بعد انتشار الإسلام في أنحاء مختلفة من الجزيرة، وظهوره كقوّة عقيديّة وسياسيّة وعسكريّة أخذت وفود العرب تفد على الرسول (ص) وتعلن إسلامها وولاءها، وأخذ الرسول يوجه كتبه ورسله إلى الملوك والرؤساء يدعوهم الى الإسلام، وكان ممّن وجّه إليهم كتبه أساقفة نجران. وبعدما وصلهم الكتاب اجتمع رأيهم على أن يكوّنوا وفدا ً يخوض حوارا ً عقيديّا ً وفكريّا ً مع الرسول (ص)، فارسلوا ذلك الوفد برئاسة أبي حارثة الأسقف، ودخلوا على الرسول (ص) وبدأ الحوار طوال ذلك اليوم ولم ينتهوا إلى شيء سوى الاصرار على عقيدتهم، فأراد الله تعالى أن يُظهـِرُ لهم نبوّة محمد (ص) بإجابة دعوته وبطلان عقيدتهم، فأنزل على نبيّه آية المباهلة: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ}[1].
فدعاهم النبي (ص) إلى الإبتهال وأن تجعل اللعنة على الكاذب، فقالوا: نباهلك غدا ً.
فغدا إليهم الرسول (ص) آخذا ً بيد الحسن والحسين تتبعه فاطمة، وعليّ بن أبي طالب بين يديه، ثمّ جثا الرسول على ركبتيه ثمّ ركع، فلمّا شاهدوا ذلك المنظر النبوي المجلـّل بالصدق والخضوع دخل الرعب إلى نفوسهم، وقال أبو حارثة الاسقف: يا أبا القاسم لا نباهلك، ولكنّا نعطيك الجزية، فصالحهم الرسول على ألفي حلّة من حلل الأواقي...[2].
[1] آل عمران 3: 61.
[2]تاريخ اليعقوبي2: 82
المصدر: http://www.sibtayn.com/ar