اكد ان العلوي هو شيعي والشيعة هي العلوية ذاتها أي الذين يتبعون الامام علي (ع). سيد سينان بوزتبة
جاء ذلك على لسان “سيد سينان بوزتبة” أحد كبار قادة الطائفة العلوية التركية ورئيس عتبة أهل البيت (ع) بمنطقة “جرغزكوي” في حوار أجرته معه “شفقنا” حول مجتمع العلويين وقضاياه المهمة. ويسعى هذا الحوار لتسليط الضوء على جوانب من فكر العلويين ومجتمعهم في تركيا.
وعن تعريفه للعلوية بوصفه أحد الكبار والقادة الفكريين للوسط العلوي في تركيا وعلام يطلق لفظ “العلوي”؟ قال بوزتبة إن العلوي يعني تولي الإمام علي (ع)، إن تعريفنا للعلوية قائم على تولي الامام علي (ع). وحسب الاحاديث المتواترة والمتفق عليها، فان الامام علي (ع) ولد في الكعبة واستشهد في محراب المسجد. وقد انقضت كل حياة الامام علي (ع) بين الكعبة والمحراب. لذلك فان “العلوية” في منظورنا كامنة بين الكعبة والمحراب.
وعن نطاق نشاطاته قال هذا الزعيم الفكري لعلويي تركيا انهم أسسوا مؤسستهم في منطقة “تراكيا” عام 2006. كما وضعوا الحجر الاساس لعتبتهم عام 2010 واستمر بناؤها حتى عام 2015، وبدأوا نشاطهم بصورة منتظمة خلال الاعوام الأربعة الاخيرة. ويتم في هذه العتبة التي تعتبر نموذجية في منطقة تراكيا وحتى كل تركيا، اقامة الصلوات اليومية وصلاة الجمعة مع مراعاة تقاليد الوسط العلوي. وتلقى الكلمات أيام الخميس فيما تقام مراسم العزاء والحداد في شهر محرم، كما يجتمع الناس في العتبة في شهر رمضان لتناول الافطار.
وتابع انه يتم في فصل الصيف والإجازات تشكيل فصول تعليم القرآن للاطفال. ويوجد بجانب العتبة مطبخ ومطعم وفندق، مفتوح للجميع. إن عتبتنا ليست مخصصة للعلويين وحدهم بل لجميع المسلمين. إننا نرحب برحابة صدر بجميع المسلمين ولذلك قمنا بسد فراغ كبير في المجتمع. إننا نرد بوضوح وجلاء من خلال هذه النشاطات والبرامج على الإفتراءات والتهم التي توجه ضد العلويين. ولسنوات مديدة يتهم العلويون “بانهم لا يعرفون القرآن، ولا يقبلون بالقرآن”. إننا ندحض عمليا هذه التهم.
وعما اذا كانت ثمة نزعة في تركيا تؤمن ب”العلوية بدون علي (ع)” قال بوزتبه: اقول باسف وحزن، نعم أن هناك من يؤمن بالعلوية بدون الامام علي (ع). وقد زادت بعض الجمعيات والمؤسسات في السنوات الاخيرة من نشاطاتها لتعزيز هذه الفكرة والمعتقد. فقد شرع هؤلاء ببناء البيوت الجماعية تأسيسا على فكرتهم. لاسيما فكرة “العلوية بدون علي (ع)” والتي يشكل الإلحاد أسها واساسها، ويقومون بترويجها بين الشبان. إننا نشاهد باسى وحزن هذه الظاهرة المريرة في المجتمع ونتصدى لها.
وعما اذا كان هناك في الوسط العلوي من يتقبلون فكرة وعقيدة “العلوية بدون علي (ع)” اعرب هذا الزعيم للطائفة العلوية في تركيا عن اسفه لوجود هكذا اشخاص. موضحا ان هذا التيار بدأ في اوروبا. وقد تأسست الجمعيات العلوية حول فكرة “العلوية بدون علي (ع)” في اوروبا لاسيما في المانيا. ان القرائن والشواهد السائدة في المجتمع تشير الى ان الحكومة الالمانية تقف خلف هذا التيار. “وحتى انه يمكنني القول ان الفاتيكان يقف وراء هذا التيار. إنهم يمولون المؤسسات والجمعيات المنحرفة التي تنزع الى فكرة “العلوية بدون علي (ع)” وقامت ببناء وتدشين البيوت الجماعية.
وتابع ان تيار “العلوية بدون علي (ع)” ينكر الله ويرفض الانبياء الالهيين والاسلام. وحسب معتقد هؤلاء فان الائمة الاثنا عشر لا يحظون باي منزلة مادية ومعنوية. إن أس وأساس هذا الاعتقاد هو ربما إنتقاء من المذاهب الاخرى بما فيها “شامان” (دين الأتراك القديم). وحتى أنه تشاهد بعض عقائد المسيحية واليهودية فيه. إن مركز وبؤرة هذه الفكرة موجودة في أوروبا ومن ثم انتقلت إلى مناطق اخرى من العالم. على سبيل المثال فان استراليا اعترفت على اثر ضغوطات هذه الجماعات، بالعلوية ك “دين جديد”. كما تم في استراليا تهميش المؤسسات الاسلامية العلوية. وقال ادعو الشبان العلويين الى عدم الوقوع في فخ هذا التيار.
وردا على سؤال حول مدى التزام الوسط العلوي بزيارة العتبات المقدسة للائمة المعصومين (ع) وهل يولي الناس اهمية لها ويعملون بها، اعرب سيد سينان بوزتبه عن اسفه لانه لا يتم ايلاء الاهمية لهذا الموضوع، لكن المسالة تكتسي اهمية اكثر الان مقارنة بالماضي. فمثلا قامت مجموعة من عشرة الاف شخص من تركيا بالمشاركة في زيارة الاربعين العام الماضي وكان من بينهم عدد لا باس به من العلويين. فعدد العلويين في تركيا يصل الى قرابة 15 مليون نسمة مشددا على ضرورة العمل بالمسؤولية وتشجيع الوسط العلوي لزيارة العتبات المقدسة.
وعن المشاكل التي يمر بها العلويون في تركيا اكد ان اهم مشكلة للعلويين تتمثل في الجهل وعدم الاطلاع. ان الشاب عديم الاطلاع والخبرة والمجتمع الذي يعاني من الجهل كيف يمكن له المضي قدما بالوسط العلوي؟ ان اهم واكبر مشكلة للوسط العلوي هو الابتعاد عن علوم مكتب اهل البيت (ع). ويجب من اجل ذلك اعداد وتنشئة العلماء المثقفين الواعين وان توضع المؤسسات العلوية بتصرف هؤلاء العلماء. لكن لا تنجز اي نشاطات في تركيا في هذا المجال.
واضاف انه لا توجد مدرسة أو مركز او جامعة تهتم بتنشئة وتعليم علماء الدين العلويين، لكننا نامل ان يحصل ذلك. لذلك فان الشبان العلويين يذهبون الى خارج البلاد لتلقي العلوم، وسابقا كانوا يذهبون الى مدارس الشام، والان يتوجهون ايضا الى مدارس العراق والنجف الاشرف وايران وقم. لكننا نرى انه يجب تاسيس مدارس على غرار مدارس النجف وقم في تركيا.
وعما اذا كان يرى ان التشيع والعلوية سيان؟ وما الفرق بينهما؟ قال هذا الزعيم الديني للطائفة العلوية في تركيا ان هذا الكلام يطلقه انصار تيار “العلوية بدون علي (ع)”. انهم يريدون فصل العلويين عن الدين الاسلامي ويقومون بشاطات واسعة في هذا المجال. ويقول شاعر علوي يدعى “اكاهي” عاش في العصر العثماني في هذا الخصوص:
إني اكاهي، علوي، ومذهبي الشيعة.
واكد ان العلوي هو شيعي والشيعة هي العلوية ذاتها أي الذين يتبعون الامام علي (ع). ويسعى البعض لفصل العلويين عن محبي مدرسة اهل البيت (ع) لذلك يقولون “ان العلويين هم بمناى عن الشعية” كما يقول البعض “اننا علويو الاناضول”. وهل هناك علوي اناضولي وعلوي عراقي وعلوي شامي وعلوي ايراني …؟ الكل سواسية. العلوي هو علوي في كل مكان. اي ان اتباع الامام علي (ع) في كل العالم سواسية. ولا فرق بينهم.
لذلك كان يستخدم مصطلح الشيعة لعلويي الاناضول قبل 350 عاما وكانوا يعتبرونهم شيعة. كما جاء في الوثائق والمستندات القديمة ان مصطلح العلوي كان يطلق على جميع الشيعة وفي الوقت ذاته تستخدم كلمة العلوي لابناء الامام علي (ع) والذين هم من ذرية الامام علي (ع). ان فصل العلوي عن الشيعة هو فخ. فالبعض يرمي الى فصل العلويين عن مدرسة اهل البيت (ع) العالمية. لكن الشبان العلويين وفي ظل الدراسة والتحري افشلوا هذه الخطة. وقال مؤكدا “ان كلامي الاخير والقطعي هو ان جميع العلويين شيعة وجميع الشيعة علويين”.
وعن طبيعة الاجراءات الاخيرة للحكومة لتسوية مشاكل العلويين وماذا يتوقعون منها في هذا المضمار اعرب بوزتبة عن اعتقاده انه ان نظر السياسيون الى قضايا ومشاكل العلويين بنظرة حميمية وبالنظرة التي ينظر اليها العلويون، فان المشاكل ستحل. ان العلوية ليست قضية سياسية حتى تعالج في الاروقة السياسية. بل العلوية هي مسالة عقائدية. فكيف للسياسيين ان يعالجوا قضية عقائدية. اني ارى ان الساسة لا يملكون برنامجا خاصا في هذا المجال.
وعن عدد العلويين قال ان مجموع العلويين سواء اكانوا من العلويين انفسهم او بكتشاي في منطقة تراكيا والجعفرية في مدينتي اغداير وقارص والعلويين العرب في مدينتي مرسين وحاتاي يصلون الى 15 مليون نسمة. يضاف الى ذلك قرابة ثلاثة ملايين علوي يعيشون في البلدان الاوروبية.
وعما اذا كان يتفق مع المزاعم القائلة بان ايران تحاول تشييع علويي تركيا، قال انه لا يتفق مع هذه المزاعم اطلاقا لان العلويين هم الشيعة ذاتهم. فالعلوي يعني اتباع وانصار الامام علي (ع) اي هو الشيعي نفسه. اذن فهل تريد ايران ان تجعل العلويين يتحولون الى العلوية؟ فهذا ادعاء مثير للسخرية. فان كانت الحكومة الايرانية مسيحية مثلا، فهذا الزعم كان يمكن تصديقه.
ومضى يقول: ومن جهة اخرى فان بيننا نحن وايران علاقة قلبية وصلة عريقة. ان ضريح الامام علي بن موسى الرضا (ع) الامام الثامن للعلويين في مدينة مشهد الايرانية. وكذلك ضريح اخت الامام الثامن السيدة فاطمة معصومة (س) بمدينة قم الايرانية. فهذه نقاط تجعلنا نتواصل نحن العلويون مع ايران وخراسان.
واكد ان هذا الكلام من “ان ايران تسعى لتشييع علويي تركية” هو فخ وحيلة. اننا مواطنون اتراك، وان الضغط والتدخل الايراني على علويي تركية غير ممكن ولم يحصل هذا الامر ابدا.
واوضح ان خلف هذه المزاعم يقف تيار “العلوية بدون علي (ع)”. فهؤلاء يتابعون اهدافهم. وحتى أن احد زعماء هذا التيار كان قد قال قبل فترة “ان كان طريق الجنة يمر عبر ايران فاني سابحث عن طريق اخر، فهل هناك طريق اخر؟” والكل يعرف ان مطلق هذا الكلام هو عميل وكالة الاستخبارات المركية الامريكية (سي اي اية). وبتقديري فان القضية لا تتعلق بالتشيع ايضا. لان مركزا فكريا دوليا يتابع خطة خاصة، لان القوى الامبريالية وعملاء الصهاينة يبثون هذه القضايا بين الناس. ونحن نقول “ان العلوي هو الشيعة بعينه، فهل تريدون تشييعه”؟.
وعن سبب وجذور هذا الخوف والمزاعم قال، ان السبب يعود الى الثورة التي وقعت في ايران. ففي عام 1979 حصلت الثورة الاسلامية في ايران وبدات الاحزاب والتيارات الدولية المعارضة لهذه الثورة في ارجاء العالم محاولات لتقويضها. ولكي لا يقع علويو تركيا تحت اثر هذه الثورة، وان يبقوا بعيدين عن مدرسة اهل البيت (ع) ويبقى الوسط العلوي في جهل، يقومون بنشر وترويج هذه المزاعم.
وردا على سؤال لمراسل شفقنا من ان شهر محرم يمثل مرحلة مهمة في الفكر الشيعي، فما الفعاليات التي يقوم بها العلويون وعما اذا كانت تفي بالغرض، اعرب بوزتبه عن اعتقاده بان الفعاليات المتبعة حاليا لا تفي بالغرض والامر ناجم عن الجهل وعدم المعرفة. فعلى الوسط العلوي ان يكتسب معرفة حقيقة عن الائمة الاثني عشر (ع) ويجب دراسة نهضة الامام الحسين (ع) بكافة جوانبها ونقلها الى الوسط العلوي. ويجب التطرق في مجالس العزاء والحداد الى المزيد من الموضوعات العلمية والابعاد الحقيقية لواقعة كربلاء.
واضاف انه ان اولى الوسط العلوي في تركيا اهمية اكثر لقضية العلم والتعلم، فانها ستنال موقعها الذي تستحقه في المجتمع التركي. ويبدو لي ان المشاكل ستحل مع الوقت، وقد تحقق تقدم ملفت خلال السنوات الاخيرة.
وعن المحاولات التي يبذلها البعض لجعل اهل السنة يقفون بوجه العلويين في تركيا قال اننا مررنا بمثل هذه الحوادث المرة. فقبل وبعد انقلاب 1980، حدثت مواجهات بين اهل السنة والعلويين في مدن ماراش وتشوروم وسيواس وملطية. لكن العلويين واهل السنة المقيمين في الاناضول، لهم خصائصهم الخاصة بهم، فهم بمقدروهم ترميم علاقاتهم الحسنة بسرعة ومواصلة العيش معا بسلام.
لذلك فان قوى الشر لم ولن تنال مبتغاها في منطقة الاناضول. وطبعا هناك واجب جسيم يثقل كاهلنا بهذا الخصوص. يجب علينا ان نتقبل اهل السنة كاخوة واشقاء لنا، كما ان يتقبل اهل السنة العلويين كاخوة واشقاء لهم، ويجب اعلان ذلك للجميع، وطبعا ان مخططات القوى الامبريالية لا نهاية لها، انهم سيحيون الذكريات المريرة لزرع الشقاق والخلاف بين العلويين والسنة، انهم سيواصلون اعمالهم الشريرة، اننا نقف في الصف الرحماني ولم ولن نخوض القضايا الخلافية.
وفي ختام حديثة دعا سيد سينان بوزتبه العلويين الى التوجه نحو القرآن واهل البيت، لان لا خيار اخر لديهم معتبرا ان هذه الحقيقة تتحقق على ارض الواقع من خلال القراءة وتعلم العلوم وزيارة العتبات المقدسة للائمة المعصومين (ع).
ونقل عن علماء الدين العلويين الذين تشرفوا بزيارة النجف الاشرف ولقاء اية الله السيستاني ان السيد السيستاني قال في اللقاء “انتم العلويون، كنتم حمائم مرقد الامام علي (ع) وتم تهجيركم من هنا، ألم يحن الوقت للعودة؟” اي ان وقت زيارة ضريح الامام علي (ع) قد حان، وحتى ان الوقت قد تاخر بعض الشئ.
ودعا الى ابعاد الشبان عن التيار والغدة السرطانية المتمثلة في “العلوية بدون علي (ع)” التي تنبع من اوروبا وانتقلت الى تركيا وقال ان الايمان بالله والمعاد والنبي الاكرم (ص) واهل البيت (ع) كان سائدا في الثقافة العلوية الاصيلة، لكن في الدورات اللاحقة، سادت المعتقدات المأخوذة من التناسخ والزرادشتية. قائلا علينا ان نناضل من اجل الحفاظ على قيمنا ومعتقداتنا والا فاننا لن نعطي الجيل التالي شيئا، لان هناك من يحاول القضاء على قيمنا ويجعلنا خاليي الوفاض.
المصدر: شفقنا