إنَّ أجمل ما رأيته في كربلاء هو كيف انتصر القتيل على القاتل، فالاستشهاد الّذي سعى إليه الحسين جعله حياً، وما زال حياً، وسيبقى حياً في الغد والمستقبل
ألقى رئيس جامعة الحكمة السابق الدكتور المونسنيور كميل مبارك كلمة في المجلس العاشورائي في قاعة الزهراء (ع) في مجمع الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، جاء فيها: “في هذه الذكرى المباركة، وأنا أقف أمامكم وبينكم، أودّ أن أختطف منكم شيئاً من بريق الحسين (ع)، فهذا الحدث الذي يظن الكثيرون أنه خاص بجماعة دون أخرى، إنما يندرج في إطار الأحداث الكبرى التي حصلت في التاريخ، وهي للإنسانية جمعاء، وما جرى في كربلاء نموذج على ذلك”.
ورأى المونسنيور مبارك أنَّ ما جرى في كربلاء هو دعوة إلى الديمقراطية قبل تجسيد هذا المفهوم في المجتمع الإسلامي، والذي يختصر بمفهوم الشورى، وما قيامة الحسين في كربلاء إلا لإعادة هذه الشورى التي سقطت وسقطت معها الديمقراطية والشراكة.
وأضاف: “النقطة الثانية تمثلت في الأخوة الإنسانية التي هي مصدر للمساواة بين كلّ الناس، والتي تجلَّت في كربلاء في هذا التنوع، سواء في الديانات أم في اللون أم في العرق، وكلهم لم يتركوا هذا القائد الذي اعتبروه مشعلاً من المشاعل التي يقتدون بها في ساحات الظلام”.
وقال مبارك: “نسمع في هذه الأيام الكثير ممن يتحدَّث عن حرية الرأي والتعبير. هذه الحرية يجب أن تكون مرتبطة بالحق والخير، وإلا انقلبت إلى فوض، فهذه الحرية هي التي نادى بها الحسين(ع)، لأنه كان يدعو إلى خير الأمة جمعاء، رافضاً كل أنواع الظلم والطغيان، وواقفاً في وجه كل من يريد أن يغتصب حقاً ليس له”.
وتابع: “في كربلاء، كان هناك تقديس لكرامة الإنسان، لأن هذه الكرامة أعطيت من الله عندما خلقه”، معتبراً أنَّ الحكومات إنما تأتي في هذه الأيام لتقول للناس أعطيكم حقاً من حقوقكم، ولكن ليس لها منة، لأنها اختطفت حقاً ثم أعادته لهم.
وأشار مبارك إلى أنَّ في كربلاء تجلَّت بوضوح مصلحة الأمة فوق المصلحة الذاتية والفردية، فالحسين ضحَّى بنفسه فداء لها.
وقال: “إنَّ أجمل ما رأيته في كربلاء هو كيف انتصر القتيل على القاتل، فالاستشهاد الّذي سعى إليه الحسين جعله حياً، وما زال حياً، وسيبقى حياً في الغد والمستقبل”.
وختم كلامه بالقول: “حذار أن تقتلوا الحسين مرة أخرى، من خلال الابتعاد عن تعاليمه وأهدافه ومبادئه وسلوكه، فهو أمانة إنسانيَّة بين أيديكم”.
المصدر: شفقنا