سمي بالباقر لأنّه بقر العلم، أيّ شقّه فعرف أصله وخفيه([1]) وتوسع فيه([2])، وسمي كذلك لبقره العلوم واستنباطه الحكم، وكان عارفاً بالخطرات معرضاً عن الجدال والخصومات([3]).
وقد اعترف بعض معاصريه بمرجعيته العلمية للفقهاء والعلماء وعموم الناس، وفي ذلك قال عبد الله بن عطاء: ما رأيت العلماء عند أحدٍ أصغر علماً منهم عند أبي جعفر، لقد رأيت الحَكَم عنده كأنّه متعلِّم([4]).
وقال محمّد بن المنكدر: ما رأيت أحداً يفضل على عليّ بن الحسين حتّى رأيت ابنه محمداً أردت أن أعظه فوعظني([5]).
وقد اعترف بهذه المرجعية جمع من الرواة والمحدثين ومن كتبوا في علم الرجال ومنهم:
الذهبي: جمع بين العلـم والعمـل والسـؤدد والشرف والثقة والرزانة، وكان أهلاً للخلافة([6]).
صلاح الدين الصفدي: جمع العلـم والفقـه والديـانة والثقة والسؤدد، وكان يصلح للخلافة([7]).
ابن حجر الهيثمي: أظهر من مخبآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحكم واللطائف، مالا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة أو فاسد الطوية والسريرة([8]).
واعترف الحاكم الأموي هشام بن عبد الملك بمرجعيته العامة فقال له: يا محمّد لا تزال العرب والعجم تسودها قريش مادام فيهم مثلك([9]).
وقال المنصور العباسي: لو حدثني أهل الأرض كلهم ما قبلت منهم، ولكنّه محمّد بن عليّ ([10]).
وفي الواقع العملي كان مرجعاً للفقهاء والعلماء من بقايا الصحابة والتابعين، فقد روي انّ جابر بن عبد الله الأنصاري على شيخوخته كان يأتيه ويتعلم منه ويقول: يا باقر لقد أوتيت الحكم صبياً([11]).
وقال له قتادة فقيه أهل البصرة: لقد جلست بين يدي الفقهاء وأمام ابن عبّاس فما اضطرب قلبي من أي أحد منهم مثل ما اضطرب قلبي منك([12]).
وفي تعقيب للشيخ محمد أبو زهرة علي حوارٍ جرى بين الإمام الباقر والإمام أبي حنيفة، قال: ومن هذا نتبيّن إمامة الباقر للعلماء، يحاسبهم على ما يبدر منهم وكأنّه الرئيس يحاكم مرءوسيه ليحملهم على الجادة، وهم يقبلون طائعين تلك الرئاسة([13]).
وقد حدّث عنه جملة من الفقهاء والعلماء ومنهم: أبناؤه، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، والزهري، وربيعة الرأي، الأعمش، والأوزاعي، وابن جريح.
وقد روي عنه أخبار المبتدأ، وأخبار الأنبياء، وكتب عنه المغازي وآثروا عنه السنن، واعتمدوا عليه في مناسك الحج التي رواها عن رسول الله (ص)، وكتبوا عنه تفسير القرآن.
وروت عنه الخاصة والعامة الأخبار، وناظر من كان يرد عليه من أهل الآراء، وحفظ عنه الناس كثيراً من علم الكلام([14]).
وسئل عن الحديث يرسله ولا يسنده فقال: إذا حدثت بالحديث فلم أسنده، فسندي فيه أبي زين العابدين عن أبيه الحسين الشهيد عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله (ص) عن جبرائيل عن الله عزّ وجلّ([15]).
وهو الذي اُخبر المنصور بملك الأرض شرقها وغربها وطول مدته، وقال: وليلعبنّ بهذا الملك صبيانكم كما يُلعب بالكرة([16]).
وكانت له مواقف حاسمة من أصحاب الضلالة كالزنادقة والغُلاة والمجسِّمة والمفوِّضة.
المصدر: سایت الشیعه
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ الوافي بالوفيات 4: 102.
[2] ـ مرآة الجنان 1: 194.
[3] ـ البداية والنهاية 9: 309.
[4] ـ مختصر تاريخ دمشق 23: 79.
[5] ـ تهذيب التهذيب 4: 313.
[6] ـ سير أعلام النبلاء 4: 402.
[7] ـ الوافي بالوفيات 4: 102.
[8] ـ الصواعق المحرقة: 304.
[9] ـ دلائل الإمامة: 105.
[10] ـ الفرائد الغوالي 6: 143.
[11] ـ علل الشرايع: 234.
[12] ـ إثبات الهداة 5: 176.
[13] ـ تاريخ المذاهب الإسلامية: 689.
[14] ـ الإرشاد: 264.
[15] ـ إعلام الورى: 294.
[16] ـ الصواعق المحرقة: 307.