إنّ الاعتقاد بمهدوية غائبة عن الانظار لكنها حية ومؤثّرة في مجريات الاحداث لصالح الجماعة المؤمنة وللاُمة الاسلامية وللبشرية أجمع، وهي تحمل كل خصائص الامامة من العصمة والنص النبوي والكمال العلميوالعملي، من شأنه أن يشيع في المجتمع أجواء لهذه الامامة ونفحاتها المعنوية والروحية الرفيعة، واستمرار الرعاية السماوية بنزول الخير والبركات في غيبته وبالاخص عند ظهوره واقامة حكومته وفي ذلك روايات عديدة نذكر البعض منها:
عن أبي سعيد الخدري عن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: «تنعم اُمتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تُرسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدع الارض شيئاً من النبات إلاّ أخرجته، والمال كدُس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني فيقول خُذ»([23]).
وأخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «يكون في آخر الزمان خليفة يقسّم المال، ولا يعدّه»([24]).
الخلاصة:
وهكذا تبيّن أن الايمان بحتمية ظهور المصلح العالمي في آخر الزمان ليس مختصاً بالاديان السماوية، بل يشمل حتى المدارس الفكرية والفلسفية غير الدينية.
وتبيّن أيضاً من خلال دراسة الروايات والشواهد التاريخية المذكورة في طيات بحثنا والتي تتحدث عن اسم المهدي ونسبه واسم اُمه أنه من أهل البيت(عليهم السلام) ومن ولد فاطمة وانّه خليفة الله وخاتم الائمة الاثني عشر(عليهم السلام) والروايات التي تتحدث عن غيبته الصغرى والكبرى تثبت أن شخص المهدي الموعود الذي بشر بظهوره خاتم المرسلين محمد(صلى الله عليه وآله) في آخر الزمان هو الامام محمد ابن الحسن العسكري(عليه السلام) .
وهكذا تبطل النظرية التي تزعم أن المهدي الموعود لم يولد بعد وأنه سوف يولد في آخر الزمان، بل المهدي في مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) قد ولد وهو حي يرزق ويمارس مسؤولياته الرسالية من وراء حجاب باعتبار اننا لانطيقه لاننا لم نعرف شمائله ولم نتعرف على شخصه الكريم بالرغم من معاصرته لكل الاجيال التي سبقتنا منذ الخامس عشر من شعبان سنة (255 هـ ) وحتى الان سنة (1422 هـ ) .
ومن مجموع هذه البيّنات يتجلّى بوضوح أن المهدوية عند النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) ، هي المهدوية المعصومة الغائبة المتحركة والمؤثرة ايجابياً في المجتمع، بينما المهدوية في مهفوم أهل السنّة ليس لها تأثير في الواقع والمجتمع الانساني، وهي ليست أكثر من تنبؤ مستقبلي، وهذا بذاته خير ما يوضح المعنى الايجابي لمفهوم الانتظار، فإن انتظار الفرج ليس سكوتاً وانهزاماً، وإنما هو روح إيجابية فعّالة باتجاه التغيير المطلوب مهدوياً ولذا عُدّ في بعض الروايات أنّ هذا النوع من الانتظار هو من العبادات.
وفي نهاية المطاف يمكننا استخلاص نتائج البحث ; أن مسألة المهدوية عند النبي(صلى الله عليه وآله)وأهل البيت وعند أتباعهم هي مسألة الامام الثاني عشر الذيلا إمام للبشرية بعده، وهومن أهل البيت(عليهم السلام) ومن ولد فاطمة والامام الحسين(عليه السلام) وقد كانت ولادته بنحو سرّي ومكتوم لمصلحة في المنتصف من شعبان سنة (255 هـ ) وتسلّم الامامة بعدوفاة أبيه الحسن العسكري(عليه السلام) وهو في السنة الخامسة من العمر، وكانت له غيبة صغرى وهو الان في غيبته الكبرى. وعندما يظهر يملا الدنيا قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، وقد دلّت الروايات والنصوص التاريخية على ذلك وذكرنا البعض منها، ومن أراد أن يطلع أكثرمن هذا فاليراجع الكتب التي تتحدث عن المهدي(عليه السلام) عند الفريقين.
والحمدلله رب العالمين
المصدر: سایت السبطین
____________________________________
([23]) عقد الدرر: 255 باب 8، الفصول المهمة: 288 فصل 12.
([24]) صحيح مسلم بشرح النووي: 18/39 .