وأما النصوص على إمامته فإضافة إلى النصوص العامّة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) بأسماء الأئمة الاثني عشر الواحد تلو الآخر، هنالك نصوص خاصّة على إمامته، فقد حرص الإمام الحسين (عليه السلام) أن تنتقل مواريث الإمامة إلى ولده علي (عليه السلام) من طرق عديدة تكون شاهدة على إمامته علماً منه (عليه السلام) لما ستتعرّض له إمامة ولده من تشكيك.
فعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «إنّ الحسين (عليه السلام) لمّا حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة، فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّة ظاهرة ووصيّة باطنة. وكان علي بن الحسين مبطوناً لا يرون إلاّ أنّه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين، ثمّ صار ذلك الكتاب إلينا. فقلت: فما في ذلك الكتاب؟ قال: فيه والله جميع ما يحتاج إليه ولد آدم إلى أن تفنى الدنيا»[1].
وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أيضاً: «لمّا توجّه الحسين (عليه السلام) إلى العراق، دفع إلى اُمّ سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) الوصيّة والكتب وغير ذلك، وقال لها: إذا أتاك أكبر وُلدي فادفعي إليه ما دفعتُ إليك. فلمّا قُتل الحسين (عليه السلام) أتى علي بن الحسين اُمّ سلمة فدفعت إليه كلّ شيء أعطاها الحسين (عليه السلام)»[2].
وعلى الرغم من المرض الشديد الذي اُصيب به الإمام السجاد خلال واقعة الطف وبعدها نراه اضطلع بمهمة الإمامة في هداية الاُمّة وإرشادها على أتمّ وجه، ومع ذلك فقد نصّت إحدى الروايات على أنّ السيّدة زينب بنت علي (عليها السلام) قد كانت إلى فترة ما المفزع الذي يلجأ إليه الشيعة في تعيين ما يحتاجون إليه، فعن أحمد بن إبراهيم قال: دخلتُ على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا اُخت أبي الحسن صاحب العسكر (عليهم السلام) فقلت: إلى مَن تفزع الشيعة؟ فقالت: إلى الجدّة اُمّ أبي محمّد (عليه السلام). فقلت لها: أقتدي بمَن وصيّته إلى امرأة؟ فقالت: اقتداءً بالحسين بن علي (عليه السلام)، والحسين بن علي (عليه السلام) أوصى إلى اُخته زينبٍ بنتِ علي في الظاهر، وكان ما يخرج عن علي بن الحسين (عليه السلام) من علم يُنسب إلى زينب، ستراً على علي بن الحسين[3].
وعلى كلّ حال فقد واجه الشيعة بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) محنة عظيمة في تشخيص الإمام والرجوع إليه بعد تخاذلهم عن نصرته والموت دونه، ولظروف الإرهاب الشديدة التي كانت حائلاً دون إظهار الإمام السجاد (عليه السلام) لإمامته، ولاضطراب الأوضاع السياسية اضطراباً كبيراً وتشعّب الاتّجاهات السياسية التي تصدّت لقيادة الجماهير.
وهذه هي التجربة الاُولى التي يمرّ بها الشيعة في تحديد هوية الإمام، إذ أنّ إمامة أمير المؤمنين وولديه الحسن والحسين (عليهم السلام) قد كانت ظاهرة لجميع المسلمين. ولم يكن يسع الإمام السجاد (عليه السلام) أن يُعلِِِِِِِِن إمامته جهراً أمام الشيعة فضلاً عن باقي المسلمين حذراً من المصير المحتوم الذي سيواجهه لو فعل ذلك. ولذا عمد إلى إعلان إمامته لخواص الشيعة وبشكل تدريجي وخلال فترة طويلة حتى استقرّت إمامته وتسالم الشيعة على الرجوع إليه.
المصدر:سایت السبطین
--------------------------------------------------------------------------------
[1] بحار الأنوار 46: 17 / 2، 5.
[2] بحار الأنوار 46: 18 / 3، 6.
[3] بحار الأنوار 46: 19 / 9.