أن تكون مصريًّا فهذا يعني أنك بالفطرة متعلق قلبك بأهل البيت الكرام، الذي يتصل حبهم الشديد بالميراث الروحي للمصريين على مدار عقود طويلة، كما تمثل مراقد آل البيت علیهم السلام مزارًا يشعرون من خلاله بروحانيات تشد من الأزر وتشحذ الهمم وتريح النفوس التي لطالما أتعبتها مشاق الحياة والسعي على المعيشة.
عد أن قدمت السيدة زينب (س) إلى مصر، احتضن المصريون شجرة أهل البيت وتعلقت أرواحهم بهم وهم بينهم على قيد الحياة، وأخذوا على عاتقهم حفظ سيرتهم، كما أنهم يمثلون بعد رحيلهم النور الذي يضيء الظلمات والبركة التي يستمدونها من خلالهم، إضافة إلى هذا تجد أن أغلب المصريين يسمون الأبناء والأحفاد بأسماء زينب و علي و حسن و حسين و رقية ونفيسة وسكينة علهیم السلام.
إذا تجولت في أحياء القاهرة فلا بد أن تجد قبة أومئذنة أو آية قرآنية كتبت على جدار مسجد أو واجهة سبيل، وتمتليء العاصمة بمراقد أهل البيت التي يزورها المصريون التي يعتبرونها ملاذًا ومقصدًا لهم.
وخلال أيام السنة وفي شهر رمضان على وجه الخصوص، يزداد الارتياد إلى آل البيت ومقاماتهم لإضفاء الروحانية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مسجد السيدة زينب الذي يقع في حي السيدة زينب في القاهرة حيث أخذ الحي اسمه من صاحبة المقام الموجودة في المسجد، ويعتبر الحي الذي يقع فيه المسجد من أشهر الأحياء الشعبية في القاهرة، والمشهور أن المسجد مبني فوق مقام السيدة زينب (س) بنت علي بن أبي طالب (ع) و أخت الحسن والحسين علهیم السلام .
أما درة المقامات عند المصريين مقام سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) في مسجده بحي الحسين في القاهرة القديمة، وبني المسجد في عهد الفاطميين عام 549 هجرية، تحت إشراف الوزير الصالح ويضم المسجد ثلاثة أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي وباب آخر بجوار القبة يعرف بالباب الأخضر.
ويأتي مسجد السيدة نفيسة الذي يقع في منطقة السيدة نفيسة في القاهرة في الحي المسمى قديمًا بـ”درب السباع” ويقع في بداية الطريق المسمى أهل البيت، حيث يصبح المشهد النفيسي هو المحطة الثانية في هذ الطريق بعد مشهد الإمام علي زين العابدين (ع) مقام رأس زيد بن علي.
وطريق آل البيت طريق طويل يبدأ بمقام زين العابدين وينتهي بمقام السيدة زينب بنت علي مرورًا بالسيدة نفيسة والسيدة سكينة بنت الحسين والسيدة رقية بنت علي بن أبي طالب وسيدي محمد بن جعفر الصادق والسيدة عاتكة عمة الرسول محمد (ص)، جدد المشهد النفيسي في عهد العثمانيين في عهد الأمير عبد الرحمن كتخدا.
ويقيم المصريون احتفالات متنوعة بآل البيت تصطبغ بروح مصرية أصيلة جذبت الكثير من سكان الأقاليم في مصر، وكذلك السائحين الأجانب والسائحين العرب.
يقول الزائرون إن مراقد آل البيت بها روحانيات لا يشعر بها أي زائر إلا من اختصهم الله سبحانه وتعالى بها، مؤكدين أن أهل بيت رسول الله لهم مكانة عند رسول الله؛ لذلك أصبح للسيدة زينب والسيدة نفيسة والإمام الحسين وعلي زين العابدين مكانة غالية في قلوب المصريين.
ومهما حاول المتطرفون التشكيك في وجود بعض آل البيت في مصر أو النيل من سيرتهم العطرة، فسيجد المصريين أمامه “درع وسيف” يحمون بكل قوتهم المكانة الغالية لأهل البيت التي هي جزء لا يتجزأ من عقيدة شعب أرض الكنانة.
*أحمد عبد العزیز
المصدر: شفقنا