ
أليسوا في الـسـماءِ همُ نجومٌ *** وهـمْ أعـلامُ عـزٍّ لا يرامُ
فيا من قد تحيَّرَ في ضـلالٍ *** أمـيرُ المؤمنينَ هـوَ الإمامُ
رسولُ اللهِ يـومَ غـديـرِ خُـمٍّ *** أنافَ به وقد حضرَ الأنـامُ
وثاني أمرِه الـحسنُ المرجّى ** لـه بيتُ المشاعرِ والـمقامُ
وثالثُه الحسـينُ فليس يُخفى ** سنـا بدرٍ إذا اختلطَ الظـلامُ
ورابعُهم عـلـيٌّ ذو المساعي *** بـه لـلـديـنِ والـدنـيا قِوامُ
وخامسُهم مـحـمدٌ ارتضاهُ *** لـه فـي الـمأثراتِ إذنْ مقامُ
وجعفرُ سـادسُ الـنجباءِ بدرٌ *** بـبـهجِته زها البدرُ التمامُ
وموسى سـابـعٌ ولهُ مقامٌ *** تـقـاصـرَ عـن أدانـيـهِ الكرامُ
عليٌّ ثـامـنٌ والقبرُ منه * بـأرضِ الطوسِ إن قحطوا رهامُ
وتـاسعُـهم طريدُ بني البغايا *** مـحـمـدٌ الـزكيُّ له حسـامُ
وعـاشرُهم عليٌّ وهوَ حِصنٌ *** يـحـنُّ لـفقدِه البلدُ الحرامُ
وحادي العشرِ مصباحُ المعالي منيرُ الضوءِ الحسنُ الهمامُ
وثاني العشرِ حانَ لـه الـقـيامُ *** محمدٌ الزكيُّ به اعتصامُ
أولئكَ في الجنانِ بهم مساغي *وجيرتيَ الخوامسُ والسلامُ
ويعلق الأستاذ شاكر هادي شكر الذي جمع وحقق وعلق على ديوان السيد الحميري على هذه القصيدة بالقول:
(توفي السيد الحميري سنة (173 هـ) في حياة الإمام السابع موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام) وكان للإمام الرضا (عليه السلام) من العمر (20) سنة وعلى ذلك فلا بد أن يتبادر إلى الذهن أنه كيف تسنى للشاعر أن يذكر الأئمة الباقين بأسمائهم ويطري خلالهم وهم بعد في بطون الأرحام ؟
فالجواب على ذلك هو أنه كشيعي يتلقى الخبر من الإمام المعصوم كما يتلقاه من النبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة لأن جميع ما يحدث به الإمام من أحاديث التشريع المفسّرة للقرآن أو أنباء الغيب مروي عن أبيه عن جده رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولقد التقى السيد الحميري بالإمام الصادق عليه السلام وأفهمه أن الغيبة ستقع للإمام السادس من ولده وهو الثاني عشر من الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولهم أمير المؤمنين وآخرهم صاحب الزمان (عليهم السلام) فعرف من ذلك الوقت أسماء الأئمة وطرفاً من أحوالهم ولم يكن خبر الأئمة الإثني عشر غريبا على أحد في زمن الحميري أو قبله أو بعده لأن الأحاديث النبوية والأخبار الواردة عن الإمام علي (عليه السلام) في هذا الشأن كثيرة جداً)
ومن الجدير بالذكر أن السيد الحميري قبل لقائه بالإمام الصادق (عليه السلام) كان يعتقد بمذهب الكيسانية وغيبة محمد بن علي المعروف بـ (ابن الحنفية) حتى التقى بالإمام الصادق فاهتدى، وروى تفاصيل هذا اللقاء بالقول:
(كنت أقول بالغلو واعتقد غيبة محمد بن علي الملقب بابن الحنفية، قد ضللت في ذلك زماناً فمنّ الله عليَّ بالصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وأنقذني به من النار وهداني إلى سواء السراط . فسألته بعد ما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنه حجة الله عليَّ وعلى جميع أهل زمانه وأنه الإمام الذي فرض الله طاعته وأوجب الاقتداء به فقلت له: يا ابن رسول الله قد روى لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع ؟ فقال عليه السلام إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم بالحق بقية الله في الأرض وصاحب الزمان والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئت ظلماً وجوراً فقال السيد الحميري: فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق تبت إلى الله على يديه ...)
ويلاحظ من خلال هذه الرواية وغيرها الكثير من الروايات التطابق في المضمون في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) وروايات الأئمة المعصومين (عليهم السلام) بخصوص عدد الأئمة وأسمائهم وأنهم قد جرى تنصيبهم تنصيباً إلهياً وأن الإمام منهم كان يبشّر أصحابه بالإمام بعده قبل أن يلد مثل قول الإمام الرضا عندما بشر أصحابه بالإمام الجواد (عليهما السلام):
(والله لا تمضي الأيام والليالي حتى يرزقني الله ولداً ذكراً يفرّق به بين الحق والباطل)
وقوله: (والله لا تمضي الليالي والأيام حتى يولد ذكر من صلبي يقوم مثل مقامي يحيي الحق ويمحي الباطل)
وقوله بعد ولادة ابنه: (هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه)
وقوله: (هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيّرته مكاني)
ومن يتمعّن في عمر الإمام الجواد (عليه السلام) عندما تسلم مقاليد الإمامة يجد جلياً أن هذا المنصب هو من اختيار الله (عز وجل)، فقد حلّ محل أبيه في هذه المهمة وله من العمر سبع سنوات وفاق ــ وهو في هذا العمر ــ أهل زمانه فقهاً وعلماً وفضلاً وزهداً وتقوى، وتفوق على كبار علماء عصره في المناظرات العلمية والفقهية وأفحم المتكلمين والبلغاء والفلاسفة وأرباب الأديان.
وتدلنا ــ إضافة إلى أقوال أبيه الرضا (عليه السلام) ــ أقوال معاصريه وأقوال المؤرخين على قدره العظيم وهيبته في النفوس رغم صغر سنه، فقد عزّاه أبو العيناء الشاعر العباسي ــ وقد عُرف بالفصاحة ــ بأبيه الرضا (عليهما السلام) بالقول:
(أنت تجل عن وصفنا، ونحن نقل عن عظتك، وفي علم الله ما كفاك، وفي ثواب الله ما عزاك)
يقول أبو العيناء للإمام هذا القول وللإمام من العمر سبع سنوات !
كما تدلنا رواية لقائه بعلي العريضي ابن الإمام جعفر الصادق على مدى جلاله وعظمته الإلهية في النفوس, فقد كان علي العريضي من سادات بني هاشم ومن أجلاء العلويين وكبار الطالبيين وكان (واحد عصره وفريد دهره، عابداً وفياً جواداً سخياً), كما كان (عالماً كبيراً) كما وصفته المصادر وهو عم الإمام الرضا (ع) وأصغر أولاد الإمام الصادق سناً وسمّي بالعريضي نسبة إلى قرية عُرَيض التي ولد وسكن بها وهي قرية من قرى المدينة.
كان العريضي في يوم جالساً في المسجد النبوي فدخل المسجد الإمام محمد الجواد فقام علي العريضي مسرعاً وقبّل يدي الإمام فقال له الإمام: اجلس يا عم .. رحمك الله. فقال له: يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم !!
تعجّب الحاضرون من هذا المشهد وفغرت أفواههم دهشة وهم يرون هذا السيد الجليل من سادات بني هاشم يقبّل يدي غلام لم يتجاوز العقد الأول من عمره وهو يكبره بحوالي نصف قرن وفي مقام جده ! فلما خرج الإمام قال له بعض الجالسين أنت عم أبيه وتفعل هذا الفعل ؟ فقال لهم: اسكتوا إذا كان الله عز وجل لم يؤهّل هذه الشيبة ــ وأمسك لحيته البيضاء ــ وأهّل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه أأنكرُ فضله ؟ !! نعوذ بالله مما تقولون ! بل أنا له عبد.
وقد كتب الأربلي ــ علي بن عيسى في كتابه: (كشف الغمة في معرفة الأئمة) عن الإمام الجواد (عليه السلام) كلمات عبر فيها عن المقام الإلهي لهذا الإمام العظيم فقال:
(الجواد (عليه السلام) في كل أحواله جواد، وفيه يصدق قول اللُغوي: جواد من الجودة من أجواد، فاق الناس بطهارة العُنصر، وزكاء الميلاد، وافترع قُلَّة العلاء فما فاز به أحد ولا كاد.
مجده عالي المراتب، ومكانته الرفيعة تسمو على الكواكب، ومنصبه يشرف على المناصب، إذا آنس الوفد ناراً قالوا: ليتها نارُه، لا نار غالب.
له إلى المعالي سُموّ، والى الشّرف رواح وغُدُوّ، وفي السيادة إغراق وغُلُوّ، وعلى هام السماك ارتفاع وعُلوّ، ومن كل رذيلة بُعْدٌ، وإلى كل فضيلة دُنُوّ.
تتأرّج المكارم من أعطافه، ويقطر المجد من أطرافه، وتُروى أخبار السماح عنه وعن أبنائه وأسلافه، فطوبى لمن سعى في ولائه، والويل لمن رغب في خلافه.
إذا اقتُسمتْ غنائم المجد والمعالي والمفاخر كان له صفاياها، وإذا امتُطيت غوارب السؤدد كان له أعلاها وأسماها.
يباري الغيث جوداً وعطيةً، ويجاري الليث نجدةً وحميّة، ويبذّ السير سيرةً رضية، مرضية سريّة .
إذا عُدِّدَ آباؤه الكرام، وأبناؤه (عليهم السلام) نظَم اللئالي الأفراد في عدِّه، وجاء بجماع المكارم في رسمه وحدِّه، وجَمَع أشتات المعالي فيه، وفي آبائه من قبله، وفي أبنائه من بعده ، فمن له أبٌ كأبيه أو جد كجدّه ؟ ! .
فهو شريكهم في مجدهم، وهم شركاؤه في مجده، وكما ملأوا أيدي العفاة بِرِفْدِهم، ملأ أيديهم بِرِفده . . .
بهم اتَّضحت سُبُل الهُدى، وبهم سُلِمَ من الردى، وبِحُبِّهم تُرجى النجاة والفوز غداً، وهم أهل المعروف، وأولوا النَّدى .
كُلُّ المدائح دون استحقاقهم، وكُلُّ مكارم الأخلاق مأخوذة من كريم أخلاقهم وكُلّ صفات الخير مخلوقة في عنصرهم الشريف وأعراقهم، فالجنة في وصالهم، والنار في فراقهم .
وهذه الصفات تصدق على الجمع والواحد، وتثبت للغائب منهم والشاهد، وتتنزَّل على الولد منهم والوالد .
حُبُّهم فريضة لازمة، ودولتهم باقية دائمة، وأسواق سُؤدَدِهم قائمة، وثغور محبيهم باسمة، وكفاهم شَرَفاً أن جدّهم محمد، وأبوهم علي، وأُمُّهم فاطمة (عليهم السلام)
فمن يجاريهم في الفخر؟! ومن يسابقهم في علوّ القدر؟
وما تركوا غاية إلاّ انتهوا اليها سابقين، ولا مرتبة سؤدد إلاّ ارتفقوها آمنين من اللاحقين، وهذا حقّ اليقين بل عين اليقين.
الناس كلّهم عيال عليهم ومنتسبون انتساب العبودية اليهم.
عنهم اُخذت المآثر، ومنهم تعلّمت المفاخر، وبشرفهم شرف الأوّل والآخر.
ولو اطلتُ في صفاتهم لم آتِ بطائل، ولو حاولت حصرها نادتني الثريا: مَن يد المتناول؟ وكيف تطيق حصر ما عجز عنه الأواخر والأوائل؟)
عاش الإمام الجواد (25) سنة حيث كانت ولادته الشريفة عام (195 هـ) واستشهد مسموماً عام (220 هـ) على يد المعتصم العباسي، ودفن قرب جده الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) في بغداد وكان له من الأبناء علي الهادي (عليه السلام) وموسى وفاطمة وحكيمة وخديجة وأم كلثوم .. فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حياً مع آبائه الطاهرين وأولاده المنتجبين.
المصدر: ابنا