الإمام زين العابدين عليه السلام الذي أكمل دور والده الإمام الحسين فكان له الدور الأبرز بإعادة توعية الناس ونشر الصورة الحقيقية لما جرى في كربلاء.
لا شك وبعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام أن بني أمية لعبوا دورا أساسيا لتشويه الحق وانشاء الفرق الفكرية المعارضة والمضللة، فوصل بهم الأمر الى تصفية المعارضين والموالين لأهل البيت عليهم السلام، بالاضافة الى نشر افكار بدع الضلالة وحركة الإرهاب التي مارسوها ضد مذهب التشيّع ومذهب اهل البيت، وهنا جاء دور الإمام زين العابدين عليه السلام الذي أكمل دور والده الإمام الحسين فكان له الدور الأبرز بإعادة توعية الناس ونشر الصورة الحقيقية لما جرى في كربلاء.
الشيخ المصري: الإمام زين العابدين حمل شعار ثورة الاصلاح لوالده
وفي هذا السياق، وفي ذكرى استشهاده عليه السلام، يقول رئيس الجمعية العاملية لإحياء التراث الشيخ قاسم المصري، لما خرج الإمام الحسين “ع” حاملا شعار “اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي”، حمل الإمام زين العابدين الشعار هذا بصورة عملية وفعليه، فكان في كل مناسبة يُذّكر الناس بوالده الإمام الحسين وتضحياته، حتى قيل انه ما وضع طعام امامه إلا وخنقته العَبرة، وكان يقول لقد قتل ابن بنت رسول الله جائعا، وهذا من باب اعلام الناس، فكان هذا التذكير الدائم شعارا للاصلاح في الامة رافقه طيلة فترة حياته حتى مع الظالمين وهذا ما تجسد في خطبته الشهيرة، والتي أصرت على استمرارية الثورة الى يومنا هذا والتي بيّن فيها احقيته بالخلافة وذكّر برسول الله “ص” وبين مكانته.
لا يوجد في كل الانظمة والقوانين الوضعية و غير الوضعية التي وجدت في هذه الدنيا ادقّ وامتن مما نشره الإمام زين العابدين في رسالة الحقوق، يقول الشيخ المصري، وهذه الحقوق عبارة عن اعطاء كل انسان حاجته وما يستحق من قيمة مادية كانت او معنوية بصورة معتدلة، حيث اعطى عليه السلام للشعرة في البدن حق، كما اعطى للخالق العظيم حق، فمن اصغر الاشياء الى اعظمها في الوجود اوجدها الامام في هذه الرسالة، فركز على القيمة المادية والمعنوية وما يُرى وما لا يُرى.
ووضع الشيخ المصري مقاربة بين رسالة الحقوق للإمام زين العابدين وحقوق الانسان بالامم المتحدة، حيث اشار الى ان الاخيرة هي مجموعة تجارب واجتهادات توصل اليها الانسان ولا شك انها انقص من رسالة الحقوق للامام زين العابدين فتلك اتم وأكمل، اما حقوق الامم المتحدة فهي لم تراعي الحقوق المعنوية على الاطلاق على عكس رسالة الحقوق للإمام، مشددا على ان الحقوق المعنوية للانسان هي اعظم بكثير من الامور المادية فهي تنسجم من جهة ولكنها اعم واشمل من جهة كبيرة جدا فتكون تلك الحقوق التي وصل اليها الانسان بتجاربه انقص مما ذكره الامام.
ولفت الى ان رسالة الامام وادعيته ورواياته لا تعطى دائما حقها فهي لها بعد اعظم بكثير من المعنى الظاهري الذي يقرؤه الناس ومن يتأمل بأدعيته ومناجاته بمجالات مختلفة يكتشف ان ما اشار اليه الامام برسالته ابعد بكثير من التفسيرات الظاهرية.
واشار الشيخ المصري انه لو طبقت هذه الرسالة لما واجهنا ازمات في مجتمعاتنا، ولكن المشكلة هي اننا لا نراعي حقوق شيء ان من حيث حقوق الانسان والحاكم والناس والطبيعة والاقتصاد والسياسية…وغيرها، بل نحن نأخذ جانبا من الجوانب ونسير به أكثر من حدوده وندع الجوانب الاخرى حيث يختل التوازن، وتقول الآية القرآنية: “ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها”.
كعدي: رسالة الحقوق رسالة مبادئ اخلاقية وانسانية
ويتفق الكتاب المسيحي الدكتور ميشال كعدي مع الشيخ المصري بالقول، اذا لم تؤخذ رسالة الحقوق كما عرفناها ودرّسناها ودوّناها للعالم سنبقى كما نحن واذا درسوها نكون بذلك قد وصلنا الى المبتغى الذي يريده الانسان. مشددا على ان رسالة الحقوق هذه هي رسالة مبادىء اخلاقية وانسانية.
وقال كعدي “لقد أرست هذه الرسالة مدماكا في عظمة الاسلام ودعائم حقوق البشر، معتبرا أن “مدرسة الامام السجاد الحقوقية هي مدرسة تمتاز بمشعل الحق وطريق الهداية، رسالة خص بها الانسان فاستفادت منها المجتمعات الانسانية واخذ عنها المتعلم والامي، وهي أربت على الخمسين حقا انسانيا عاما”.
كعدي وفي كتابه “الإمام زين العابدين والفكر المسيحي” الذي اضاء على حياة الإمام السجاد ورسالة حقوقه، يقول في حديث خاص لـ”شفقنا”، لم أكتب عن الإمام زين العابدين عفوا ولا صدفة انما جاء بعد بحث مطول وقراءات كثيرة، فوجدت الإمام قد ذكر مرات عديدة الإنجيل والأنبياء والرسل الذين اخذوا حيزا كبيرا في المسيحية، وعندما كتبت الإمام زين العابدين والفكر المسيحي تبادر الى ذهني مرات عديدة بوعي او لا وعي انني أقرأ للإمام علي “ع”.
ولكن لماذا والفكر المسيحي؟ يقول كعدي: لان الإمام زين العابدين درس المسيحية وعرفها معرفة قريبة جدا من الواقع وعرفها بأصالتها وكينونتها وديمومتها ولكن الامام ذكر الراهب والانجيل والمسيح وكل ما يمت للمسيحية بصلة.
يذكر ان إمامةُ الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام استمرت أربعة وثلاثين عاماً بعد استشهاد والده.
ملاك المغربي
المصدر: شفقنا