من المعلوم عند أهل البصائر أن العقيدة ليست أمراً هامشياً في حياة الانسان ،بل لها الدور المحوري في تشكيل الرؤية الفكرية والابستومولوجية عنده والمعبر عنها بالاصطلاح الكلامي (الرؤية الكونية) وهي التي تشكل المعالم النظرية لكل سلوك أو منهج أو طقوس أو غير ذلك، أي هي التي تحدد حركة الانسان ونظرته للمحاور الثلاثة الاساسية في حياة الانسان أي (الله) و(العالم) و(الانسان).
فالإنسان ما زال متفكراً في هذه الموجودات الثلاثة ويعتبر الموقف منها اساس العقيدة أو الرؤية الكونية المعرفية. ثم يتفرع على هذه الامور الثلاثة الاسئلة المحورية في حياة الانسان بحسب علم الانثربولوجيا وهي: أنه من اين؟ والى اين؟ ولماذا خلق؟
وسوف يختلف الجواب عن هذه الاسئلة باختلاف تحديد الموقف من المحاور الثلاثة السابقة، فهل يوجد خالق لهذا الكون أم لا وانما وجد صدفة محضة؟ وما هو دور الانسان في هذا الوجود، هل له امتياز عن بقية الموجودات ام هو كغيره من الموجودات؟ وهل الوجود الذي يحيط بالإنسان مادي صرف، أم يوجد وراء هذه المادة موجودات غير مادية؟ ومن أين جاء الانسان، ولماذا جاء، والى اين يكون؟
هنا تتحدد قيمة الانسان ومقامه في الوجود. وهنا يكون الوجود بكل موجوداته اما أمرا عبثيا لا هدفية له أو يكون له هدف وغاية وجد لأجلها؟ يكون الانسان فيها محور هذا الوجود باعتباره سيد الموجودات وان كل الموجودات الاخرى سخرت له اما بشكل مباشر أو غير مباشر.
مبدأ الغائية في الوجود:
هناك سؤال جوهري يطرح نفسه على ضوء ما قدمنا وهو هل ان الانسان خلق لأجل غاية وهدف أم خلق صدفة وعبث؟
الجواب: لا شك باننا لو قلنا بان لهذا العالم خالق عليم حكيم، وان من المستحيل وجود كل هذه الموجودات صدفة بدليل العقل والفطرة والتجربة.
قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ سورة ص آية (٢٧)
اذن لا بد لهذا الوجود من خالق، ويجب ان يكون لهذا الخالق هدف وغاية في خلقه لهذه الموجودات.
واذا أردنا ان نترك شأن بقية الموجودات ونركز الكلام على الانسان فحسب لأنه محور هذا العالم كما اسلفنا، فمن المؤكد انه داخل تحت نظام الغائية، لأنه مبدأ لا يمكن رفع اليد عنه بأي حال من الاحوال. وهنا نريد ان نسأل عن غاية وجود الانسان ما هي؟
الجواب: إن غاية وجود الانسان ترتبط بالتكامل الوجودي بحيث يتدرج في مدراج الوجود حتى يصبح انسانا كاملا ينطبق عليه قوله عز وجل: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ سورة البقرة [٣٠] وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ سورة النجم آية [٩]، وهو ما وصل اليه الوجود المقدس لسيد الخلق محمد المصطفى (صلى الله عليه واله)، وهو المعبر عنه بلسان العرفاء بـ (الانسان الكامل). قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ سورة التين آية[٤]. فوصول الانسان الى مرحلة الانسان الكامل هو نهاية الحركة التكاملية في عالم الوجود لان تلك المرتبة هي اعلى مراتب الوجود الامكاني.
والانسان الكامل هذا يتصف بانه: (قَدْ أَحْيَا عَقْلَهُ وَأَمَاتَ نَفْسَهُ حَتَّى دَقَّ جَلِيلُهُ وَلَطُفَ غَلِيظُهُ وَبَرَقَ لَهُ لَامِعٌ كَثِيرُ الْبَرْقِ فَأَبَانَ لَهُ الطَّرِيقَ وَسَلَكَ بِهِ السَّبِيلَ) – نهج البلاغة –خ ٢١٨. فهو الكامل من حيث الادراك والعقل، والكامل من حيث تهذيب النفس والسيطرة عليها من جميع القوى. وهو الكامل من حيث بذل الجهد في القرب من كمال الوجود المطلق حتى أصبح يتشبه به كما قال (صلى الله عليه واله): (تخلقوا بأخلاق الله) بحار الانوار ٥٨/١٢٩.
ومن الجدير بالذكر ان نقول: بان الغائية تنقسم الى قسمين:
الاول: الغائية الفردية، والثاني: الغائية العامة الاجتماعية (النوعية).
اما الغائية الاولى، فقد عرفت أن الانسان كفرد خلق لأجل الوصول الى حالة النضوج الانساني الكامل على جميع المستويات، من خلال السير والسلوك الى الله تعالى، وتطبيق الاوامر الالهية سواء بالعبادات او المعاملات، وهو الانقياد الكامل وتمحض العبودية لله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُنِ﴾ سورة الذاريات آية [٥٦]. فالإنسان من خلال ذلك يصبح مظهرا لأسماء الله تعالى ومحلا لتجلياته، وكلما ازداد علما وعملا ارتفعت درجته الوجودية حتى يبلغ الدرجة الاقصى.
الغاية الاجتماعية (النوعية):
واما القسم الثاني وهي الغائية الاجتماعية النوعية فهي تتعلق بالأمة والنوع البشري ككل وليس بالفرد بالخصوص، كما في قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ سورة ال عمران [١٠٤] وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ سورة البقرة آية [١٤٣]، وقوله: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ سورة الانبياء آية [٩٢].
فهذه الغاية لا ترتبط بالفرد بما هو فرد وانما بالأمة والنوع أجمع،أي ان الله تعالى يريد من النوع بما هو نوع ان يصل الى مرتبة الكمال النوعي او قل المجتمع الكامل. فكما عندنا فرد كامل لابد ان يكون عندنا مجتمع كامل.
ثم هناك اختلاف في عوامل وعناصر كل واحد من الفرد والنوع.
فلا بد من توفير كل المستلزمات لتكامل المجتمع البشري وفق القوانين الالهية والسنن الربانية التي هي بمثابة العلل الفاعلية لتحقق ذلك التكامل المنشود.
ان المشروع الالهي في ارسال الرسل وانزال الكتب والتعاليم الالهية لم يقتصر على الغائية الفردية، وانما عمل على تحقيق وبناء الغائية النوعية بشكل متواز تماما، لوجود الترابط الصميمي بين الفرد والمجتمع. كما قال (صلى الله عليه واله) (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى) صحيح البخاري ح ٦٠١١.
وهذا الترابط الصميمي بين الفرد والمجتمع يجعل الانسان في موضع المسؤولية عن بقية الافراد في كل المجالات.
قال صلى الله عليه واله: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ) بحار الانوار: ٧٢/٣٨ ولذا نجد ان الشريعة الاسلامية اولت اهتماما كبيرا لمسألة مراعاة المجتمع واوجبت اهتمام الافراد بأبناء النوع البشري ككل من دون استثناء، لانهم صنفان: (اما اخٌ لك في الدين واما نظير لك في الخلق) - نهج البلاغة.
اذن التكامل والرفاه، والتطور الاجتماعي لجميع النوع البشري غاية اساسية من غايات الدين، واحد علل بعثة الانبياء كما يؤكد ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ سورة الانبياء [١٠٧]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ سورة سبأ [٢٨]، فمقتضى الرحمة للعالمين والبشرى لهم بالنعيم والانذار لهم بالعذاب والجحيم يقتضي كون غاية الرسالة الالهية اصلاح المجتمع وايصاله الى مرحلة النضوج والتكامل من جميع الجهات.
الامام المهدي(عجل الله فرجه) والتكامل البشري
من المعلوم ان الامام المهدي (عجل الله فرجه) سوف يحقق غاية كل الرسالات الالهية، وأمنيات الانبياء والاوصياء والمصلحين على طول تاريخ البشرية. فهو الذي سوف يملئ الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً، وفي حكومته الزكية سوف يتكامل النوع الانساني، وهذا التكامل الانساني سوف يتجلى بعده مستويات:
المستوى الاول: التكامل العلمي
اذا كانت الحداثة هي إتباع كل أمر حديث ومحاولة الوصول الى أرقى المستويات العلمية والتكنولوجية، فان دولة الامام المهدي سوف تكون دولة حداثوية بامتياز، فالأمام سوف يأتي للناس بعلوم لم يعهدها ويطور العلم الى درجة لا يمكن تخيلها حالياً.
يقول الامام الصادق (عليه السلام): (العلم سبعة وعشرون حرفاً فجميع ما جاءت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً): مختصر بصائر الدرجات [١١٧].
طبعا المقصود من الحرف هو وحدة قياسية لمستوى العلم، مثل اي وحدة قياسية اخرى. وحينما يبث الامام هذه الدرجات الكثيرة التي تعادل اضعاف ما عند الناس من علم فلاشك بان ذلك سوف يؤدي الى طفرة علمية هائلة جداً.
وهذا التقدم العلمي الذي يصاحب دولة الامام المهدي (عليه السلام) سوف يكون على جميع الاصعدة التي يحتاجها الانسان، ومن المؤكدان ذلك يشمل الجانب الطبي والحياتي من الانسان، ولذا وردت الروايات لتؤكد بان الانسان في ذلك الزمان يعيش الف عام ،اي يكون متوسط عمر الانسان هو الف سنة، وما ذلك الا بسبب وسائل الطب والوقاية من الامراض وصناعة الادوية النافعة وازالة كل موجبات تلف الخلايا الذي يؤدي الى الهرم او الخلل في الاجهزة الاساسية لبقاء صحة الانسان، ولذا ورد عنهم عليهم السلام: (من ادرك قائم اهل البيت من ذي عاهة برأت ومن ذي ضعف قوي). بحار الانوار ج٥٢
وهكذا الحال في كل مجالات الحياة الانسانية حيث تتبدل الحياة بشكل عجيب بل وسوف لن تقتصر حياة الانسان على هذا الكوكب وانما سوف تكون هناك مستعمرات ضخمة في الكواكب الاخرى، وسوف يكتشف الانسان المجرات المجاورة وما فيها من نجوم وكواكب.
المستوى الثاني: التطور العقلي
من المؤكد ان قيمة الانسان بعقله لا بشيء آخر، فبه تميز عن بقية الموجودات، وهذا العقل بطبيعته عامل فعّال وقادر على ادراك كل مفردات الواقع وايصال الانسان الى اعلى المستويات، ولكن بسبب سوء التربية والتعليم والظروف المختلفة يتراجع العقل حتى يصبح الانسان في بعض الاحيان ادنى مستوى من البهيمة، ولذا جاءت الرسل الالهية لأجل ازالة كل المسببات الموجبة لغياب العقل تحت تراب وظلام الجهل والتخلف. ولذا قال امير المؤمنين (عليه السلام) في علة ارسال الانبياء: (فَبَعَثَ فِيهمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِياءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بَالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ) نهج البلاغة.
فالعقول فيها دفائن أي كنوز مدفونة بسبب العوامل السلبية التي تمر على الانسان، فيأتي المشروع الالهي لكي يعيد للإنسان عقله الكامل، وبذلك يستطيع ادراك الواقع بكل تفاصيله فيصل الى غاياته وامنياته.
والامام المهدي (عليه السلام) يبدأ بتنفيذ هذه المهمة على ارض الواقع بشكل عملي، حتى ينطلق الانسان في دولته وهو يملك اكبر سلاح يواجه به الحياة وهو العقل، ولذا يقول الامام الصادق (عليه السلام): (اذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به احلامهم). الكافي ج١ ص ٢٥
فعبارة (رؤوس العباد) فيها دلالة واضحة على ان هذا التطور العقلي سوف يشمل جميع النوع الانساني. ومن المؤكد ان قوله: (وضع يده) ليس المقصود به اليد الجارحة لعدم امكان ذلك من الناحية العلمية وانما المقصود به القدرة والقوة، او النعمة، بمعنى ان الامام له قدرة اعجازية على فعل ذلك، او من خلال وسائل طبيعية وتطور في الصحة العامة الامر الذي يؤدي الى تلك النتيجة، لاسيما وان من معاني اليد هو النعمة كما في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ﴾ سورة ص آية [١٧] أي ذي النعمة، فيكون المعنى ان الناس في ظل دولته المباركة تعيش حالة الرخاء والصحة الجسمية والنفسية والعقلية بحيث تكتمل العقول والاحلام.
ولا ريب بان ذلك يؤدي الى نتائج مذهلة على جميع الاصعدة، فلا تجد ذكراً للشرك ولا للنزاع ولا للعصبية ولا للطمع ولا لغير ذلك من الامور التي تؤدي بالإنسان الى السقوط والظلم والجور الكفران، ومن نتائج ذلك ان الناس تعبد الهاً واحداً لا شريك له، وتؤمن بجميع الانبياء والمرسلين، وتؤدي كل الواجبات الشرعية، وتترك كل المعاصي والمحرمات، وبذلك يتحقق الكمال النوعي للإنسان.
المستوى الثالث: التكامل الاجتماعي
ويترتب ويتمخض عن التكامل العلمي والعقلي نوع من التماسك الاجتماعي والوحدة الاجتماعية ،لان المجتمع آنذاك سوف يخلو من كل الامراض الاجتماعية المؤدية الى تفككه وانتشار الحقد والحسد والكراهية فيه. فلا جور ولا ظلم في زمانه عليه السلام، يصبح الاخ يحب اخيه، والجار لا يحسد جاره، وتسد كل عوامل الفساد والانحراف. وهو المعبر عنه بالمجتمع الصالح الذي سوف يستخلف الارض ويرثها، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ الانبياء[١٠٥]، قال الامام الباقر (عليه السلام) في تفسير الآية: (القائم عليه السلام واصحابه).
فالمجتمع الصالح هو المجتمع المؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر، المؤدي للتكاليف الالهية والمتجنب للحرمات السابق بالخيرات العامل للصالحات، وهذه المواصفات كلها تنطبق على مجتمع عصر الظهور المبارك.
ان وجود المجتمع الفاضل كان حلم جميع الانبياء والفلاسفة، بل هو حلم كل البشرية حتى الطالحون منهم، ولذا كتب افلاطون في المدينة الفاضلة وبين ان اهلها يكونوا من الحكماء والصلحاء، ولا شك بان ذلك ينطبق على دولة الامام المهدي (عليه السلام) ،لان اهلها سوف تكتمل عقولهم فهم حكماء، وسوف يصبحوا في غاية الايمان والتقوى فهم صلحاء.
المستوى الرابع: التكامل الاقتصادي
لا شك بان للجانب الاقتصادي والمالي الدور الاساس في رفاهية الانسان وسعادته لتحقيق امنياته وراحته، ومشكلة الفقر والعوز عصفت بالإنسان على طول التاريخ وجعلت منه سلعة تباع وتشترى، بل ان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (كاد الفقر ان يكون كفراً) فحينما يجوع الانسان سوف لن يتمكن من ممارسة اي عمل، فلابد من اشباع حاجة الانسان وسدها بشكل جيد حتى نستطيع ان نقول له: اتق الله، ولذا ورد عنهم عليهم السلام: (اللهم اني اعوذ بك من الكفر والفقر) ويقول ابو ذر الغفاري (رضي الله عنه): (عجبت لمن لم يجد قوت يومه، كيف لا يخرج للناس شاهرا ً سيفه).هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان الله تعالى جعل في هذه الارض كل الامكانات والخيرات التي يستطيع الانسان- اذا ما استثمرها- ان يعيش افضل الحياة، لان فيها الكفاية وفوق الكفاية، الا ان الانسان اما انه يستأثر بما يخرج منها فيشبع بعض ويجوع آخرون، واما انه يجهل بكيفية الاستفادة منها، وهنا يأتي دور الامام وحكومته الراشدة لكي يستفيد الانسان من كل خيرات الارض، حيث سوف يكون العدل هو السائد ويتم توزيع الثروة بشكل عادل بحيث لا يكون هناك فقير ابدا، ويتفاضل الناس اقتصاديا ً بأمور زائدة عن الحاجة، بل سوف يرتفع مستوى الادراك بحيث يصبح الانسان لا يأخذ الا بمقدار ما يحتاج اليه.
روي عن ابي جعفر (عليه السلام): (القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر تطوى له الأرض وتظْهرُ له الكنوز ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ويُظهرُ الله به دينه ولو كره المشركون فلا يبقى في الارض خراب الا عمّر.).). كمال الدين ص٣٣٠، وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله): (أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحاً" فقال رجل :ما صحاحاً؟ قال(صلى الله عليه وآله) بالسوية بين الناس، ويملأ الله قلوب أمتي محمد صلوات الله عليه غنى، ويسعهم عدله حتى يأمر منادياً ينادي يقول: من له في المال حاجة؟
فما يقوم من الناس إلا رجل واحد فيقول: ائت السدان -يعني الخازن- فقل له: إن المهدي(عليه السلام) يأمرك أن تعطيني مالاً. فيقول له: أُحث، حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم... الخ) دلائل الإمامة: ص ٢٤٩
اذن في دولة الامام المهدي (عليه السلام) تطور اقتصادي وثروة كبيرة ورفاه اقتصادي وعدالة اجتماعية عامة لا تدع فقيرا ومحتاجا ابدا.
المصدر: ابنا