خصائص النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)

flower 12
 
 

1 ـ الخصوصية الاُولى: تحقُّق ولادة الامام المهدي في أجواء سرّية مقصودة لابدّ منها، حتى تتسنى له الغيبة بعد ذلك والاختفاء عن الانظار الى مكان آمن يختاره الله له الى حين يأذن له بالظهور وهذا يستلزم ولادة سرّية وحياة خفية وعمراً مديداً، حتى يبقى موضع الامامة مشغولاً على مدى الدهر بإمام من الائمة الاثني عشر حيٌّ غائب ينتفع به في غيبته وظهوره. 
وقدبلغت اعترافات علماء أهل السنّة بولادة الامام المهدي(عليه السلام)أكثر من مائة اعتراف صريح، وهذا ابن خلكان في كتابه وفيات الاعيان([16]) وابن حجر في كتابه الصواعق المحرقة([17])، قد اعترفا بصراحة بولادة الامام المهدي في منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ووافقا بذلك الشيعة الامامية. 
فانكار المنكرين لوجود المهدي لا يكون حجة بعد هذا الاعتراف المذكور والشواهد التاريخية أيضاً دلّت على وجوده كشهادة والده الامام الحسن العسكري بولادته([18]). 
وشهادة العلوية الطاهرة حكيمة بنت محمد الجواد، عمّة الامام العسكري واُخت الامام الهادي حيث حضرت ولادة الامام المهدي (عليه السلام)، وهناك عشرات الشهادات ممّن رأى الامام واتصّل به وقد سجلتها المصادر التاريخية المتعددة وجمع بعضها السيد هاشم البحراني في كتابه (تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي). 
ومن الشواهد التاريخية القاطعة بولادة الامام المهدي(عليه السلام) نوع تعامل السلطة العباسية بعد وفاة الامام الحسن العسكري(عليه السلام) مع عائلته، حيث اعتقلت وهدّدّت من كانت تظن أنها اُمّه لانها كانت تبحث عن مولود للامام العسكري شاع بأنه هو الامام المهدي الذي سيهدم عروش الطغاة، فكان موقف المعتمد العباسي من المهدي، كموقف فرعون من موسى(عليه السلام) ، ولم يكن المعتمد العباسي وحده قد عرف هذه الحقيقة،وإنّما عرفها من كان قبله: كالمعتز، والمهتدي، ولهذا كان الامام الحسن العسكري(عليه السلام) حريصاً على أن لا ينتشر خبر ولادة الامام المهدي إلاّ بين الافراد المنتجبين من شيعته ومواليه. 
كل هذا والامام المهدي(عليه السلام) في الخامسة من عمره، وأيّ خطر يهدد كيانهم لو لم يعلموا بأنّه هو المهدي المنتظر الذى تحدثت عنه الاحاديث المتواترة؟! 
2 ـ الخصوصية الثانية: الامامة المبكرة للمهدي(عليه السلام) 
ترى مدرسة أهل البيت أن الامامة منصب الهي لا يتمتع به إلاّ من تكتمل لديه صفات أساسية تتلخص في العلم والعصمة ومجموعةمن صفات الكمال لابد للقائد الربّاني من الاتّصاف بها ليحقق للشريعة أهدافها. 
وهذه المواصفات إذا اجتمعت في انسان جعلته جديراً بها مهما كان عمره، فلا مانع من اجتماعها في طفل لم يبلغ الحلم. وقد تحقق ذلك في عدد من الائمة الاثني عشر مثل: الامام محمد الجواد(عليه السلام) والامام علي الهادي (عليه السلام)، فقد نالا منصب الامامة في السابعة أو الثامنة أو التاسعة من عمرهم . والامام المهدي(عليه السلام) قد نال هذا الوسام الربّاني وهو في الخامسة من عمره المبارك . وقد صرّح القرآن بمثل ذلك بالنسبة لنبوة يحيى بقوله تعالى: (يا يحيى خُذ الكتاب بقوّة وآتيناه الحكم صبياً)([19]).
وإذا نظرنا الى الواقع التاريخي وجدنا أن المهدي(عليه السلام) خلف أباه الحسن العسكري في إمامة المسلمين وهو ابن خمس سنين. 
إنّ ظاهرة الامامة المبكرة كانت ظاهرة واقعية في حياة أهل البيت(عليه السلام)وليست مجرد افتراض، فالحكام المعاصرين لكل إمام قد أدركوا ذلك بالفعل وحاولوا أن يقفوا أمام هذه الظاهرة الواقعية بكل ما يمكن لهم. وقد ثبت الائمة أمام كل التحديات بل تحدّوا بعلمهم وفضلهم كل الشخصيات التي كانت ذات صدى علمي في العالم الاسلامي وغيره. 
الخصوصية الثالثة: الغيبة الطويلة المستلزمة لعمر مفتوح مع انفتاح الزمن 
إن الاعتقاد بغيبة الامام المهدي(عليه السلام) عن الانظار واستمرارها الى حين يأذن الله تعالى له بالظهور، يستلزم عمراً طويلاً ومفتوحاً مع انفتاح الزمن. 
إن عمر الانسان وبقاؤه قروناً متعددة أمر ممكن منطقياً وممكن علمياً، ولكنه لا يزال غير ممكن عملياً، وبحسب الاسباب الطبيعية الاعتيادية ، إلاّ أن اتجاه العلم سائر في طريق تحقيق هذا الامكان، وعلى هذا الضوء نتناول عمر الامام المهدي(عليه السلام)وما أحيط به من استفهام أو استغراب، فإن عمر الامام المهدي قد سبق العلم نفسه وليس ذلك هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الاسلام حركة العلم. 
ولكن لنفترض أن العمر الطويل غير ممكن علمياً، فماذا يعني ذلك؟ يعني أن إطالة عمر الانسان كنوح أو كالمهدي ـ قروناً متعددة، هي خلاف القوانين الطبيعية والعلم، وبذلك تصبح هذه الحالة معجزة عطلت قانوناً طبيعياً في حالة معينة، وليست هذه المعجزة فريدة من نوعها، وقد عطل هذا القانون للحفاظ على إبراهيم، فقيل للنار حين ألقي فيها إبراهيم: (قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم)([20])، فخرج منها كما دخل سليماً لم يصبه أذىً ، الى كثير من القوانين الطبيعية التي عُطلت لحماية أشخاص من الانبياء والاولياء وهكذا يتضح أن العمر الطويل أمر ممكن ولو بنحو المعجزة، ولكن هل تحقق ذلك فعلاً في الامام المهدي أم لا؟ نجيب على هذا السؤال بالادلة النقلية من الروايات الواردة عن الرسول الاعظم(صلى الله عليه وآله) والشواهد التاريخية. 
أما الروايات فمثل قوله(صلى الله عليه وآله): «المهدي من ولدي تكون له غيبة إذا ظهر يملا الارض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً»([21]). 
وقوله(صلى الله عليه وآله): «المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيني أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الاُمم يقبل كالشهاب الثاقب يملاها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً»([22]). 
والتاريخ قد شهد بالغيبة الصغرى التي تعتبر تجربة عاشتها اُمة من الناس فترة امتدت سبعين سنة تقريباً، وهي تعبّر عن المرحلة الاُولى من إمامة القائد المنتظر(عليه السلام)وكانت فترة تمهيدية للغيبة الكبرى، ففي الغيبة الصغرى كان الامام(عليه السلام) يتصل بشيعته عن طريق وكلائه ونوابه الاربعة الذين أجمعت الشيعة على تقواهم وورعهم وهم كما يلي: 
1 ـ عثمان بن سعيد العمري المتوفى سنة (280 هـ ). 
2 ـ محمد بن عثمان بن سعيد العمري المتوفى سنة (305 هـ ). 
3 ـ أبو القاسم الحسين بن روح المتوفى سنة (326 هـ ). 
4 ـ أبو الحسن علي بن محمد السمري المتوفى سنة (328 هـ ). 
وقد مارس هؤلاء الاربعة مهام النيابة بالترتيب المذكور، وكلما مات أحدهم خلّفه الاخر الذي يليه بتعيين من الامام المهدي(عليه السلام) . 
وكان النائب يتصل بالشيعة ويحمل أسئلتهم الى الامام ويعرض مشاكلهم عليه، ويحمل إليهم أجوبته الشفهية أحياناً والتحريرية في كثير من الاحيان. 
وكان أبو الحسن علي بن محمد السمري هو آخر النواب ، وقد أعلن عن انتهاء مرحلة الغيبة الصغرى وابتداء الغيبة الكبرى التي لايوجد فيها اشخاص معينون بالذات ليقوموا بالوساطة بين الامام وشيعته. كل هذا ممّا شهد به التاريخ وهل بالامكان أن تعيش اُكذوبة سبعين عاماًويمارسها أربعة على سبيل الترتيب كلهم يتفقون عليها؟

   

المصدر:  سایت السبطین

      

___________________________________________
([16]) وفيات الاعيان: 4 \ 176، 562.. 
([17]) الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي: 207 في آخر الفصل الثالث من الباب الحادي عشر . 
([18]) اصول الكافي: 1/328 كتاب الحجة باب تسمية من رآه. 
([19]) مريم: 12. 
([20]) الانبياء: 69 . 
([21]) ينابيع المودّة: 448 . 
([22]) ينابيع المودّة: 488 نقلاً عن فرائد السمطين. 

logo test

اتصل بنا