اختص أهل البيت(ع) باستقاء علومهم من القرآن الكريم، واختصوا بمعرفة حقائقه، فهم أعلم الناس بجميع آياته، وهم أعلم بتنزيله وتأويله، وأعلم بعقائده وموازينه وقيمه، وشرائعه وقوانينه، وهم أعلم بالمحكم والمتشابه، ولذا جاءت الروايات لتؤكد أنهم خزنة علم الله تعالى.
فقد أخذوا علومهم عن علي (ع) عن رسول الله (ص) عن الله تعالى، وقد دلت بعض التفاسير لآيات الله على ذلك، ومنها قول رسول الله (ص) بأن المراد من قوله تعالى: )وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ(([1]) هو علي بن أبي طالب([2]).
وكذلك قال الإمام علي (ع): ((أنا هو الذي عنده علم الكتاب))([3]).
وقال الإمام الحسين (ع): ((نحن الذين عندنا علم الكتاب وبيان ما فيه))([4]).
وقال الإمام محمد الباقر (ع): ((نحن خزّان علم الله، ونحن تراجمة وحي الله، ونحن الحجة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض))([5]).
وقال الإمام جعفر الصادق (ع): ((نحن ولاة أمر الله، وخزنة علم الله وعيبة وحي الله))([6]).
وقد أشار رسول الله (ص) والإمام علي (ع) وجمع من الصحابة إلى اختصاص الإمام علي (ع) بمعرفة القرآن.
قال رسول الله (ص): ((علي يعلّم الناس من بعدي تأويل القرآن ما لا يعلمون))([7]).
وقال الإمام علي (ع): ((والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت؛ إن ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً طلقاً))([8]).
وقال (ع): ((... ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق، ولكن أخبركم عنه: ألا إنّ فيه علم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما بينكم))([9]).
وقال (ع): ((والذي خلق الحبة وبرأ النسمة لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وأهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم))([10]).
ويطلب (ع) من المسلمين أن يسألوه عن كتاب الله، مؤكداً اختصاص المعرفة به: ((سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلاّ وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أم جبل))([11]).
وقال عبد الله بن مسعود: ((إنّ القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلاّ له ظهر وبطن، وأنّ علي بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن))([12]).
وقال عمر بن الخطاب: ((علي أعلم بما أنزل الله على محمد))([13]).
وقد صرّح أئمة أهل البيت (ع) بأعلميتهم بالقرآن الكريم الذي استمدوا منه علومهم.
قال الإمام جعفر الصادق (ع): ((ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء))([14]).
وقال (ع): ((عندنا والله علم الكتاب كله))([15]).
وقال (ع): ((والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن...))([16]).
وقال (ع): ((إنّ لله تبارك وتعالى علمين: علماً أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه، وعلماً استأثر به فإذا بدا لله في شيء منه أعلمنا ذلك وعُرض على الأئمة الذين كانوا من قبلنا))([17]).
وقد كان عند الإمام علي (ع) مصحف خاص قد اشتمل على التأويل والتفسير، وكما قال السيد الخوئي: ((إن اشتمال قرآنه (ع) على زيادات ليست في القرآن الموجود وإن كان صحيحاً إلاّ أنّه لا دلالة في ذلك على أنّ هذه الزيادات كانت من القرآن... بل الصحيح إنّ تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل، وما يؤول إليه الكلام، أو بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد))([18]).
وحول هذا المصحف قال محمد بن سيرين: ((لو أصيب ذلك الكتاب لكان فيه العلم))([19]).
وقد دلت روايات ((العرض على الكتاب)) على أنّ مصدر علوم أهل البيت (ع) هو القرآن الكريم، ولذا أوصوا أتباعهم بعرض أحاديثهم على القرآن الكريم، فما وافق الكتاب فهو صادر عنهم، وما لم يوافق الكتاب فهو غير صادر عنهم.
قال رسول الله (ص): ((إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه))([20]).
وعن الإمام جعفر الصادق (ع) قال: خطب النبي (ص) بمنى، فقال: ((أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله))([21]).
وعن عبد الله بن أبي يعفور قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن اختلاف الحديث يرويه من تثق به ومن لا تثق به؟
قال: ((إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله (ص) وإلاّ فالذي جاءكم به أولى به))([22]).
وقال (ع): ((كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف))([23]).
المصدر: سایت الوارث
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ الرعد : 43 .
[2] ـ شواهد التنزيل 1: 40.
[3] ـ بصائر الدرجات: 216.
[4] ـ مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب: 4: 52.
[5] ـ الكافي 1: 192.
[6] ـ المصدر نفسه.
[7] ـ شواهد التنزيل 1: 39.
[8] ـ الطبقات الكبرى 2: 338، محمد بن سعد الزهري، دار صادر، بيروت 1405هـ .
[9] ـ نهج البلاغة: 223، الخطبة: 158.
[10] ـ تذكرة الخواص: 25 وبنحوه في: فرائد السمطين 1: 339.
[11] ـ الطبقات الكبرى 2: 338، الصواعق المحرقة: 197.
[12] ـ مختصر تاريخ دمشق 18: 23، محمد بن مكرم (ابن منظور)، دار الفكر، بيروت 1404هـ .
[13] ـ شواهد التنزيل 1: 30.
[14] ـ الكافي 1: 228.
[15] ـ الكافي 1: 229.
[16] ـ الكافي 1: 229.
[17] ـ الكافي 1: 255.
[18] ـ البيان في تفسير القرآن: 223، السيد أبو القاسم الخوئي.
[19] ـ تاريخ الخلفاء: 185، عبد الرحمن السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت 1408هـ .
[20] ـ الكافي 1: 69.
[21] ـ الكافي 1: 69.
[22] ـ الكافي 1: 69.
[23] ـ الكافي 1: 69.