واقعة الحرّة

flower 12

    

حاول يزيد بن معاوية بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) تلطيف الأجواء وتقليل حدة التوتر باستمالة الزعماء والرؤساء وإغداق الأموال عليهم وخاصة في المدينة المنوّرة حيث كان يقيم الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته. فطلب من واليه على المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان أن يُرسل إليه زعماء المدينة، فأرسل عدّة من وجهائها وعلى رأسهم المنذر بن الزبير وعبيد الله بن أبي عمروالمخزومي وعبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة إلى دمشق ، واستقبلهم يزيد استقبالاً حافلاً ، واكرمهم خلال إقامتهم عنده إكراماً كبيراً، ومنح لكل واحد منهم ثياباً كثيرة وهدايا ومبالغ ضخمة تتراوح من خمسين ألف دينار إلى مائة ألف دينار.

ولكن عند رجوع الوفد إلى المدينة - عدا المنذر الذي ذهب إلى البصرة - حدث العكس ، فقد أخذوا يحرّضون الناس على خلع بيعة يزيد والتمرّد عليه وإخراج عامله لما رأوه من مظاهر التجاهر بالفسق والمجون والشراب والغناء في قصور الخليفة بنحو لم يُعهد مثله فيما سبق. واجتمع الناس مع عبد الله ابن غسيل الملائكة وأعلن عن خلع بيعة يزيد وأخرج عامله وبني اُمية منها.

وعندما خرج مروان من المدينة استودع عائلته عند الإمام السجّاد لحمايتهم من غضب الثوّار. فجهّز يزيد جيشاً بقيادة مسلم بن عُقبة لقمع انتفاضة المدينة، وعند وصوله إليها وقعت معركة طاحنة بين الثوار والجيش الاُموي انتهت بمقتل عبد الله بن حنظلة ومَن معه ودخول الجيش المدينة حيث استباحها ثلاثة أيام قتلاً لرجالها وتجاوزاً على أعراضها حتى فضّ ألف بكر خلالها ، ثم رفع السيف عنهم على أن يبايعوا على أن يكونوا عبيداً ليزيد . وقد استشهد مع عبد الله في واقعة الحرّة ثلّة من رجال بني هاشم.

وكان قد لجأ إلى بيت الإمام السجّاد (عليه السلام) خلال هذا الهجوم أربعمائة نفر من النساء والأطفال خوفاً على أنفسهم من جيش يزيد، وكان الإمام (عليه السلام) قد تكفّل بضيافتهم على أحسن وجه [1].

وعند توجّه مسلم بن عقبة بجيشه نحو المدينة كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) يدعو بهذا الدعاء : «ربّ كم من نعمة أنعمت بها عليّ قلّ لك عندها شكري وكم من بليّة ابتليتني بها قلّ عندها صبري، فيامن قلَّ عند نعمته شكري، فلم يحرمني ، وقلَّ عند بلائه صبري فلم يخذلني . ياذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً ، وياذا النعماء التي لا تُحصى عدداً ، صلِّ على محمد وآل محمد وادفع عنّي شرّه فإنّي أدرء بك في نحره واستعيذُ بك من شرّه». فقدم مسلم بن عقبة المدينة وكان يقال لايريد غير علي بن الحسين (عليه السلام) فسلم منهُ واكرم الامام وحباه ووصله. وفي حديث آخر: إنّ مسلم بن عقبة لمّا قدم المدينة أرسل إلى علي بن الحسين(عليه السلام) فأتاه ، فلمّا صار إليه قرّبه وأكرمه وقال له: أوصاني أمير المؤمنين ببرّك وتمييزك من غيرك، فجزاه خيراً . ثم قال: اسرجوا له بغلتي ، وقال له: انصرف إلى أهلك فإنّي أرى ان قد افزعناهم وأتعبناك بمشيك إلينا ، ولو كان بأيدينا ما نقوى به على صلتك بقدر حقّك لوصلناك. فقال علي بن الحسين (عليه السلام) : ما أعذرني للأمير، وركب. فقال مسلم بن عقبة لجلسائه: هذا الخير الذي لا شرّ فيه مع موضعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)  ومكانه منه [2].

 

  المصدر:سایت السبطین

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] بحار الأنوار 46: 101.

[2] بحار الأنوار 46 : 122 \ 14.

logo test

اتصل بنا