عن الاسباطي قال : قدمت على ابي الحسن علي بن محمد المدينة الشريفة من العراق فقال لي ما خبر الواثق عندك ؟ فقلت : خلفته في عافية و انا من اقرب الناس به عهداً و هذا مقدمي من عنده و تركته صحيحاً فقال : انّ الناس يقولون انّه قد مات فلما قال لي : انّ الناس يقولون انّه قد مات فهمت انّه يعني نفسه فسكت ثمّ قال : ما فعل ابن الزيات ؟ قلت : الناس معه و الامر امره فقال : امّا انّه شؤم عليه ثم قال : لابد ان تجري مقادير الله و احكامه يا جيران مات الواثق و جلس جعفر المتوكل و قتل ابن الزيات فقلت متى ؟ قال : بعد نخرجك بستة ايّام فما كان الا ايّام قلائل حتى جاء قاصد المتوكل الى المدينة فكان كما قال .(احقاق الحق ص 451)
ونقل المسعودي انّ المتوكل امر بثلاثة من السباع فجيء بها في صحن قصره ثمّ دعا الامام علي النقي فلما دخل اغلق باب القصر فدارت السباع حوله و خضعت له و هو يمسحها بكمه ثم صعد الى المتوكل و تحدث معه ساعة ثم نزل ففعلت السباع معه كفعلها الاول حتى خرج فاتبعه المتوكل بجائزة عظيمة فقيل للمتوكل انّ ابن عمك يفعل بالسباع ما رايت فافعل بها ما فعل ابن عمك قال : انتم تريدون قتلي ثم امرهم ان لا يفشوا ذلك . (احقاق الحق ص 452)
و عن علي بن ابراهيم الطايفي قال : مرض المتوكل من خراج خرج بحلقه فاشرف على الهلاك و لم يحسن احد ان يمسه بحديد فنذرت ام المتوكل لابي الحسن علي بن محمد ان عوفيَ ولدها من هذه العلة لَتُعطيَنَهُ مالاً جليلاً من مالها ، فقال الفتح بن خاقان للمتوكل : لو بعثْتَ الى هذا الرجل يعني ابا الحسن فَسَأَلْتَهُ فربما كان على يده فرج لك فقال : ابعثوا اليه فمضى اليه رسول المتوكل فقال : خذوا كسب الغنم و ديفوه بماء الورد و ضعوه على الجراح ينفتح من ليلته بِأَحسَنِ ما يكون و يكون في ذلك شفاءه انشاء الله تعالى ، فلما عادَ الرسول و اخبرهم بمقالته جعل من يحضر المتوكل من خواصه يهزء به من هذا الكلام فقال الفتح : و ما يضر من تجربة ذلك فاني و الله لَأرجو به الصلاح فعملوه و وضعوه على الجراح فانفتح من ليلته و خرج كلما فيه فشفيَ المتوكل من الالم الذي كان يجده فاخذت ام المتوكل عشرة آلاف دينار من مالها و وضعتها في كيس و ختمت عليه و بعثت به الى ابي الحسن (ع) فاخذها و بعث اليه المتوكل بفضله كيسا فيه خمسمائة دينار ثم بعد ذلك بمدة طويلة كبيرة سعى شخص يقال له البطحاني بابي الحسن (ع) الى المتوكل و قال : عنده اموال و سلاح و عُدَد و لا آمن خروجه عليك فتقدم المتوكل الى سعيد الحاجب بان يهجم على داره ليلاً مع جماعة الرجال و الشجعان و ياخذ جميع ما يجده عنده من الاموال و السلاح و يحمله اليه ، قال ابراهيم بن محمد قال لي سعيد الحاجب : سرتُ الى دار ابي الحسن ليلاً بعد أنْ هجع الناس في جماعة من الرجال الانجاد و معي الاعوان بالسلالم فصعدنا الى سطح داره و فتحنا الباب و هجمنا بالشموع و السرج و النيران و فتشنا الدار جميعاً اعلاها و اسفلها موضعاً موضعاً و مكاناً مكاناً فلم نجد فيها شيئاً مما سُعيَ به عليهِ غير كيسين احدهما كبير ملآن مختوم و الآخر صغير فيه فضلة و سيف واحد في جفير خلِق معلّق و وجدنا ابا الحسن قائماً يصلي على حصير و عليه جبة صوف و قلنسوة و لم يرتع لشيء مما نحن فيه و لا اكترث فاخذت الكيسين و السيف و سرت الى المتوكل فدخلت عليه و قلت : هذا الذي وجدنا من المال و السلاح و اخبرته بما فعلت و بما رايت من ابي الحسن فوجد على الكيس الملآن ختم امّه فطلبها و سألها عنه فقالت : كنت نذرت في علّتك إنْ عافاك الله منها لَأُعطيَنَّ ابا الحسن عشرة آلاف من مالي فحملتها اليه في هذا الكيس و هذا ختمي عليها فاضاف المتوكل خمسمائة دينار اخرى الى الخمسمائة التي كانت في الكيس الصغير من قبل و قال لسعيد الحاجب : اردد الكيسين و السيف و اعتذر لنا منه ، قال سعيد : فرددت ذلك اليه و قلت له : امير المؤمنين يعتذر اليك مما جرى منه و قد زادك خمسمائة دينار على الخمسمائة دينار التي كانت في الكيس من قبل و اشتهي منك ياسيدي أنْ تجعلني انا الآخر في حِل فأنّي عبد مأمور و لا اقدر على مخالفة امير المؤمنين فقال لي يا سعيد : (( و سيعلم الذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون)) احقاق الحق ص 452 ج 12
المصدر: http://www.sibtayn.com/ar