وخلّف الكاظم (ع) ابنه علياً الرضا (ع) فكان كأبيه في خصائصه وكان أعلم أهل زمانه من العلماء والفقهاء والفلاسفة، وقد نشط في عصره البحث والتأليف والتدوين وتصنيف العلوم والمعارف، ونشأت المدارس والتيارات الفلسفية والفكرية، وكان الإمام علي الرضا (ع) يتقدم العلماء في مناظراته مع المفسرين والفلاسفة وعلماء الكلام، وكانت له ردود حاسمة على الزنادقة والغلاة استطاع من خلالها تفنيد آرائهم وأفكارهم ودحض شبهاتهم حيث كانت حُججه الدامغة تنزل علي عقولهم نزول الصاعقة فلا يستطيعون جداله إذا نطق بالحقّ.
وقد جمع له المأمون العباسي علماء سائر الملل والأديان مثل: الجاثليق، ورأس الجالوت، ورؤساء الصابئين، وأصحاب زرادشت، ونسطاس الرومي، فسألوه فقطعهم واحداً بعد واحد([1]).
وكتب الرسالة الذهبية إلى المأمون فكتبها بماء الذهب، وهي رسالة شاملة لجميع أسس الإسلام من الحلال والحرام والفرائض والسنن.
ويقول محمّد بن عيسى اليقطيني: لما اختلف الناس في أمر أبي الحسن الرضا (ع) جمعت من مسائله ممّا سئل عنه وأجاب عنه خمس عشرة ألف مسألة([2]).
استقبله في نيسابور عشرون ألفاً من الفقهاء والعلماء والرواة وأصحاب الحديث([3]).
وإنّ من أسباب تقريب المأمون له وجعله ولياً للعهد، هو كونه مرجعاً علمياً للأمة وهذه المرجعية هي الأساس في مرجعيته الاجتماعية والسياسية.
ونكتفي بنقل أقوال ثلاثة من الباحثين في حقّه:
قال فيه يوسف بن إسماعيل النبهاني: أحد أكابر الأئمة ومصابيح الأمة، من أهل بيت النبوة، ومعادن العلم والعرفان والكرم والفتوة، كان عظيم القدر مشهور الذكر وله كرامات كثيرة([4]).
وقال فيه جمال الدين الأتابكي: كان إماماً عالماً سيد بني هاشم في زمانه وأجلّهم، وكان المأمون يعظّمه ويبجّله ويخضع له ويتغالى فيه حتّى إنّه جعله وليّ عهده من بعده([5]).
وقال فيه الذهبي: كان عليّ الرضا كبير الشأن، أهلاً للخلافة([6]).
المصدر: سایت الشیعه
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب: ج4، ص380.
[2] ـ الغيبة: 73، الشيخ الطوسي، مؤسسة المعارف ـ قم 1411هـ .
[3] ـ الصواعق المحرقة: 310.
[4] ـ جامع كرامات الأولياء 2: 256.
[5] ـ النجوم الزاهرة 2: 175.
[6] ـ سير أعلام النبلاء 9: 392.