فصل في المقدمات :
الحمد لله الملك الشكور القادر الغفور الذي بيده مفاتيح الأمور عالم السر و النجوى و كاشف الضر و البلوى أهل المغفرة و التقوى له الحمد في الآخرة و الأولى و له الحكم و إليه ترجعون له العزة و الجلال و القدرة و الكمال و الإنعام و الإفضال و هو الكبير المتعال سبحانه و تعالى عما يشركون له الحجة القاهرة و النعمة الزاهرة
و الآلاء المتظاهرة يرزق من في السماء و الأرض أ إله مع الله قليلا ما تذكرون يرجع الأمر كله إليه و ينطق الكتاب بالحق لديه و هو يجير و لا يجار عليه إن كنتم تعلمون يظهر بصنعه شرائف صفاته و يحق الحق بكلماته و يحشر الخلق لميقاته و يريكم آياته فأي آيات الله تنكرون و جعل السماء سقفا محفوظا و بناء مصنوعا و ممسكا بلا عمد ممنوعا و هم عن آياته معرضون بسط الأرض فأخرج نباتها و أسكنها أحياءها و أمواتها فيها تحيون و فيها تموتون و منها تخرجون بعث المصطفى داعيا إلى جناته خالصا في إسلامه و إيمانه و يبين آياته للناس لعلهم يتذكرون نصب عليا إماما إزاحة للعلة و تأكيدا للأدلة و إظهارا للملة ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون و اختار أولاده أوصياء خلفاء كما قال تعالى وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ .
الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال : النجم رسول الله و العلامات الأئمة من بعده .
أبو الورد عن أبي جعفر (عليه السلام) : الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ قال هم آل محمد .
أبو جعفر و أبو عبد الله (عليهما السلام) في قوله : بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إنهم الأئمة من آل محمد .
زيد بن علي في قوله : وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا قال نحن هم .
الباقر (عليه السلام) في قوله : إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إلى قوله راجِعُونَ نزل في علي ثم جرت في المؤمنين و شيعته هم المؤمنون حقا .
مالك الجهني قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ أن يكون إماما من آل محمد ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله : وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً قال هم الأوصياء (عليه السلام) .
حنان بن سالم الحناط : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فقال أبو جعفر (عليه السلام) آل محمد لم يبق فيها غيرهم .
سلام بن المستنير عن أبي جعفر في قوله : قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي قال ذلك رسول الله و أمير المؤمنين و الأوصياء من بعدهما .
أبو جعفر بن أبي الحسن بن أبي إبراهيم بن أبي عبد الله بن أبي جعفر بن أبي محمد
بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن أبي طالب (عليه السلام) .
اسمه : محمد .
و كنيته : أبو جعفر , و الخاص أبو علي .
و ألقابه : المختار و المرضي و المتوكل و المتقي و الزكي و التقي و المنتجب و المرتضى و القانع و الجواد و العالم الرباني ظاهر المعاني قليل التواني المعروف بأبي جعفر الثاني المنتجب المرتضى المتوشح بالرضا المستسلم للقضا له من الله أكثر الرضا ابن الرضا توارث الشرف كابرا عن كابر و شهد له بذا الصوامع استسقى عروقه من منبع النبوة و رضعت شجرته ثدي الرسالة و تهدلت أغصانه ثمر الإمامة .
و حساب الجمل و حساب الهند و طبقات الأسطرلاب تسعة تسعة و محمد بن علي تاسع الأئمة .
و لنا :
فديت إمامي أبا جعفر *** جوادا يلقب بالتاسع
و محمد بن علي الجواد ميزانه في الحساب إمام عادل زاهد وفي لاتفاقهما في ثلاثمائة ولد : بالمدينة ليلة الجمعة التاسع عشر من شهر رمضان و يقال للنصف منه .
و قال ابن عياش : يوم الجمعة لعشر خلون من رجب سنة خمس و تسعين و مائة .
و قبض : ببغداد ; مسموما ; في آخر ذي القعدة و قيل يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة عشرين و مائتين .
و دفن : في مقابر قريش إلى جنب موسى بن جعفر (عليه السلام) .
و عمره : خمس و عشرون سنة قالوا و ثلاثة أشهر و اثنان و عشرون يوما .
و أمه : أم ولد تدعى درة و كانت مريسية ثم سماها الرضا (عليه السلام) خيزران و كانت من أهل بيت مارية القبطية و يقال إنها سبيكة و كانت نوبية و يقال ريحانة و تكنى أم الحسن .
و مدة ولايته : سبع عشرة سنة .
و يقال , أقام مع أبيه : سبع سنين و أربعة أشهر و يومين .
و بعده : ثماني عشرة سنة إلا عشرين يوما .
فكان في سني إمامته : بقية ملك المأمون ثم ملك المعتصم و الواثق و في ملك الواثق استشهد .
قال ابن بابويه : سم المعتصم لمحمد بن علي (عليه السلام) .
و أولاده : علي الإمام , و موسى , و حكيمة , و خديجة , و أم كلثوم .
و قال أبو عبد الله الحارثي : خلف فاطمة , و أمامة فقط ; و قد كان زوجه المأمون ابنته , و لم يكن له منها ولد .
و سبب وروده بغداد : إشخاص المعتصم له من المدينة فورد بغداد لليلتين من المحرم سنة عشرين و مائتين و أقام بها حتى توفي في هذه السنة .
و الدليل على إمامته : اعتبار القطع على العصمة و وجوب كونه أعلم الخلق بالشريعة و اعتبار القول بإمامة الاثني عشر و تواتر الشيعة .
و أما قول الكيسانية و الفطحية و غيرهم فكلهم قد انقرضوا و لو كانوا محقين لما جاز انقراضهم لأن الحق لا يجوز أن يخرج عن أمة محمد .
و قد ثبت بقول الثقات إشارة أبيه إليه : منهم : عمه علي بن جعفر الصادق و صفوان بن يحيى و معمر بن خلاد و ابن أبي نصر البزنطي و الحسين بن يسار و الحسن بن جهم و أبو يحيى الصنعاني و يحيى بن حبيب الزيات .
و كان بابه : عثمان بن سعيد السمان .
و من ثقاته : أيوب بن نوح بن دراج الكوفي و جعفر بن محمد بن يونس الأحول و الحسين بن مسلم بن الحسن و المختار بن زياد العبدي البصري و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي .
و من أصحابه : شاذان بن الخليل النيسابوري و نوح بن شعيب البغدادي و محمد بن أحمد المحمودي و أبو يحيى الجرجاني و أبو القاسم إدريس القمي و علي بن محمد بن هارون بن الحسن بن محبوب و إسحاق بن إسماعيل النيسابوري و أبو حامد أحمد بن إبراهيم المراغي و أبو علي بن بلال و عبد الله بن محمد الحضيني و محمد بن الحسن بن شمون البصري .
ريان بن شبيب و يحيى الزيات و غيرهما : أن المأمون قد شغف بأبي جعفر (عليه السلام) لما رأى من فضله مع صغر سنه فعزم أن يزوجه بابنته أم الفضل فغلظ ذلك على العباسيين فاجتمعوا عنده و قالوا ننشدك الله يا أمير المؤمنين أن تقيم على هذا الأمر الذي قد
عزمت فتخرج به عنان أمر قد ملكناه الله و تنزع منا عزا قد ألبسناه الله و قد عرفت ما بيننا و بين هؤلاء القوم قديما و حديثا و ما كان عليه الخلفاء من التصغير بهم و قد كنا في وهلة من عملك مع الرضا حتى أنه مات فأجابهم المأمون لكل كلمة جوابا ثم قال و أما أبو جعفر فقد برز على كافة أهل الفضل مع صغر سنه فقالوا إن هذا الفتى و إن راقك منه هديه لا معرفة له فأمهل ليتأدب ثم افعل ما تراه فقال المأمون ويحكم إني أعرف به منكم و إن أهل هذا البيت علمهم من الله و مواده و إلهامه فإن شئتم فامتحنوه فقالوا قد رضينا بذلك و اجتمع رأيهم على أن يسأله قاضي القضاة يحيى بن أكثم مسألة لا يعرف الجواب فيها و وعدوه بأموال نفيسة على ذلك .
فجلس المأمون في دست و أبو جعفر في دست فسأله يحيى ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيدا فقال (عليه السلام) قتل في حل أو حرم عالما كان المحرم أم جاهلا عمدا كان أو خطأ حرا كان أو عبدا صغيرا كان أم كبيرا مبتدئا أو معيدا من ذوات الطير كان الصيد أم غيرها من ذوات الظلف من صغار الصيد كان أم من كبارها مصرا على ما فعل أو نادما في الليل كان قتله للصيد أم نهارا محرما كان بالعمرة إذ قتله أم بالحج كان محرما فانقطع يحيى فسأله المأمون عن بيانه فأجابه بما هو مسطور في كتب الفقه ثم التمس منه أن يسأل يحيى فقال (عليه السلام) رجل نظر أول النهار إلى امرأة فكان نظره إليها حراما فلما ارتفع النهار حلت له و عند الزوال حرمت و عند العصر حلت و عند الغروب حرمت و عند العشاء حلت و عند انتصاف الليل حرمت و عند الفجر حلت و عند ارتفاع النهار حرمت و عند الظهر حلت .
تفسيره : هذا رجل نظر إلى أمة غيره ثم ابتاعها ثم أعتقها ثم تزوجها ثم ظاهرها ثم كفر عن الظهار ثم طلقها طلقة واحدة ثم راجعها ثم خلعها ثم استأنف العقد و ذلك بالإجماع و في رواية أنه ارتد عن الإسلام ثم تاب .
و قد أتاه ابن أكثم جدلا فانصاع لما يعلمه قطعه
فقال المأمون اخطب جعلت فداك لنفسك فقال الحمد لله إقرارا بنعمته و لا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته و صلى الله على محمد سيد بريته و الأصفياء من عترته أما بعد فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام فقال سبحانه وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ثم إن محمد بن علي بن موسى يخطب أم الفضل بنت عبد الله المأمون و قد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد و هو خمسمائة درهم جياد فهل زوجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور قال نعم زوجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور فهل قبلت النكاح قال قد قبلت .
الخطيب في تاريخ بغداد عن يحيى بن أكثم : أن المأمون خطب فقال الحمد لله الذي تصاغرت الأمور لمشيئته و لا إله إلا الله إقرارا بربوبيته و صلى الله على محمد عبده و خيرته أما بعد فإن الله جعل النكاح الذي رضيه لكما سبب المناسبة ألا و إني قد زوجت زينب ابنتي من محمد بن علي بن موسى الرضا أمهرناها عنه أربعمائة درهم .
و يقال : إنه كان (عليه السلام) ابن تسع سنين و أشهر و لم يزل المأمون متوفرا على إكرامه و إجلال قدره .
و قد روى الناس : أن أم الفضل كتبت إلى أبيها من المدينة تشكو أبا جعفر و تقول إنه يتسرى علي و يغيرني إليها فكتب إليها المأمون يا بنية إنا لم نزوجك أبا جعفر لنحرم عليه حلالا فلا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها .
الجلاء و الشفاء في خبر ... : أنه لما مضى الرضا جاء محمد بن جمهور العمي و الحسن بن راشد و علي بن مدرك و علي بن مهزيار و خلق كثير من سائر البلدان إلى المدينة و سألوا عن الخلف بعد الرضا فقالوا بصريا و هي قرية أسسها موسى بن جعفر (عليه السلام) على ثلاثة أميال من المدينة فجئنا و دخلنا القصر فإذا الناس فيه متكابسون فجلسنا معهم إذ خرج علينا عبد الله بن موسى و هو شيخ فقال الناس هذا صاحبنا
فقال الفقهاء قد روينا عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) أنه لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين و ليس هذا صاحبنا فجاء حتى جلس في صدر المجلس فقال رجل ما تقول أعزك الله في رجل أتى حمارا فقال تقطع يده و يضرب الحد و ينفى من الأرض سنة ثم قام إليه آخر فقال ما تقول أصلحك الله في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء قال بانت منه بصدر الجوزاء و النسر الطائر و النسر الواقع فتحيرنا في جرأته على الخطإ إذ خرج علينا أبو جعفر و هو ابن ثمان سنين فقمنا إليه فسلم على الناس و قام عبد الله بن موسى من مجلسه فجلس بين يديه و جلس أبو جعفر في صدر المجلس ثم قال سلوا رحمكم الله فقام إليه الرجل الأول و قال ما تقول أصلحك الله في رجل أتى حمارة قال يضرب دون الحد و يغرم ثمنها و يحرم ظهرها و نتاجها و تخرج إلى البرية حتى تأتي عليها منيتها سبع أكلها ذئب أكلها ثم قال بعد كلام يا هذا ذاك الرجل ينبش عن ميتة فيسرق كفنها و يفجر بها يوجب عليه القطع بالسرق و الحد بالزنى و النفي إذا كان عزبا فلو كان محصنا لوجب عليه القتل و الرجم فقال الرجل الثاني يا ابن رسول الله ما تقول في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء قال تقرأ القرآن قال نعم قال اقرأ سورة الطلاق إلى قوله وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ يا هذا لا طلاق إلا بخمس شهادة شاهدين عدلين في طهر من غير جماع بإرادة عزم ثم قال بعد كلام يا هذا هل ترى في القرآن عدد نجوم السماء قال لا الخبر .
فقالت المرضعة له من سعد بن بكير :
إني أشبهك يا مولاي ذا لبة *** شثن البراش أو صماء حيات
و لست تشبه ورد اللون ذا لبد *** و لا ضئيلا من الرقش الضئيلات
و لو خسأت سباع الأرض أسكتها *** إشجاء صوتك حتفا أي إسكات
و لو عزمت على الحيات تأمرها *** بالكف ما جاوزت تلك العزيمات
و قد روى عنه المصنفون ; نحو : أبي بكر أحمد بن ثابت في تاريخه و أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره و محمد بن مندة بن مهربذ في كتابه .
و روى إبراهيم بن هاشم قال : استأذنت أبا جعفر لقوم من الشيعة فأذن لهم فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب فيها و هو ابن عشر سنين .
و كتب عبد العظيم الحسني إلى أبي جعفر يسأله عن الغائط و نتنه فقال (عليه السلام) : إن الله خلق آدم فكان جسده طينا و بقي أربعين سنة ملقى تمر به الملائكة تقول لأمر ما خلقت و كان إبليس يدخل في فيه و يخرج من دبره فلذاك صار ما في جوف ابن آدم منتنا خبيثا غير طيب .
و يقال : إذا بال الإنسان أو تغوط يردد النظر إليهما لأن آدم (عليه السلام) لما هبط من الجنة لم يكن له عهد بهما فلما تناول الشجرة المنهية أخذه ذلك فجعل ينظر إلى شيء يخرج منه فبقي ذلك في أولاده لأنه تغذى في الجنة و بال و تغوط في الدنيا .
و لما بويع المعتصم جعل يتفقد أحواله فكتب إلى عبد الملك الزيات أن ينفذ إليه التقي و أم الفضل فأنفذ ابن الزيات علي بن يقطين إليه فتجهز و خرج إلى بغداد فأكرمه و عظمه و أنفذ أشناس بالتحف إليه و إلى أم الفضل ثم أنفذ إليه شراب حماض الأترج تحت ختمه على يدي أشناس و قال إن أمير المؤمنين ذاقه قبل أحمد بن أبي داود و سعد بن الخصيب و جماعة من المعروفين و يأمرك أن تشرب منها بماء الثلج و صنع في الحال فقال اشربها بالليل قال إنها ينفع باردا و قد ذاب الثلج و أصر على ذلك فشربها عالما بفعلهم و روي من وجه آخر سنذكره في فصل معجزاته إن شاء الله تعالى .
عمير بن المتوكل :
كنا كشارب سم حان مهلكه *** أغاثه الله بالترياق من كثب
هاجت بمصرعه الدنيا فما سكنت *** إلا باسمهم المحاء للديب
و كتب إبراهيم بن عقبة إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) يسأله عن زيارة الحسين بن علي و موسى بن جعفر و محمد بن علي ببغداد فكتب (عليه السلام) المقدم و هذان أجمع و أعظم أجرا .
العبدي :
يا سادتي يا بني علي *** يا آل طه و آل صاد
من ذا يوازيكم و أنتم *** خلائف الله في البلاد
أنتم نجوم الهدى اللواتي *** يهدي بها الله كل هاد
لو لا هداكم إذا ضللنا *** و التبس الغي بالرشاد
لا زلت في حبكم أوالي *** عمري و في بغضكم أعادي
و ما تزودت غير حبي *** إياكم و هو خير زاد
و ذاك ذخري الذي عليه *** في عرصة الحشر اعتمادي
ولاؤكم و البراء ممن *** يشناكم اعتقادي
الناشي :
يا آل ياسين من يحبكم *** بغير شك لنفسه نصحا
أنتم رشاد من الضلال *** كما كل فساد بحبكم صلحا
و كل مستحسن لغيركم *** إن قيس يوما بفضلكم قبحا
ما محيت آية النهار لنا *** بذاته الليل ذو الجلال محا
و كيف يمحى رشاد نوركم *** و أنتم في دجى الظلام ضحى
أبوكم أحمد و صاحبه *** الممنوح من علم ربه منحا
مهيار :
غلامكم في الجحفل ابن عجاجة *** مغيمة من دجنها الدم يهطل
تعانق منه الموت عريان تحتها *** شجاع بغير الصبر لا يتبتل
فكم لكم في فتكه و انبساطه *** فتى و فتاكم في الحجى يتكهل
و أنتم ولاة الدين أرباب حقه *** مبينوه في آياته و هو مشكل
مساقط وحي الله في حجراتكم *** و بيتكم كان الكتاب ينزل
يذاد عن الحوض الشقي ببغضكم *** و يورد من أحببتموه فينهل
***
عجبت لقوم أضلوا السبيل *** و لم يبتغوا اتباع الهدى
فما عرفوا الحق حين استنار *** و لا أبصروا الفجر لما بدا
ألا أيها المعشر النائمون *** أحذركم أن تعصوا الكرى
أفيقوا فما هي إلا اثنتان *** أما الرشاد و أما العمى
و ما خفي الرشد لكنما *** أضل الحلوم اتباع الهوى
و ما خلقت عبثا أمة *** و لا ترك الله قوما سدى
أ كل بني أحمد فضله *** و لكنه الواحد المجتبى
ابن حجاج :
يا باني الشرف الذي *** أوفى و عم و طبقا
سبا بأسباب النبي *** و جبرئيل معلقا
ابن رزيك :
قوم علومهم عن جدهم أخذت *** عن جبرئيل و جبرئيل عن الله
هم السفينة ما كنا لنطمع أن ننجو *** من الهول يوم الحشر لو لا هي
الخاشعون إذا جن الظلام فما *** تغشاهم سنة تنفى بإنباه
و لا بدت ليلة إلا و قابلها *** من التهجد منهم كل أواه
و ليس يشغلهم عن ذكر ربهم *** تغريد شاد و لا ساق و لا طاه
سحائب لا تزال العلم هامية *** أجل من سحب تهمي بأمواه
المصدر:سایت السبطین