قال الله تعالى: )إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً( ([1]).
تظافرت التفاسير والروايات على أنّ المقصود بأهل البيت (ع) هم أهل بيت النبي(ص) وهم: علي وفاطمة والحسن والحسين(ع).
فقد روي عن اُمّ سلمة وبطرق عديدة أنّها قالت: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله(ص) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فجلل عليهم كساء خيبرياً، فقال:
«اللهمّ هؤلاء أهل بيتي اللهمّ اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً».
فقالت اُمّ سلمة: ألست منهم؟
فقال: أنت على خير([2]).
وفي تفسير هذه الآية قال رسول الله(ص): «أنا وأهـل بيتـي مطهرون من الذنوب»([3]).
ومفهوم أهل البيت(ع) وإن كان قد أطلق على عليّ وفاطمة والحسن والحسين(ع) إلاّ أنّ رسول الله(ص) وسّعه ليشمل ذرّيتهم من بعدهم ولم يخصصه ويقيده فيهم وحدهم، فقال: «في كل خلف من اُمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين»([4]).
فجعل(ع) مفهوم أهل البيت(ع) منطبقاً على ذرّية عليّ
وفاطمة(س)، والذي لا يخلو عصر منهم إلى قيام المهدي(ع) وهو من أهل البيت(ع) وإن تأخر زمانه، كما أطلق(ع) ذلك عليه فقال:
«المهدي منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة» ([5]).
«لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً» ([6]).
«أنا وعلـيّ والحسـن والحسيـن وتسـعة من ولـد الحسيـن مطهّرون معصومون» ([7]).
وقد تابع الأئمة من أبناء وأحفاد علي (ص) رسول الله (ص) في إطلاق ذلك المفهوم على أنفسهم وعلى من تقدّمهم من آباء وما يلحق بهم من أبناء، وتابع المؤرخون ذلك، فكانوا يطلقون مفهوم أهل البيت (ع) على الذرية المباركة من أولاد وأحفاد عليّ (ص) من
فاطمة (س) وهذا من المشهور ومحل الإجماع.
وآية التطهير المتقدمة تؤكد العناية والرعاية الإلهية الخاصة والاستثنائية لأهل البيت(ع)، وإبعادهم عن الزلل والخطأ والانحراف في الفكر والرأي والعاطفة والسلوك ليكونوا بحقّ القدوة الإنسانية السامية لجميع المسلمين والتي يرجع إليها عند الاختلاف، وعند اختلاط المعايير، واضطراب الموازين، وارتباك المفاهيم والقيم.
وبالابتعاد عن الزلل والخطأ والانحراف كانوا الميزان الّذي يرجع إليه في جميع الاُمور، وهم الميزان الذي لا زلل فيه ولا انحراف، فهو يزن الاُمور بالحق الإلهي، فلا يحابي أحداً، ولا يميل مع الأهواء والرغبات، وهو ميزان ثابت في جميع الأحوال لترجع إليه الإنسانية لتقويم أفكارها وعواطفها وممارساتها، ولتقويم الأحداث والمواقف والأشخاص والكيانات، وتقيم عليه حركتها ومسيرتها في مأمن من الاضطراب والأهواء واختلاف الرغبات وتنافي المصالح والمنافع.
فقد جعل الله تعالى أهل البيت(ع) من خلال عصمتهم مرجعيةً للمسلمين في جميع المجالات ومنها المجال العلمي، ولم يجعل هذه المرجعية لغيرهم، بل لم يجعلهم شركاء لأحد في هذه المرجعية.
المصدر: سایت السبطین
--------------------------------------------------------------------------------
[1] . (الأحزاب: من الآية33).
[2] ـ جامع البيان في تفسير القرآن 22: 6، الدر المنثور 6: 603.
[3] ـ البداية والنهاية 2: 257، دلائل النبوة ـ للبيهقي 1: 170، المعجم الكبير ـ للطبراني 12: 81 .
[4] ـ الصواعق المحرقة: 231، أحمد بن حجر الهيثمي، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1414هـ.
[5] ـ سنن أبي داود 4: 107، الجامع الصغير 2: 972.
[6] ـ سنن أبي داود 4: 107، أبو داود السجستاني، دار الفكر ـ بيروت.
[7] ـ فرائد السمطين 2: 133، إبراهيم بن محمد الجويني، مؤسسة المحمودي ـ بيروت 1398هـ .