أخيرا وبعد أكثر من ثلاثة أعوام من الحصار المطبق الذي عانت منه بلدتي كفريا والفوعة...
يقول تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) البقرة 84-85.
أخيرا وبعد أكثر من ثلاثة أعوام من الحصار المطبق الذي عانت منه بلدتي كفريا والفوعة التابعتين لمحافظة إدلب في الشمال السوري وعديد المحاولات التي تعرضت لها البلدتان من قبل الجماعات الإرهابية الوهابية فضلا عن القصف العشوائي الذي لم يسلم منه الحجر والبشر لا لذنب ارتكبه هؤلاء الأبرياء سوى أنهم من شيعة أهل البيت عليهم السلام.
هذه المرة اكتمل تنفيذ الاتفاق حيث أفشلت الجماعات الإرهابية اتفاقا سابقا في أبريل 2017 إثر تفجير إرهابي بسيارة مفخخة استهدف منطقة تجمع الحافلات التي تنقل أهالي بلدتي كفريا والفوعة في منطقة الراشدين غرب حلب. وأفاد مراسل المنار أن عدد الشهداء والجرحى تخطى الـ 220.
وأفادت وكالة سانا بأن إرهابيين فجروا سيارة مفخخة في منطقة تجمع الحافلات وسيارات الإسعاف التي تنقل 5 آلاف مواطن من أهالي كفريا والفوعة المتوقفة منذ أكثر من 24 ساعة في منطقة الراشدين.
ولفتت الوكالة إلى أن التفجير الإرهابي “تسبب باستشهاد وإصابة عشرات المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء ووقوع دمار كبير بالحافلات وسيارات الإسعاف”.
اليوم جرى إخلاء مئات من أعضاء جماعة ”الخوذ البيضاء“ السورية القاعدية العاملة في خدمة أمريكا وإسرائيل على وجه السرعة عبر الحدود إلى الأردن بمساعدة إسرائيل وقوى غربيةحيث قال رئيس وزراء الكيان الصهيوني في تسجيل مصور مقتضب، أنه تصرف بناء على طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعماء آخرين.
وأضاف ”قبل أيام قليلة تحدث إلي الرئيس ترامب وكذلك رئيس الوزراء الكندي (جاستن) ترودو وآخرون طالبين أن نساعد في إخراج الخوذ البيضاء من سوريا. حياة هؤلاء الأشخاص، الذين أنقذوا أرواحا، معرضة للخطر الأن. وبالتالي سمحت بنقلهم عبر إسرائيل إلى دول أخرى كبادرة إنسانية مهمة“.
أن تكون وهابيا عميلا للكيان فأنت مستحق للرحمة والتدخل الإنساني العاجل أما الشيعة فلا أحد سيتدخل لإنقاذهم أو حتى يستنكر ما تعرضوا له من غدر وإجرام.
في كتاب (تاريخ حلب) لكامل الحلبي الغزي: لم يزل يوجد في قضاء إدلب وجبل سمعان عدة قرى يسقطنها الشيعة مثل كفرية الفوعة والنغاولة ونبل والغالب على أهل هذه القرى الثراء والغنى لطيب تربة أراضيهم وجودة معرفتهم بالفلاحة إلا أنهم ليسوا اصحاب نفوذ وهم إمامية اثنى عشرية وفيهم علماء يسافرون في طلب العلم إلى بغداد ومشهد الحسين، والفوعة قرية عظيمة تضاهي قصبة وأهلها معروفون بالتشيع من قديم الزمان وفيهم أولوا أنساب علوية عالية.
استقر سكان البلدتين في أراضيهم مئات السنين إلى أن هبت رياح عاد وثمود فاقتلعتهم من أرضهم وديارهم ظلما وعدوانا.
المخجل أن ما جرى على كفرية والفوعة في القرن الحادي والعشرين وقبلها نبل والزهراء هو ذاته ما جرى لبلدان أخرى ربما لا يتخيل المرء أنها كانت يوما ما ذات أغلبية شيعية.
من هذه البلدان مدينة القدس حيث يقول عارف باشا العارف في كتابه (تاريخ القدس): أصبحت القدس فاطمية سنة (969م) وكان فيها يومئذ عشرون ألفا من السكان جلهم من الشيعة وكانت مشهورة بخصب تربتها وصابونها وتينها وقطنها وعنبها ولكنها من الناحية السياسية كانت تالية في الأهمية لمدينة الرملة.
ومن المؤسسات الفاطمية في بيت المقدس (البيمارستان) وهو أول مستشفى أسس فيها وكان ينفق عليه مبالغ طائلة تأتي عن طريق البر والإحسان وكان بها أيضا دار العلم وهي فرع لدار الحكمة التي أسست في مصر عام 1004 للميلاد.
كما يذكر عارف باشا أن الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي قام بإعادة إعمار المسجد الأقصى بعد أن تعرضت المدينة لزلزال كاد يودي بقبة المسجد الأقصى لولا أنه ركض لتعميره فجاء أحسن مما كان عليه من قبل.
تعرض شيعة القدس ومسلموها عامة للإبادة بعد ذلك مرتين مرة على يد الأوباش السلاجقة أجداد أردوجان ثم على يد الغزاة الفرنج حيث شطبت تلك الحقيقة التاريخية من التاريخ ولم يعد يأتي أحد على ذكرها.
خلاصة القول أن العالم الإسلامي في حقبته الوهابية السوداء قد أصبحت أخلاقه أكثرانحطاطا من أخلاق أبي جهل وأبي لهب!!.
وإنا لله وإنا إليه راجعون
دكتور أحمد راسم النفيس
المصدر: النفیس