القرآن وتطبيقات النظرية

flower 12
 
 

أمامن الآيات الكريمة التي نزلت في أهل البيت ، أو كان أهل البيت سبباً في نزولها ، حيث تقع حادثة من الحوادث في مسيرة المسلمين تكون سبباً لنزول بعض آيات القرآن الكريم فيها بالخصوص ، أو بصورة عامة ، وعندما تكون الحادثة ذات علاقة بأهل البيت(عليهم السلام)أو بأحدهم ، تصبح الآية من هذه الطائفة من الأيات([38]) . 
وأشير هنا إلى مجموعة من هذه الآيات الكريمة ، كمثال على هذه الطائفة من الآيات : 
المثال الأول : الآيات في سورة الإنسان ، هذا إذا لم نجعلها ـ كما فعلنا ـ من الطائفة الأولى([39]) ، وهي بذلك تمثل بعد الهدف في النظرية . 
المثال الثاني : ما ورد في سورة البقرة من قوله تعالى : 
( وَكَذلِكَ جَعَلْنَـكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا . . . )([40]) ، فإن هذه الآية تدل ـ كما تشير مجموعة من أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) ، كما ذكرنا في النظرية ـ على أنَ الشهداء على الناس يراد منهم أهل البيت ، وهي بذلك تصبح من الطائفة الأولى ـ أيضاً ـ ولكن إذا قلنا بأنَّ السبب في نزولها هو أهل البيت(عليهم السلام)فتكون من الطائفة الثانية . 
المثال الثالث : قوله تعالى : 
( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّنْ رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَـبُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً . . . )([41]) 
حيث نزلت هذه الآية الكريمة في علّي(عليه السلام)باعتبار كونه الشاهد الذي يتلو رسول الله(صلى الله عليه وآله)وهو ـ أيضاً ـ من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، لأنَّه نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله)بدلالة آية المباهلة . 
وقد ذكر نزول هذه الآية في علّي(عليه السلام)السيوطي في الدر المنثور من عدة طرق([42]) ، كما ذكر ذلك ـ أيضاً ـ المتقي الهندي في كنز العمال([43]) ، وكذلك أشار إليه الفخر الرازي في الوجه الثالث من تفسير الشاهد([44]) . 
وأكد ذلك الطبرسي في مجمع البيان ، وذكر رواية عن أبي جعفر الباقر وأبي الحسن علي بن موسى الرضا(عليهما السلام) ، ونقله عن الطبري ، ونقل في تأويل الآيات الظاهرة عن ابن طاووس في سعد السعود عن محمد بن العباس ، أنَّه روى في كتابه من ستة وستين طريقاً باسانيدها ، نزولها في علي(عليه السلام)([45]) . 
المثال الرابع : 
( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَـبِ )([46]) 
حيث أنَّ المراد من قوله : 
( . . . وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَـبِ ) 
هو الإمام علي(عليه السلام) ، فقد روى الكليني بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام)في قول الله : 
( . . . قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَـابِ ). 
قال : 
«إيّانا عنى ، وعليٌّ أوّلنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبيّ(ص)»([47]) . 
المثال الخامس : الآيات التي وردت في قوله تعالى : 
( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّة عَلَى الْكَـفِرينَ يُجَـهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِم ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللهُ وَ سِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَ كِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَـلِبُونَ )([48]) 
فإن هذه الآيات الثلاث التي تدل على ولاية الإمام علي(ع) وضرورة ولائه مقارناً بولاية الله ورسوله وولاء الله ورسوله ، نزلت بسبب تصدقه في الركوع ، عندما جاءه سائل في الصلاة ، فتصدق عليه بخاتمه أو بردائه . 
فقد ذكر الفخر الرازي (في ذيل تفسير ـ هذه الآيات ـ وقال قوم : إنَّها نزلت في علي(عليه السلام)ـ ثم ـ قال ويدل عليه وجهان : 
الأول : إنه((صلى الله عليه وآله)) لما دفع الراية إلى علي(عليه السلام)يوم خيبر قال : «لأدفعن الراية غداً إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»([49]) ، وهذا هو الصفة المذكورة في الآية . 
والوجه الثاني : إنه تعالى ذكر بعد هذه الآية قوله : 
( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَا كِعُونَ ) ، وهذه الآية في حق علي(ع) ، فكان الأولى جعل ما قبلها أيضاً في حقه)([50]) . 
وقد أجمع علماء أهل البيت أنَّ آيتي الولاية نزلت في علي(عليه السلام) ، كما روي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السلام)ويؤيد هذا القول أنَّ النبي وصفه بهذه الصفات المذكورة في الآية ، «فقال فيه وقد ندبه لفتح خيبر : ـ بعد أن ردَّ عنها حامل الراية إليه مرة بعد أُخرى وهو يجبّن الناس ويجبنونه ـ لأعطين الراية غداً رجلاً يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله كراراً غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يده ، ثم اعطاها إياه ، فأما الوصف باللين على أهل الإيمان والشدة على الكفار والجهاد في سبيل الله ، مع أنَّه لا يخاف فيه لومة لائم ، فمما لا يمكن أحداً دفع عليٍّ عن استحقاق ذلك ، لما ظهر من شدته على أهل الشرك والكفر ، ونكايته فيهم ومقاماته المشهورة في تشييد الملة ونصرة الدين والرأفة بالمؤمنين ، ويؤيّد ذلك أيضاً انذار رسول الله(ص) قريشاً بقتال عليّ لهم من بعده ، حيث جاء سهيل بن عمرو في جماعة منهم فقالوا له : يا محمد إنَّ ارقّاءَنا لحقوا بك فارددهم علينا ، فقال رسول الله : لتنتهين يا معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلاً يضربكم على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله ، فقال له بعض أصحابه : من هو يا رسول الله أبو بكر ، قال : لا ، قال : فعمر ، قال : لا ، ولكنَّه خاصف النعل في الحجرة ، وكان عليٌّ يخصف نعل رسول الله(ص)»([51]) . 
كما ذكر في تأويل الآيات الظاهرة : (اتفقت روايات العامة والخاصة على أنَّ المعني بـ(الذين آمنوا) أنَّه أمير المؤمنين(عليه السلام)لأنه لم يتصدق أحد وهو راكع غيره)([52]) . 
كما نقل ابن طاووس : أنَّ محمد بن العباس ، يروي حكاية نزول الآية الكريمة (آيتي الولاية) والولاية العظيمة من واحد وثلاثين طريقاً وذكر ثلاثة من هذه الروايات([53]) ، وكذلك ذكر صاحب إحقاق الحق مجموعة كثيرة وبأسانيد متصلة كلها من رواة جمهور المسلمين ، ثم عدد الرواة وسماهم([54]) . 
وتدل هذه الآيات على بُعد الشهادة والإصطفاء . 
المثال السادس : ما ورد من قوله تعالى في سياق الحديث عن بعض أزواج النبي ، وموقفهن من إفشاء الأسرار والتصرف بما لم يرضَ الله ورسوله ، في مقام الوعظ والتهديد لهن : 
( إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَـهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَـهُ وَجِبْرِيلُ وَصَـلِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَـئِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ )([55]) 
حيث ذكر المفسرون ـ شيعة وسنة ـ أنَّ هذه الآية الكريمة نزلت في عليٍّ ،وأنَّ المراد بـ ( وَصَـلِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) هو عليٌّ(ع)([56]) . 
فقد روى السيوطي في ذيل تفسير الآية الكريمة ، عن أسماء بنت عميس وابن عباس ـ بطرق متعددة ـ أنَّ رسول الله(ص) قال : 
( وَصَـلِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) 
هو عليٌّ بن أبي طالب(عليه السلام)([57]) . 
كما روى ذلك أيضاً في كنز العمال عن ابن حجر في صواعقه ، والعسقلاني عن الطبري ، عن مجاهد ، وعن النقاش عن ابن عباس ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق : أنَّ ( وَصَـلِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) 
عليّ بن بن أبي طالب(عليه السلام)([58]) . 
ونقل الهيثمي في مجمعه «قال : وعن حبيب بن يسار لما أصيب الحسين بن علي(عليهما السلام)قام زيد بن أرقم على المسجد فقال : افعلتموها؟!! أشهد لسمعت رسول الله((صلى الله عليه وآله)) يقول : اللهم إني استودعكهما وصالح المؤمنين»([59]) . 
وبذلك تصبح هذه الآية الكريمة مؤكدة لآيات الولاء والولاية ، وتدل في الوقت نفسه مع الآيات السابقة على بُعد الامتداد للرسالة في الإمام علي(عليه السلام) ، لأنه امتداد لله تعالى وللرسول(صلى الله عليه وآله) ، كما تدل على الامتياز بالتقّوى التي هي الأصل في كل تكريم إلهي ، وتطبيق ذلك على علي(عليه السلام) . 
المثال السابع : قوله تعالى : 
( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَآجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ وَجَـهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَيَسْتَوُنَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَيَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـلِمِينَ )([60]) 
نزلت هذه الآية الكريمة في علي والعباس وطلحة ، حيث افتخر كل واحد منهم بشيء ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت الحرام بيدي مفتاحه وإلي ثياب بيته ، وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، وقال علي(عليه السلام) : ما أدري ما تقولان ، لقد صليت ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية والآية التي تليها . 
وقد روى ذلك الواحدي في أسباب النزول ، والطبري في تفسيره ، وذكره الفخر الرازي في ذيل هذه الآية ، وتفسير سورة التكاثر ، والسيوطي في الدر المنثور ، من عدة طرق وصور([61]) . 
المثال الثامن : ما ورد في قوله تعالى : 
( . . . وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّ سِخُونَ فِى الْعِلْمِ . . . )([62]) 
حيث فُسر (وَالرَّ سِخُونَ فِى الْعِلْمِ) 
بأهل البيت(عليهم السلام) ، في مجموعة من الروايات المعتبرة الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام)([63]) . 
وكلتا الآيتين تؤكدان بُعد الامتياز بالعلم والإيمان والجهاد ، وهي أبعاد أكدها القرآن الكريم في عدة مواضع ، وإنَّها سبب للامتياز الحقيقي ، وفي هاتين الآيتين تطبيق لذلك على علي(عليه السلام) . 
المثال التاسع : ما ورد في قوله تعالى : 
( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد )([64]) ، وقد فُسر (الهادي) بعلي(عليه السلام)فقد روى الحاكم في مستدرك الصحيحين ، عن علي(عل) : (رسول الله(ص) المنذر وأنا الهادي) قال : ـ أي الحاكم ـ هذا حديث صحيح الاسناد([65]) ، وذكر ذلك عنه ـ أيضاً ـ المتقي في كنز العمال والهيثمي في مجمعه ، إلا أنَّه ذكر بان الهادي رجل من بني هاشم ، يعني به نفسه(ع) . 
كما رواه الطبري والفخر الرازي والسيوطي والمتقي في كنز العمال عن الديلمي عن ابن عباس ، قال : لما نزلت 
( إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد ) 
وضع((صلى الله عليه وآله وسلم)) يده على صدره فقال : «أنا المنذر ، ولكل قوم هاد وأومأ بيده إلى منكب علي(ع) فقال : أنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون بعدي»([66]) . 
و(هاد) هنا في الوقت الذي تدل على الاصطفاء ، تدل ـ أيضاً ـ على الامتداد للرسول في مهمات الرسالة . 
المثال العاشر : قوله تعالى : 
( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُنَ )([67]) 
فإنها نزلت في علي(ع) والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، فقد روى الطبري عن عطاء بن يسار : كان بين الوليد وبين علي(عليه السلام)كلام ، فقال الوليد بن عقبة : أنا ابسط منك لساناً ، وأحدّ منك سناناً ، وأردّ منك للكتيبة ، فقال علي(عليه السلام) : اسكت فانك فاسق فانزل الله فيهما : 
( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُنَ * أَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـلِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّـتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَ هُمُ النَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ النَّارِ الَّذِى كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ)([68]) ، وذكر ذلك الزمخشري والسيوطي والواحدي والخطيب البغدادي في الرياض النضرة ، عن ابن عباس ، وكذلك ذكره السيوطي ، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى([69]) . 
وهذا يدل على الامتياز الخاص لعلي(عليه السلام) . 
المثال الحادي عشر : قوله تعالى : 
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )([70]) 
نزلت في الإمام علي(عليه السلام) ، عندما بات على فراش رسول الله(ص) ليلة هجرته الى المدينة المنورة ، فقد رواى ذلك الرازي في تفسيره([71]) ، وذكره في أسد الغابة بسنده عن الثعلبي([72]) . 
وروي عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب حين هرب النبي(صلى الله عليه وآله)عن المشركين إلى الغار ونام علي(عليه السلام)على فراش النبي(صلى الله عليه وآله) . . ([73]) . 
المثال الثاني عشر : 
( يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ . . . )([74]) 
حيث ورد تفسيرها في علي(عليه السلام) . ذكر الواحدي عن أبي سعيد الخدري قال : نزلت هذه الآية : 
( يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ . . . ) 
يوم غدير خم في علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)([75]) . 
وكذلك جاء في تفسير الرازي ذيل تفسير قوله تعالى : 
( يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ . . . ) 
والعاشرـ من الوجوه التي قالها المفسرون في نزولها ـ قال :نزلت الآية في فضل علي ابن أبي طالب(ع) ولما نزلت هذه الآية أخذ بيده وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه ، فلقيه عمر فقال : هنيئاً لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة([76]) . 
المثال الثالث عشر : 
( . . . الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ . . . )([77]) 
حيث اتفق المفسرون من علماء الجمهور وعلماء أهل البيت ، إنَّها نزلت في الإمام علي(عليه السلام) ، ذكر ذلك السيوطي في ذيل تفسير هذه الآية ، عن ابن مردويه ، وابن عساكركلاهما عن أبي سعيد الخدري قال : لما نصب رسول((صلى الله عليه وآله)) علياً يوم غدير خم فنادى له بالولاية ، هبط جبريل(عليه السلام)عليه بهذه الآية 
( . . . الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ . . . ) 
وكذلك ذكره االخطيب وابن مردوية وابن عساكر عن أبي هريرة([78]) . 
وهاتان الآيتان تؤكدان بُعد الولاية بصورة أوضح . 
المثال الرابع عشر : 
( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نَـجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَ كُمْ صَدَقَةً . . . )([79]) 
وقد ورد أنَّه لم يعمل بهذا الأمر الإلهي أحدٌ ، إلاّ علي بن أبي طالب(ع) ، لأنَّه قد نسخ هذا الامر بعد ذلك([80]) ، حيث أتفق علماء التفسير من الفرقين على أنَّها نزلت في علي(عليه السلام) . 
فقد رواه الطبري في تفسيره ، عن مجاهد ، وذكره الواحدي في أسباب النزول ، والفخر الرازي في تفسيره . وفي موضع ثاني من تفسيره ، عن ابن جريح والكلبي وعطا ، عن ابن عباس ، وكنز العمال عن عامر بن واثلة ، والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى : 
( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نَـجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَ كُمْ صَدَقَةً . . . ) 
قال : وأخرج سعيد بن منصور . . والحاكمـ صححه ـ عن علي(ع)([81]) . 

   

المصدر:  سایت السبطین

      

________________________________________
([38]) ويلاحظ في هذه الطائفة من الآيات الكريمة ، أنَّ بعضها نزلت في أهل البيت بصورة عامة ، وبعضها نزلت في خصوص الإمام علي(عليه السلام)كرمز لأهل البيت(عليهم السلام)في ذلك الوقت ، ولعل أكثر آيات هذه الطائفة من النوع الثاني ، ولذا فإنَّ هذه الطائفة يمكن أن نقسمها إلى قسمين ، أو نجعلها طائفة واحدة ، عندما نجمع بين هاتين الحالتين . 
([39]) وذلك لأن الضمائر إذا فسرت فيها بأهل البيت ، فهي من الطائفة الأولى ، وإذا فسرت بصورة عامة ، فهي من الطائفة الثانية . 
([40]) البقرة : 143 . 
([41]) هود : 17 . 
([42]) راجع الدر المنثور 4 : 409 ـ 410 . 
([43]) كنز العمال 2 : 439 ، برقم : 4439 ـ 4441 . 
([44]) التفسير الكبير 17 :201 . 
([45]) مجمع البيان 3 : 150 ، وتأويل الآيات الظاهرة : 232 . 
([46]) الرعد : 43 . 
([47]) الكافي 1 : 229 ، حديث : 6 . 
([48]) المائدة : 54 ـ 56 . 
([49]) ويؤكد هذا الإستظهار ، أنَّ هذا الوصف الذي ذكره رسول الله كان في حادثة مهمة ، استطالت لها أعناق كبار المسلمين ، بعد فشلهم في فتح الحصن المذكور ، بحيث يمكن أن نقول أنَّ ذلك أصبح وصفاً معروفاً للإمام علي(عليه السلام) ، مما يشكل ظهوراً عرفياً في المجتمع في فهم الآية الكريمة ، ولاسيما عندما يضاف إليها الوجه الثاني الذي ذكره ، مما يؤكد ذلك . 
([50]) فضائل الخمسة 1 : 328 ، و 2 : 19 ـ 23 ، وذكر ابن عساكر 2 : 409 ـ 410 ، في تفسير هذه الآية : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَ كِعُونَ ) ، روايتين أنَّها نزلت في حق علي((عليه السلام)) ، والتفسير الكبير 12 : 18 ـ 32 . 
([51]) مجمع البيان 2 : 208 ، مستدرك الصحيحين 3 : 122 ، تاريخ ابن عساكر 3 : 127 ـ 136 . 
([52]) تأويل الآيات : 156 ، طبعة 2 ، وذكر بعض الروايات عن الخاصة ، وفي مراجعتها الكثير من الفائدة . 
([53]) سعد السعود : 142 ـ 145 ، تحقيق شيخ فارس الحسون . 
([54]) الواحدي في أسباب النزول : 201 ، برقم : 396 ، والسيوطي في أسباب النزول : 147 ، برقم : 429 ـ 434 ، وبعدة طرق ، وجامع الأصول 8 :664 ، برقم : 6515 ، ومن رام التفصيل فليراجع إحقاق الحق 2 : 399 ـ 415 . 
([55]) التحريم : 4 . 
([56]) نقل الطبرسي : (ووردت الرواية من طريق الخاص والعام أنَّ المراد بصالح المؤمنين أمير المؤمنين علي(عليه السلام)وهو قول مجاهد . 
وفي كتاب شواهد التنزيل بالإسناد عن سدير الصيرفي عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : «لقد عرَّف رسول الله(صلى الله عليه وآله)علياً(عليه السلام)أصحابه مرتين أما مرَّة فحيث قال : من كنت مولاه فعلي مولاه وأما الثانية فحيث نزلت هذه الآية : ( فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَـهُ وَجِبْرِيلُ وَصَـلِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) الآية أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله)بيد علي(عليه السلام)فقال : أيها الناس هذا صالح المؤمنين» ، راجع مجمع البيان 5 : 316 . 
([57]) الدر المنثور 8 : 224 . 
([58]) كنز العمال 2 : 539 ، برقم : 4675 . 
([59]) مجمع الزوائد 9 : 194 . 
([60]) التوبة : 19 . 
([61]) فضائل الخمسة 1 : 325 ـ 327 ، عن أسباب النزول : 248 ، برقم : 494 ، والطبري 14 : 171 ، برقم : 16562 ، و172 ، برقم : 16565 ، التفسير الكبير 16 : 11 و32 : 76 ، بعنوان (المسألة الرابعة) ، الدر المنثور 4 : 145 ـ 147 . 
([62]) آل عمران : 7 . 
([63]) تأويل الآيات الظاهرة : 106 ـ 107 ، حديث : 2 و3 و4 ، طبعة 2 . 
([64]) الرعد : 7 . 
([65]) مستدرك الصحيحين 3 : 129 ـ 130 ، طبعة دار الفكر . 
([66]) فضائل الخمسة 1 : 313 ـ 314 ، عن الطبري 16 : 357 ، برقم : 20161 ، طبعة دار المعارف بمصر ، والتفسير الكبير 19 : 14 ، والدر المنثور 4 : 608 ، ومن عدة طرق ، وكنز العمال 2 : 441 ، برقم : 4443 ، باختلاف في اللفظ ، وكذلك رواه ابن عساكر في تاريخه 2 : 417 ، حديث : 916 ، حيث جاء ما لفظه عن ابن عباس ، قال : لما نزلت «( إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد ) قال النبي((صلى الله عليه وآله)) : أنا المنذر وعلي الهادي بك ياعلي يهتدي المهتدون» . 
ويمكن جعله من الطائفة الثالثة لما ورد عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : «المنذر رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، والهادي أمير المؤمنين(عليه السلام)بعده والأئمة(عليهم السلام) ، وهو قوله : (ولكل قوم هاد) ، البحار 23 : 20 ، حديث : 16 ، عن تفسير القمي . 
([67]) السجدة : 18 . 
([68]) السجدة : 18 ـ 20 . 
([69]) فضائل الخمسة 1 : 315 ـ 316 ، عن الكشاف 3 : 245 ـ 246 ، والدر المنثور 6 : 553 ، والوسيط 3 : 454 ، والرياض النضرة 3 : 178 ـ 179 
([70]) البقرة : 207 . 
([71]) التفسير الكبير 5 : 223 ـ 224 . 
([72]) قال : رأيت في بعض الكتب أنَّ رسول الله(ص) لما أراد الهجرة خَلَفَ علي بن أبي طالب(عليه السلام)بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده ، وأمره ـ ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار ـ أن ينام على فراشه ، وقال له : إتشح ببردي الحضرمي الأخضر فإنَّه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى ، ففعل ذلك فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل(عليهما السلام) : إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة فاختار كلاهما الحياة ، فأوحى اللهUإليهما أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين نبيي محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟ إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فنزلا فكان جبريل عند رأس علي(عليه السلام) ، وميكائيل عند رجله ، وجبريل ينادي بخ بخ من مثلك يابن أبي طالب يباهي اللهUبك الملائكة فأنزل اللهUعلى رسوله ـ وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي(عليه السلام) ـ ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) ، أُسد الغابة 3 : 600 ـ 601 ، وذكره غير واحد من علماء الجمهور ، راجع فضائل الخمسة 2 : 345 ـ350 . 
([73]) وروي أنَّه لما نام على فراشه قام جبريل عند رأسه وميكائيل عند رجله وجبريل ينادي بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ، راجع مجمع البيان 1 : 301 . 
([74]) المائدة : 67 . 
([75]) أسباب النزول : 204 ، برقم : 403 . 
([76]) التفسير الكبير 12 : 49 ـ 50 ، وجاء عن العياشي عن ابن عباس ، عن جابر بن عبدالله ، قالا : أمر الله محمداً(صلى الله عليه وآله)أن ينصب علياً(عليه السلام)للناس . . فأوحى الله إليه هذه الآية فقام بولايته يوم غدير خم ، وذكر صاحب شواهد التنزيل عن ابن عباس قال : «نزلت هذه الآية في علي(عليه السلام)فأخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله)بيده(عليه السلام)فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» ، وكذلك رواها الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس مثله ، مجمع البيان 2 : 223 . 
وكذلك ذكر صاحب كتاب شواهد التنزيل لمن خص بالتفضيل : 8 ـ 59 ، أكثر من ثلاثين طريقاً من كتب الجمهور في تفسير هذه الآية ، أنها نزلت تأكيداً لولاية أمير المؤمنين علي(عليه السلام) . 
ذكر ابن عساكر 1 : 82 ، حديث : 582 ، تحت عنوان (اعتراف عمر بن الخطاب بمولوية علي بن أبي طالب(عليه السلام)تصديقاً لحديث الغدير) عن أبي فاخته ، قال : أقبل علي وعمر جالس فى مجلسه فلما رآه عمر تضعضع وتواضع وتوسع له في المجلس ، فلما قام علي قال بعض القوم : يا أمير المؤمنين إنك تصنع بعلي صنيعاً ما تصنعه بأحد من أصحاب محمد . قال عمر : وما رأيتني أصنع به؟ قال : رأيتك كلما رأيته تضعضعت وتواضعت وأوسعت حتى يجلس . قال : وما يمنعني والله أنَّه مولاي ومولى كل مؤمن!!! . 
راجع كتاب شواهد التنزيل لمن خص بالتفضيل : 8 ـ 59 ، فإنه ذكر أكثر من وثلاثين طريقاً في تفسير هذه الآية ، وأنها نزلت تأكيداً لولاية أمير المؤمنين علي(عليه السلام) . 
([77]) المائدة : 3 . 
([78]) راجع مجمع البيان 2 : 159 ، في تفسير هذه الآية ، وفضائل الخمسة 
1 : 439 ، وابن عساكر 2 : 85 ـ 86 ، حديث : 585 . 
([79]) المجادلة : 12 . 
([80]) فقد ذكر العلامة الطباطبائي(قدس سره)في تفسير قوله تعالى : ( ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَ كُمْ صَدَقَـت . . . ) ، المجادلة : 13 ، قال : الآية ناسخة لحكم الصدقة المذكور في الآية السابقة : « يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نَـجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَ كُمْ صَدَقَةً . . . (رحمهما الله) ، وفيه عتاب شديد لصحابة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)والمؤمنين ، حيث إنَّهم تركوا مناجاته(صلى الله عليه وآله وسلم)خوفاً من بذل المال بالصدقة ، فلم يناجيه أحد منهم إلا عليّ(عليه السلام)فإنَّه ناجاه عشر نجوات كلما ناجاه قدم بين يدي نجواه صدقة ، ثم نزلت الآية ونسخت الحكم ، الميزان 19 : 189 ، وراجع تفسير مجمع البيان 
5 : 253 . 
([81]) قال : إنَّ في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، آية النجوى ، ( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نَـجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَ كُمْ صَدَقَةً) ، كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فكنت كلما ناجيت النبي((صلى الله عليه وآله وسلم)) قدمت بين يدي درهماً ، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد . . . 
رواه الطبري 28 : 14 ـ 15 ، وأسباب النزول : 432 ، برقم :797 ، التفسير الكبير 29 : 271 ـ 272 ، تحت عنوان (المسألة الثالثة) ، الطبعة الثالثة ، كنز العمال 2 : 521 ، برقم : 4651 ، الدر المنثور 8 : 83 ـ 84 ، طبعة دار الفكر ، المستدرك 2 : 482 . 
روى الزمخشري في تفسيره لهذه الآية ، قال : عن ابن عمر كان لعلي((عليه السلام)) ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم ، تزويجه فاطمة ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى ، فضائل الخمسة 1 : 342 ، عن الكشاف 6 : 68 ، طبعة العبيكان .

logo test

اتصل بنا