كان الإمام الصادق (عليه السلام) شفيقاً رقيقاً مع بني هاشم يتحمّل أذاهم ويُكرمهم، فقد روى الوليد بن صبيح قال: كنّا عند أبي عبد الله (عليه السلام) في ليلة إذ طرق الباب طارق، فقال للجارية : انظري من هذا؟ فخرجت ثم دخلت فقالت : هذا عمّك عبد الله بن علي، فقال: ادخليه ، وقال لنا: ادخلوا البيت، فدخلنا بيتاً ، فسمعنا منه حسّاً ظننّا أنّ الداخل بعض نسائه، فلصق بعضنا ببعض. فلمّا دخل أقبل على أبي عبد الله (عليه السلام) فلم يدع شيئاً من القبيح إلاّ قاله في أبي عبد الله (عليه السلام)، ثم خرج وخرجنا ، فأقبل يحدّثنا من الموضع الذي قطع كلامه. فقال بعضنا: لقد استقبلك هذا بشيء ماظننّا أنّ أحداً يستقبل به أحداً، حتى لقد هَمَّ بعضنا أن يخرج إليه فيوقع به. فقال : مه، لا تدخلوا فيما بيننا. فلمّا مضى من الليل مامضى طرق الباب طارق، فقال للجارية : انظري من هذا؟ فخرجت ثم عادت فقالت: هذا عمّك عبد الله بن علي.
فقال لنا: عودوا إلى مواضعكم، ثم أذن له، فدخل بشهيق ونحيب وبكاء وهو يقول: يا ابن أخي اغفر لي غفر الله لك، اصفح عنّي صفح الله عنك. فقال : غفر الله لك يا عمّ ما الذي أحوجك إلى هذا؟ قال: إنّي لما آويت إلى فراشي أتاني رجلان أسودان فشدّا وثاقي ثم قال أحدهما للآخر : انطلق به إلى النار. فانطلق بي ، فممرت برسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يارسول الله لا أعود. فأمره فخلّى عنّي، وإنّي لأجد ألم الوثاق. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أوص. قال: بِمَ اُوصي؟ مالي مال، وإنّ لي عيالاً كثيراً وعليَّ دين. فقال ابو عبد الله (عليه السلام): دينك عليَّ وعيالك إلى عيالي فأوصي. فما خرجنا من المدينة حتى مات، وضمَّ أبو عبد الله (عليه السلام) عياله إليه، وقضى دينه، وزوّج ابنه ابنته [1].
المصدر:سایت السبطین
[1] ـ بحار الأنوار 47: 96: 110.