المهدي في نصوص النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)

flower 12
 
 

قامت مئات الروايات الواردة عن النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام)([5])على تعيين المهدي المنتظر(عليه السلام)بأنه من أهل البيت(عليهم السلام) ، ومن ولد فاطمة ومن ذرية الحسين(عليه السلام)وان الخلفاء من بعد الرسول(صلى الله عليه وآله)اثنا عشر كلّهم من قريش والمهدي آخرهم. 
والمتتبع للاحاديث الصحيحة الواردة في المهدي في كتب الحديث عند أهل السنّة، يجدها تنسجم مع ما في مصادر روايات أهل البيت(عليهم السلام) ، ممّا يؤكد حقيقة واحدة هي: أن نسب المهدي يرجع الى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنه من أهل البيت(عليهم السلام) ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فهو من ولد فاطمة وآخر الائمة الاثنا عشر ، الذي سيظهر اّخر الزمان ويملا اللاض قسطاً وعدلاً، بعد ما مُلئت ظلماً وجوراً. 
وإليك جملة من الروايات التي تحدثت عن اسمه ونسبه ولقبه وخروجه آخر الزمان: 
عن ابن عمر قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يخرج في آخر الزمان رجلٌ من ولدي، اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي ، يملا الارض عدلاً كما مُلئت جوراً فذلك هو المهدي»([6]). 
وعن اُمّ سلمة عن النبي(صلى الله عليه وآله): «المهدي حقٌّ وهو من ولد فاطمة»([7]). 
وعن علي عن النبي(صلى الله عليه وآله): «المهديّ منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة»([8]). 
وعن حذيفة بن اليمان(رضي الله عنه) قال: خطبنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) فذكّرنا بما هو كائن، ثم قال: «لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله عزّ وجل ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من وُلدي اسمه اسمي» فقال سلمان الفارسي(رضي الله عنه): يا رسول الله! من أيّ ولدك؟ قال(صلى الله عليه وآله): «من ولدي هذا» وضرب بيده على الحسين(عليه السلام)([9]) . 
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «الخلفاء بعدي أثنا عشر كلّهم من قريش»([10])، وهم من بني هاشم كما تؤكده المصادر. 
والسؤال هنا : من هُم هؤلاء الخلفاء؟ 
هل يقصد النبي بالخلفاء من بعده كل من تربّع على كرسي الحكم ووسم نفسه بالخلافة؟ أو أن النبي(صلى الله عليه وآله) يريد التنويه الى اثني عشر خليفة يخلفون النبي خلافة واقعية، يحذون حذوه ويسيرون بسيرته؟ فهم الخلفاء الشرعيون الذي يصدق عليهم اسم خليفة الرسول(صلى الله عليه وآله) بحق وصدق تام. 
علماً بأن المعروف عند عامة المسلمين أن الخلفاء الشرعيين في تاريخ المسلمين لا يتجاوزون الاربعة، فكيف يشير النبي الى واقع لا ينطبق مع حديثه؟! 
لقد اضطرب المحدثون في بيان مصداقيه الخلفاء الاثني عشر . 
فعند ابن كثير: الخلفاء الاربعةوعمر بن عبدالعزيز، وبعض بني العباس ثم استظهر أن المهدي منهم.([11]) 
وعند القاضي الدمشقي: الخلفاء الاربعة، ومعاوية ويزيد بن معاوية وعبدالملك بن مروان وأولاده الاربعة: (الوليد وسليمان ويزيد وهشام)، وأخيراً عمر بن العزيز([12]). ولكن لا دليل على صحة هذا التفسير ، ولا مميّز لهؤلاء على غيرهم ، فمن هم الاثنا عشر الذين لا يزال الدين بهم قويماً وظاهراً وقويّاً وسليماً من التحريف؟ 
فإن الحديث من خلال نصوصه الكثيرة يدل على أن فترة خلافة الاثني عشر تستوعب التاريخ الاسلامي الى نهايته، بحيث تموج الارض بأهلها من بعدهم، فقد روي عن النبي(صلى الله عليه وآله) ، أنّه قال: «لا يزال هذا الدين قائماً الى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الارض بأهلها»([13
]). 
ولم تمج الارض بعد موت عمر بن عبدالعزيز بأهلها، والمفروض أن تموج الارض بأهلها بعد موت هؤلاء الخلفاء الاثني عشر، الذين اضطربت الاراء في تحديدهم. 
ثم ما معنى ادخال الملوك كمعاوية في عداد الخلفاء؟ وقد انكرت عائشة على معاوية دعواه الخلافة، كما أنكرها ابن عباس، والامام الحسن(عليه السلام) حتى بعد الصلح([14]). 
وما معنى ادخال يزيد المستهتر بفجوره وانتهاكه لحرمات الله تعالى في عداد خلفاء النبي الاعظم(صلى الله عليه وآله) ، وهل خضع لاوامر النبي وقوانينه ليكون خليفة واقعيّاً له؟! وهذا من أعجب العجب حقاً. 
ويبدو أن التاريخ بل إنّ الله تعالى قد أبى إلاّ أن يُبقيَ الائمة الاثني عشر من أهل البيت(عليهم السلام)مصداقاً وحيداً للحديث المذكور لا ينازَعون في ذلك حتى على مستوى الادّعاء، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) ، وآخرهم الامام محمد بن الحسن العسكري المهدي، الذي وعد الله به الاُمم . على هذه الحقيقة تشير الاحاديث المتكاثرة التي يصعب احصاؤها، ونشير هنا الى بعضها . 
فقد أخرج الجويني الشافعي في فرائد السمطين ، عن ابن عباس، عن النبي(صلى الله عليه وآله) ، أنّه قال: «أنا سيد النبيين ، وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولّهم علي بن أبي طالب وآخرهم المهدي(عليه السلام)»([15]) . 
إذاً الخط الذي يتزعّمه المهدي(عليه السلام) هو خط الامام علي بن أبي طالب(عليه السلام) دون غيره من الخطوط التي اضطربّ في فهمها وتفسيرها جملة من المؤرخين.

   

المصدر:  سایت السبطین

      

__________________________________
([5]) راجع معجم أحاديث الامام المهدي: ج1، أحاديث النبي(صلى الله عليه وآله) . 
([6]) تذكرة الخواص: 363، منهاج السنة لابن تيمية: 4/86 . 
([7]) تاريخ البخاري: 3/363، مستدرك الحاكم : 4/557 . 
([8]) مسند أحمد: 1/84، سنن ابن ماجة: 2/1367، باب 34 ح 4085 ، صواعق ابن حجر: 163. 
([9]) السيرة الحلبية: 1/193، ينابيع المودّة: 3/63، باب 93، مقتل الخوارزمي : 1/196. 
([10]) صحيح البخاري: 9/101 كتاب الاحكام باب الاستخلاف ، صحيح مسلم: 6/4 كتاب الامارة باب الاستخلاف، مسند أحمد: 5/90 .
([11]) تفسير القرآن الكريم لابن كثير: 2/34 في تفسير الاية 12 من سورة المائدة. 
([12]) شرح العقيدة الطحاوية للقاضي الدمشقي: 2/736 . 
([13]) كنز العمال: 12/34 ح 33861 . 
([14]) راجع الغدير للعلامة الاميني: 1/26 فقد ذكر ذلك مخرجاً عن كتب أهل السنة. 
([15]) فرائد السمطين : 2/313 ح 564 .
 

logo test

اتصل بنا