معرفة ولادته
قال أبو محمد الحسن بن علي العسكري الثاني (عليه السلام): ولد بالمدينة، ليلة الجمعة، النصف من شهر رمضان (1) سنة مائة وخمس وتسعين من الهجرة (2).
341/ 1 - وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي، قال: حدثني عبد الله بن أحمد، عن صفوان (3)، عن حكيمة بنت أبي الحسن موسى (عليه السلام)، قالت: كتبت لما علقت أم أبي جعفر (عليه السلام) به: " خادمتك (4) قد علقت ".
فكتب إلي " إنها علقت ساعة كذا، من (5) يوم كذا، من شهر كذا، فإذا هي ولدت فالزميها سبعة أيام ".
قالت: فلما ولدته قال: أشهد أن لا إله إلا الله. فلما كان اليوم الثالث عطس فقال: الحمد لله، وصلى الله على محمد وعلى الأئمة الراشدين.(6)
342 / 2 - وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني جعفر [بن محمد] بن مالك الفزاري، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام)، قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) شديد الأدمة، ولقد قال فيه الشاكون المرتابون - وسنه خمسة وعشرون شهرا - إنه ليس هو من ولد الرضا (عليه السلام)، وقالوا لعنهم الله: إنه من شنيف (7) الأسود مولاه، وقالوا: من لؤلؤ، وإنهم أخذوه، والرضا عند المأمون، فحملوه إلى القافة (8) وهو طفل بمكة في مجمع الناس بالمسجد الحرام، فعرضوه عليهم، فلما نظروا إليه وزرقوه بأعينهم خروا لوجوههم سجدا، ثم قاموا فقالوا لهم: يا ويحكم! مثل هذا الكوكب الدري والنور المنير، يعرض على أمثالنا، وهذا والله الحسب الزكي، والنسب المهذب الطاهر، والله ما تردد إلا في أصلاب زاكية، وأرحام طاهرة، ووالله ما هو إلا من ذرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ورسول الله (عليهما السلام) فارجعوا واستقيلوا الله واستغفروه، ولا تشكوا في مثله.
وكان في ذلك الوقت سنه خمسة وعشرين شهرا، فنطق بلسان أرهف (9) من السيف، وأفصح من الفصاحة يقول:
الحمد لله الذي خلقنا من نوره بيده، واصطفانا من بريته، وجعلنا أمناءه على خلقه ووحيه.
معاشر الناس، أنا محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن علي سيد العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وابن فاطمة الزهراء، وابن محمد المصطفى (عليهم السلام)، ففي مثلي يشك! وعلي وعلى (10) أبوي يفترى! واعرض على القافة!
وقال: والله، إنني لأعلم بأنسابهم من آبائهم، إني والله لأعلم بواطنهم وظواهرهم، وإني لأعلم بهم أجمعين، وما هم إليه صائرون، أقوله حقا، وأظهره صدقا (11)، علما ورثناه الله قبل الخلق أجمعين، وبعد بناء السماوات والأرضين.
وأيم الله، لولا تظاهر الباطل علينا، وغلبة دولة الكفر، وتوثب أهل الشكوك والشرك والشقاق علينا، لقلت قولا يتعجب منه الأولون والآخرون. ثم وضع يده على فيه، ثم قال: يا محمد، اصمت كما صمت آباؤك * (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) * (12) إلى آخر الآية.
ثم تولى لرجل (13) إلى جانبه، فقبض على يده ومشى يتخطى رقاب الناس، والناس يفرجون له. قال: فرأيت مشيخة ينظرون إليه ويقولون: الله أعلم حيث يجعل رسالته (14). فسألت عن المشيخة، قيل: هؤلاء قوم من حي بني هاشم، من أولاد عبد المطلب.
قال: وبلغ الخبر الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، وما صنع بابنه محمد (عليه السلام)، فقال: الحمد لله. ثم التفت إلى بعض من بحضرته من شيعته فقال: هل علمتم ما قد رميت به مارية القبطية، وما ادعي عليها في ولادتها (15) إبراهيم بن رسول الله؟
قالوا: لا يا سيدنا، أنت أعلم، فخبرنا لنعلم.
قال: إن مارية لما أهديت إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهديت مع جوار قسمهن رسول الله على أصحابه، وظن بمارية من دونهن، وكان معها خادم يقال له (جريح) يؤدبها بآداب الملوك، وأسلمت على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأسلم جريح معها، وحسن إيمانهما وإسلامهما (16)، فملكت مارية قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحسدها بعض أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأقبلت زوجتان من أزواج رسول الله إلى أبويهما تشكوان (17) رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعله وميله إلى مارية، وإيثاره إياها عليهما، حتى سولت لهما أنفسهما أن يقولا (18): إن مارية إنما حملت بإبراهيم من جريح، وكانوا لا يظنون جريحا خادما زمنا (19). فأقبل أبواهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جالس في مسجده، فجلسا بين يديه، وقالا: يا رسول الله، ما يحل لنا ولا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك.
قال: وماذا تقولان؟!
قالا: يا رسول الله، إن جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمى، وإن حملها من جريح، وليس هو منك يا رسول الله، فأربد وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتلون لعظم ما تلقياه به، ثم قال: ويحكما ما تقولان؟!
فقالا: يا رسول الله، إننا خلفنا جريحا ومارية في مشربة، وهو يفاكهها ويلاعبها، ويروم منها ما تروم الرجال من النساء، فابعث إلى جريح فإنك تجده على هذه الحال، فانفذ فيه حكمك وحكم الله (تعالى).
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا أبا الحسن، خذ معك سيفك ذا الفقار، حتى تمضي إلى مشربة مارية، فإن صادفتها وجريحا كما يصفان فاخمدهما ضربا.
فقام علي واتشح بسيفه (20)، وأخذه تحت ثوبه، فلما ولى ومر من بين يدي رسول الله أتى إليه راجعا، فقال له: يا رسول الله، أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): فديتك يا علي، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
قال: فأقبل علي (عليه السلام) وسيفه في يده حتى تسور من فوق مشربة مارية، وهي جالسة وجريح معها، يؤدبها بآداب الملوك، ويقول لها: أعظمي رسول الله، وكنيه وأكرميه. ونحو من هذا الكلام.
حتى نظر جريح إلى أمير المؤمنين وسيفه مشهر بيده، ففزع منه جريح، وأتى إلى نخلة في دار المشربة فصعد إلى رأسها، فنزل أمير المؤمنين إلى المشربة، وكشف الريح عن أثواب جريح، فانكشف ممسوحا. فقال: انزل يا جريح.
فقال: يا أمير المؤمنين، آمن على نفسي؟
قال: آمن على نفسك.
قال: فنزل جريح، وأخذ بيده أمير المؤمنين، وجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأوقفه بين يديه، وقال له: يا رسول الله، إن جريحا خادم ممسوح. فولى النبي بوجهه إلى الجدار، وقال: حل لهما - يا جريح - واكشف عن نفسك حتى يتبين كذبهما، ويحهما ما أجرأهما على الله وعلى رسوله. فكشف جريح عن أثوابه، فإذا هو خادم ممسوح كما وصف. فسقطا بين يدي رسول الله وقالا: يا رسول الله، التوبة، استغفر لنا فلن نعود.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تاب الله عليكما، فما ينفعكما استغفاري ومعكما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله؟!
قالا: يا رسول الله، فإن استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربنا، وأنزل الله الآية التي فيها: * (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) * (21).
قال الرضا علي بن موسى (عليه السلام): الحمد لله الذي جعل في وفي ابني محمد أسوة برسول الله وابنه إبراهيم.ولما بلغ عمره ست سنين وشهور قتل المأمون أباه، وبقيت الطائفة في حيرة، واختلفت الكلمة بين الناس،، واستصغر سن أبي جعفر (عليه السلام)، وتحير الشيعة في سائر الأمصار.(22)
343 / 3 - وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي، قال: روى محمد بن المحمودي، عن أبيه، قال: كنت واقفا على رأس الرضا (عليه السلام) بطوس، فقال له بعض أصحابه: إن حدث حدث فإلى من؟
قال: إلى ابني أبي جعفر.
قال: فإن استصغر سنه؟
فقال له أبو الحسن: إن الله بعث عيسى بن مريم قائما بشريعته في دون السن التي يقوم فيها أبو جعفر على شريعته.
فلما مضى الرضا (عليه السلام)، وذلك في سنة اثنتين ومائتين (23)، وسن أبي جعفر (عليه السلام) ست سنين وشهور، واختلف الناس في جميع الأمصار، واجتمع الريان ابن الصلت، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن حكيم، و عبد الرحمن بن الحجاج، ويونس بن عبد الرحمن، وجماعة من وجوه العصابة في دار عبد الرحمن بن الحجاج، في بركة زلزل (24)، يبكون ويتوجعون (25) من المصيبة، فقال لهم يونس: دعوا البكاء، من لهذا الأمر يفتي (26) بالمسائل إلى أن يكبر هذا الصبي (27)؟ يعني أبا جعفر (عليه السلام)، وكان له ست سنين وشهور، ثم قال: أنا ومن مثلي! فقام إليه الريان بن الصلت فوضع يده في حلقه، ولم يزل يلطم وجهه ويضرب رأسه، ثم قال له: يا بن الفاعلة، إن كان أمر من الله (جل وعلا) فابن يومين مثل ابن مائة سنة، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة (عليهم السلام) أو ببعضه، أو هذا مما ينبغي أن (28) ينظر فيه؟ وأقبلت العصابة على يونس تعذله.
وقرب الحج، واجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا، وخرجوا إلى المدينة، وأتوا دار أبي عبد الله (عليه السلام)، فدخلوها، وبسط لهم بساط أحمر، وخرج إليهم (29) عبد الله بن موسى، فجلس في صدر المجلس، وقام مناد فنادى: هذا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمن أراد السؤال فليسأل. فقام إليه رجل من القوم فقال له: ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟ قال: طلقت ثلاث دون الجوزاء.
فورد على الشيعة ما زاد في غمهم وحزنهم.
ثم قام إليه رجل آخر فقال: ما تقول في رجل أتى بهيمة؟ قال: تقطع يده، ويجلد مائة جلدة، وينفى. فضج الناس بالبكاء، وكان قد اجتمع فقهاء الأمصار. فهم في ذلك إذ فتح باب من صدر المجلس، وخرج موفق، ثم خرج أبو جعفر (عليه السلام) وعليه قميصان وإزار وعمامة بذؤابتين، إحداهما من قدام، والأخرى من خلف، ونعل بقبالين (30)، فجلس وأمسك الناس كلهم، ثم قام إليه صاحب المسألة الأولى، فقال: يا ابن رسول الله، ما تقول فيمن قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟
فقال له: يا هذا (31)، إقرأ كتاب الله، قال الله (تبارك وتعالى): * (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * (32) في الثالثة.
قال: فإن عمك أفتاني بكيت وكيت.
فقال له: يا عم، اتق الله، ولا تفت وفي الأمة من هو أعلم منك.
فقام إليه صاحب المسألة الثانية، فقال له: يا بن رسول الله، ما تقول في (33) رجل أتى بهيمة؟
فقال: يعزر ويحمى ظهر البهيمة، وتخرج من البلد، لا يبقى على الرجل عارها.
فقال: إن عمك أفتاني بكيت وكيت. فالتفت وقال بأعلى صوته: لا إله إلا الله، يا عبد الله، إنه عظيم عند الله أن تقف غدا بين يدي الله فيقول لك: لم أفتيت عبادي بما لا تعلم وفي الأمة من هو أعلم منك؟
فقال له عبد الله بن موسى: رأيت أخي الرضا (عليه السلام) وقد أجاب في هذه المسألة بهذا الجواب.
فقال له أبو جعفر (عليه السلام): إنما سئل الرضا (عليه السلام) عن نباش نبش فبر امرأة ففجر بها، وأخذ ثيابها، فأمر بقطعه للسرقة، وجلده للزنا، ونفيه للمثلة (34)، ففرح القوم (35).
344 / 4 - قال أبو خداش المهري (36): وكنت قد حضرت مجلس موسى (عليه السلام) (37)، فأتاه رجل فقال له: جعلت فداك، أم ولد لي، وهي عندي صدوق، أرضعت جارية بلبن ابني، أيحرم علي نكاحها؟
قال أبو الحسن: لا رضاع بعد فطام.
فسأله عن الصلاة في الحرمين، فقال: إن شئت قصرت، وإن شئت أتممت.
قال له: فالخصي يدخل على النساء؟ فأعرض بوجهه.
قال: فحججت بعد ذلك، فدخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فسألته عن المسائل، فأجابني بالجواب.
وقال: حضرت مجلس أبي جعفر (عليه السلام) في ذلك الوقت؟ قال: فقلت: جعلت فداك، إن أم ولد لي أرضعت جارية لي بلبن ابني، أيحرم علي نكاحها؟
فقال: لا رضاع بعد فطام.
قلت: الصلاة في الحرمين؟
قال: إن شئت قصرت، وإن شئت أتممت.
قال: قلت: الخادم يدخل على النساء؟ فحول وجهه، ثم استدناني فقال: وما نقص منه إلا الواقعة عليه.(38)
345 / 5 - ومكث أبو جعفر (عليه السلام) مستخفيا بالإمامة، فلما صار له ست عشر سنة (39) وجه المأمون من حمله، وأنزله بالقرب من داره، وعزم على تزويجه ابنته، واجتمعت بنو هاشم (40) وسألوه أن لا يفعل ذلك، فقال لهم: هو والله لأعلم بالله ورسوله وسنته وأحكامه من جميعكم، فخرجوا من عنده، وبعثوا إلى يحيى بن أكثم، فسألوه الاحتيال على أبي جعفر بمسألة في الفقه يلقيها عليه.
فلما اجتمعوا وحضر أبو جعفر (عليه السلام)، قالوا: يا أمير المؤمنين، هذا يحيى بن أكثم، إن أذنت أن يسأل أبا جعفر عن مسألة في الفقه، فينظر كيف فهمه. فأذن المأمون في ذلك، فقال يحيى لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في محرم قتل صيدا.
قال أبو جعفر (عليه السلام): في حل أو في حرم، عالما أو (41) جاهلا، عمدا أو خطأ، صغيرا أو كبيرا، حرا أو عبدا، مبتدئا أو معيدا (42)، من ذوات الطير أو غيرها، من صغار الصيد أو من كبارها، مصرا أو نادما، رمى بالليل في وكرها أو بالنهار عيانا، محرما للعمرة أو الحج؟ فانقطع يحيى انقطاعا لم يخف على أحد من أهل المجلس، وتحير الناس تعجبا من جوابه، ونشط (43) المأمون فقال: تخطب أبا جعفر لنفسك؟ فقام (عليه السلام) فقال:
الحمد لله منعم النعم برحمته، والهادي لأفضاله بمنه، وصلى الله على محمد (44) خير خلقه الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله، وجعل تراثه إلى من خصه بخلافته، وسلم تسليما.
وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما جعل الله للمسلمات على المسلمين من إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، وقد بذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأزواجه خمسمائة درهم، ونحلتها من مالي مائة ألف درهم، زوجتني يا أمير المؤمنين؟
فقال المأمون: الحمد لله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته (45)، وصلى الله على محمد عبده وخيرته، وكان من فضل (46) الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال: * (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) * (47). ثم إن محمد ابن علي خطب أم الفضل بنت عبد الله، وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم، وقد زوجته، فهل قبلت يا أبا جعفر؟
قال أبو جعفر (عليه السلام): قد قبلت هذا التزويج، بهذا الصداق.
ثم أولم عليه المأمون، فجاء الناس على مراتبهم، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين، فإذا نحن بالخدم يجرون سفينة من فضة، مملوءة غالية، فصبغوا بها لحى الخاصة، ثم مدوها إلى دار العامة فطيبوهم. فلما تفرق الناس قال المأمون: يا أبا جعفر، إن رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب على كل صنف من هذه الأصناف التي ذكرت من جزاء الصيد.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل، والصيد من ذوات الطير من كبارها، فعليه شاة. وإذا أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا.
وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم، وليس عليه قيمته، لأنه ليس في الحرم. فإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمته.
وإذا كان من الوحش فعليه إن كان حمارا ذكرا، بدنة، وكذلك في النعامة، فإن لم يقدر فإطعام ستين مسكينا، وإن لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما، وإن كان (48) بقرة فعليه بقرة، فإن لم يقدر فإطعام ثلاثين مسكينا، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام. وإن كان ظبيا فعليه شاة، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام. فإن كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، هديا بالغ الكعبة، حقا واجبا عليه أن ينحره، إن كان في الحج، من حيث تنحر الناس.
وإن كان في عمرة ينحر في مكة ويتصدق بمثل ثمنه، حتى يكون مضاعفا.
وإن كان أصاب أرنبا فعليه شاة، ويتصدق، فإذا قتل الحمامة بعد الشاة يتصدق بدرهم، أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، وفي الفرخ نصف درهم، وفي البيضة ربع درهم.
كل ما أتى به المحرم بجهالة أو خطأ فليس فيه شئ، إلا الصيد، فإن فيه عليه الفداء بجهالة كان أو بعلم، بخطأ كان أو بعمد، وكذلك كل ما أتى به العبد، فكفارته على صاحبه، مثل ما يلزم صاحبه، وكل ما أتى به (49) الصغير الذي ليس ببالغ، فلا شئ عليه.
وإن كان ممن عاد فهو ممن ينتقم الله منه، وليس عليه كفارة، والنقمة في الآخرة، فإن دل على الصيد وهو محرم فعليه الفداء، والمصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة الآخرة، والنادم عليه لا شئ (50) عليه بعد الفداء.
وإن أصاب الصيد ليلا في وكره خطأ فلا شئ عليه حتى يتعمد، فإذا تصيد بليل أو نهار فعليه الفداء.
والمحرم للحج ينحر الفداء بمنى حيث تنحر الناس، والمحرم للعمرة ينحر بمكة. فأمر المأمون أن يكتب ذلك عنه.
ثم دعا من أنكر عليه تزويجه، فقرأ ذلك عليه، ثم قال لهم: هل فيكم أحد يجيب بمثل هذا الجواب؟ قالوا: أنت كنت أعلم به منا، ثم أمر المأمون فنثر (51) على أبي جعفر (عليه السلام) رقاع، فيها ضياع وطعم (52) وعمالات (53)، ولم يزل مكرما لأبي جعفر (عليه السلام) بقية (54) حياته.(55)
أحواله ومدة إمامته
وكان مقامه مع أبيه سبع سنين وأربعة أشهر ويومين.
وقد روى: سبع سنين وثلاثة أشهر.
وعاش بعد أبيه ثماني عشرة سنة غير عشرين يوما.(56)
وكانت سنو (57) إمامته بقية ملك المأمون، ثم ملك المعتصم ثماني سنين، ثم ملك الواثق خمس سنين وثمانية أشهر.
واستشهد في ملك الواثق سنة عشرين ومائتين من الهجرة.(58)
وكمل عمره خمس (59) وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثنين وعشرين يوما. ويقال:
اثني عشر يوما. في ذي الحجة يوم الثلاثاء على ساعتين من النهار لخمس خلون منه (60)، ويقال: لثلاث خلون منه (61).
وكان سبب وفاته أن أم الفضل بنت المأمون - لما تسرى (62) ورزقه الله الولد (63) من غيرها - انحرفت (64) عنه، وسمته في عنب، وكان تسعة عشر عنبة (65)، وكان يحب العنب، فلما أكله بكت، فقال لها: مم بكاؤك، والله ليضربنك الله بفقر لا ينجبر، وببلاء لا ينستر.
فبليت بعده بعلة في أغمض المواضع، أنفقت عليها جميع ملكها (66)، حتى احتاجت إلى رفد الناس (67).
ويقال: إنها سمته بمنديل يمسح به عند الملامسة، فلما أحس بذلك قال لها:
أبلاك الله بداء لا دواء له. فوقعت الأكلة (68) في فرجها، فكانت تنكشف للطبيب، ينظرون إليها، ويشيرون عليها بالدواء، فلا ينفع ذلك شيئا، حتى ماتت في علتها.(69)
ودفن (عليه السلام) ببغداد بمقابر قريش إلى جنب جده موسى بن جعفر (عليه السلام).
نسبه:
محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد مناف (70) بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
ويكنى:
أبا جعفر، والخاص: أبو علي.(71)
ولقبه (72):
الزكي، والمرتضى، والتقي، والقانع، والرضي، والمختار، والمتوكل، والجواد (73).
وأمه:
أم ولد تسمى ريحانة وتكنى أم الحسن، ويقال إن اسمها: سكينة (74)، ويقال لها: خيزران (75)، والله أعلم (76). ذكر ولده (عليه السلام)
أبو الحسن علي بن محمد العسكري الإمام (عليه السلام)، وموسى.
ومن البنات: خديجة، وحكيمة، وأم كلثوم.(77)
[نقش خاتمه (عليه السلام)]:
وكان له خاتم نقش فصه: العزة لله، مثل نقش (78) خاتم أبيه (عليه السلام).(79)
بوابه:
عمر بن الفرات.(80)
ذكر معجزاته (عليه السلام)
346 / 6 - قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، قال: رأيت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) وله شعرة - أو قال وفرة - مثل حلك (81) الغراب، مسح يده عليها فاحمرت ثم مسح عليها بظاهر كفه فابيضت، ثم مسح عليها بباطن كفه فعادت (82) سوداء كما كانت، فقال لي: يا بن سعد، هكذا تكون آيات الإمام.
فقلت: رأيت أباك (عليه السلام) (83) يضرب بيده إلى التراب فيجعله دنانير ودراهم.
فقال: في مصرك قوم يزعمون أن الإمام (84) يحتاج إلى مال، فضرب بيده لهم ليبلغهم أن كنوز الأرض بيد الإمام.(85)
347 / 7 - قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: قال إبراهيم بن سعد: كنت جالسا عند محمد بن علي (عليه السلام) إذ مرت بنا فرس أنثى، فقال: هذه تلد الليلة فلوا (86) أبيض الناصية، في وجهه غرة.
فاستأذنته ثم انصرفت مع صاحبها، فلم أزل أحدثه إلى الليل حتى أتت الفرس بفلو كما وصف ما فيه.
وعدت إليه، فقال: يا بن سعد، شككت فيما قلت لك بالأمس؟ إن التي في منزلك حبلى تأتيك بابن أعور. فولد لي محمد وكان أعور.(87)
348 / 8 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال:
قال إبراهيم بن سعد: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يضرب بيده إلى ورق الزيتون فيصير في كفه ورقا (88)، فأخذت منه كثيرا وأنفقته في الأسواق فلم يتغير.(89)
349 / 9 - قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، قال: قال محمد بن يحيى:
لقيت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) على وسط دجلة فالتقى له طرفاه حتى عبر، ورأيته بالأنبار على الفرات فعل مثل ذلك.(90)
350 / 10 - قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن الهيثم أبو قبيصة الضرير، قال:
حدثنا أحمد بن موسى، قال: أخبرنا حكيم بن حماد، قال: رأيت سيدي محمد بن علي (عليه السلام) وقد ألقى في دجلة خاتما فوقفت كل سفينة صاعدة وهابطة، وأهل العراق يومئذ متزايدون، ثم قال لغلامه: أخرج الخاتم. فسارت الزوارق.(91)
351 / 11 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي، قال:
حدثنا أبو النصر أحمد بن سعيد، قال: قال لي منخل بن علي: لقيت محمد بن علي (عليه السلام) بسر من رأى فسألته النفقة إلى بيت المقدس فأعطاني مائة دينار ثم قال لي: أغمض عينيك. فغمضتهما، ثم قال: افتح. فإذا أنا ببيت المقدس تحت القبة، فتحيرت في ذلك.(92)
352 / 12 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي، قال:
حدثنا هشام بن محمد، قال: قال محمد بن العلاء: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يحج بلا راحلة ولا زاد من ليلته ويرجع، وكان لي أخ بمكة لي عنده (93) خاتم، فقلت له: تأخذ لي منه علامة، فرجع من ليلته ومعه الخاتم.(94)
353 / 13 - قال أبو جعفر: حدثنا موسى بن عمران بن كثير، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يضع يده على منبر فتورق كل شجرة من نوعها، وإني (955) رأيته يكلم شاة فتجيبه.(96)
354 / 14 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: قال عمارة ابن زيد: رأيت محمد بن علي (عليه السلام)، فقلت له: يا بن رسول الله، ما علامة الإمام؟
قال: إذا فعل هكذا. فوضع يده على صخرة فبانت أصابعه فيها. ورأيته يمد الحديد بغير نار، ويطبع الحجارة بخاتمه.(97)
355 / 15 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: قال لي عمارة بن زيد: رأيت امرأة قد حملت ابنا لها مكفوفا إلى أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، فمسح يده عليه فاستوى قائما يعدو، كأن لم يكن في عينه ضرر.(98)
356 / 16 - قال أبو جعفر: حدثنا قطر بن أبي قطر: قال: حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: قال لي محمد بن علي بن عمر التنوخي: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) وهو يكلم ثورا فحرك الثور رأسه، فقلت: لا، ولكن تأمر الثور أن يكلمك.
فقال: وعلمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ (99). ثم قال للثور: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فقال. ثم مسح بكفه على رأسه (100).
357 / 17 - قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: قال لي عمارة بن زيد: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) وبين يديه قصعة صيني، فقال لي: يا عمارة، أترى من هذا عجبا؟ قلت: نعم. فوضع يده عليها فذابت حتى صارت ماء، ثم جمعه حتى جعله في قدح ثم ردها ومسحها بيده فإذا هي قصعة صيني كما كانت، وقال: مثل هكذا فلتكن القدرة.(101)
358 / 18 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني (102) زكريا بن آدم، قال: إني لعند الرضا (عليه السلام) إذ جئ بأبي جعفر (عليه السلام)، وسنه أقل من أربع سنين، فضرب بيده إلى الأرض، ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر (103)، فقال له الرضا (عليه السلام): بنفسي أنت، لم طال فكرك؟ فقال (عليه السلام): فيما صنع بأمي فاطمة (عليها السلام)، أما والله لأخرجنهما ثم لأحرقنهما، ثم لأذرينهما، ثم لأنسفنهما في اليم نسفا. فاستدناه، وقبل ما (104) بين عينيه، ثم قال: بأبي أنت وأمي، أنت لها. يعني الإمامة.(105)
359 / 19 - قال أمية بن علي: كنت بالمدينة، وكنت أختلف إلى أبي جعفر (عليه السلام)، وأبوه بخراسان فدعا جاريته يوما (106) فقال لها: قولي لهم يتهيئون للمأتم.
فلما (107) تفرقنا من مجلسنا أنا وجماعة، قلنا: ألا سألناه مأتم من (108)؟ فلما كان الغد أعاد القول، فقلنا له: مأتم من؟ فقال: مأتم خير من صلى على ظهر الأرض. فورد الخبر بمضي أبي الحسن (عليه السلام) بعد أيام.(109)
360 / 20 - وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني، قال: حج إسحاق بن إسماعيل في السنة التي خرجت الجماعة إلى أبي جعفر (عليه السلام). قال إسحاق: فأعددت له في رقعة عشر مسائل لأسأله عنها، وكان لي حمل، فقلت: إذا أجابني عن مسائلي، سألته أن يدعو الله لي أن يجعله ذكرا.
فلما سأله الناس قمت، والرقعة معي، لأسأله عن مسائلي، فلما نظر إلي قال لي: يا أبا يعقوب، سمه أحمد، فولد لي ذكر، فسميته أحمد، فعاش مدة ومات.
وكان ممن خرج مع الجماعة علي بن حسان الواسطي، المعروف بالعمش (110)، قال: حملت معي إليه (عليه السلام) من الآلة التي للصبيان، بعضها (111) من فضة. وقلت:
أتحف مولاي أبا جعفر بها. فلما تفرق الناس عنه عن جواب لجميعهم (112)، قام فمضى إلى صريا واتبعته، فلقيت موفقا، فقلت: استأذن لي على أبي جعفر، فدخلت فسلمت، فرد علي السلام، وفي وجهه الكراهة، ولم يأمرني بالجلوس، فدنوت منه وفرغت ما كان في كمي بين يديه، فنظر إلي نظر مغضب، ثم رمى (113) يمينا وشمالا، ثم قال: ما لهذا خلقني الله، ما أنا واللعب؟! فاستعفيته فعفا عني، فأخذتها (114) فخرجت.(115)
361 / 21 - وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا جعفر [بن محمد] بن مالك الفزاري، قال: حدثني علي بن يونس الخزاز، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال:
كنت أنا ومحمد بن سنان وصفوان و عبد الله بن المغيرة عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام) بمنى، فقال لي: ألك (116) حاجة؟ فقلت: نعم، وكتب معنا كتابا إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فلما صرنا إلى المدينة أخرجه إلينا مسافر على كتفه، وله يومئذ ثمانية عشر شهرا، فدفعنا إليه الكتاب، ففض الخاتم وقرأه، ثم رفع رأسه إلى نخلة كان تحتها، فقال: باح باح.(117)
362 / 22 - وروى أحمد بن الحسين، عن محمد بن أبي الطيب (118)، عن عبد الوهاب بن منصور، عن محمد بن أبي العلاء، قال: سألت يحيى بن أكثم قاضي القضاء بسر من رأى بعد منازعة جرت بيني وبينه عن علوم آل محمد (صلوات الله عليهم) (119).
فقال لي: بينا أنا ذات يوم في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) واقف عند القبر، أدعو، فرأيت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) قد أقبل نحو القبر، فناظرته في مسائل قبل أن يسألني، فسألني عن الإمام، فقلت: هو والله أنت.
فقال: أنا هو.
فقلت: فعلامة تدلني عليك. وكان في يده عصا فنطقت، وقالت: إن مولاي إمام هذا الزمان محمد، يا يحيى.(120)
363 / 23 - وروى العباس بن السندي الهمداني، عن بكر، (121) قال: قلت له: إن عمتي تشتكي من ريح بها، فقال: إئتني بها. قال: فأتيته بها، فدخلت عليه، فقال لها:
مم تشتكين؟
قالت: ركبتي، جعلت فداك. قال: فمسح يده على ركبتها من وراء الثياب، وتكلم بكلام (122)، فخرجت ولا تجد شيئا من الوجع (123).
364 / 24 - وعنه، عن علي، عن الحسن بن أبي عثمان الهمداني، قال: دخل أناس من أصحابنا من أهل الدين على أبي جعفر (عليه السلام)، وفينا رجل من الزيدية، فسألناه مسألة، فقال أبو جعفر (عليه السلام) لغلامه: خذ بيد هذا الرجل فأخرجه. فقال الزيدي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله تسليما كثيرا طيبا مباركا)، وأنك حجة الله بعد آبائك (124).
365 / 25 - حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحسين، عن أبيه.
قال: وحدثني أحمد بن صالح، عن عسكر مولى أبي جعفر محمد بن علي الرضا، قال: دخلت عليه وهو جالس في وسط إيوان له يكون عشرة أذرع (125)، قال: فوقفت بباب الإيوان، وقلت في نفسي: يا سبحان الله، ما أشد سمرة مولاي، وأضوى جسده (126)!
قال: فوالله، ما استتممت هذا القول في نفسي حتى عرض في جسده، وتطاول، فامتلأ به الإيوان إلى سقفه مع جوامع حيطانه، ثم رأيت لونه قد أظلم حتى صار كالليل المظلم، ثم ابيض حتى صار كأبيض ما يكون من الثلج الأبيض، ثم احمر فصار (127) كالعلق المحمر، ثم أخضر حتى صار كأعظم شئ يكون في الأعواد المورقة الخضر (128)، ثم تناقص جسده حتى صار في صورته الأولى، وعاد لونه إلى اللون الأول (129) فسقطت لوجهي لهول ما رأيت، فصاح بي: يا عسكر، كم تشكون فينا، وتضعفون قلوبكم، والله لا يصل (130) إلى حقيقة معرفتنا إلا من من الله بنا عليه، وارتضاه لنا وليا.
قال عسكر: فآليت أن لا أفكر في نفسي إلا بما ينطق به لساني (131) 366 / 26 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، عن أبي جعفر محمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن بن فروخ الصفار، عن محمد بن حسان الراوي، قال: حدثنا علي بن خالد، وكان زيديا، قال: كنت في عسكر هؤلاء، فبلغني أن هناك رجلا محبوسا أتي به من ناحية الشام مكبولا، وزعموا أنه ادعى النبوة. قال: فأتيت إلى البوابين وبررتهم بشئ، حتى وصلت إليه، فسألته عن حاله وقصته. فقال: كنت بالشام (132) أ عبد الله (تعالى) عند الأسطوانة التي يقال إن رأس الحسين (عليه السلام) تحتها. فبينا أنا ذات ليلة (133) قائم أصلي إذ نظرت، وإذا إلى جانبي شخص، فقال لي: يا هذا، تشتهي أن تزور قبره (عليه السلام) (134)؟
فقلت: إي والله.
فقال: اغمض عينيك. فغمضت فقال: افتح. ففتحت، فإذا أنا (135) بالحائر فزرت (136).
ثم قال لي: تشتهي أن تزور أباه (137)؟ فقلت: نعم. ففعل بي مثل ذلك. حتى جاء بي إلى (138) مسجد الكوفة، فقال: أتعرف هذا المسجد؟ فقلت: نعم، هذا مسجد الكوفة.
قال: فصلى فيه، وصليت معه. فبينا أنا كذلك إذ قال لي: تشتهي أن تزور (139) رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقلت: إي والله. ففعل لي مثل ذلك، وإذا أنا في مسجد الرسول، فصلى وصليت وصلى على رسول الله، فبينا أنا معه إذ أتى بي مكة، فلم أزل معه (140) حتى قضى مناسكه كلها وقضيت مناسكي كلها وأنا معه، ثم ردني إلى مكاني الذي كنت فيه بالشام ثم مضى.
فلما كان من عام قابل أيام الموسم إذا أنا به وفعل بي مثل ما فعل في العام (141) الماضي، وردني إلى الشام، فقلت له: سألتك بحق الذي أقدرك على ما أرى، إلا ما أخبرتني من أنت (142).
قال: فأطرق طويلا، ثم نظر إلي فقال: أنا محمد بن علي بن موسى. وذهب (143).
فأخبرت أهلي وولدي، فما خرج الحديث عن المحلة حتى قالوا: يدعي النبوة، ورفع خبري إلى السلطان، فما شعرت حتى حملت كما تراني. فقلت: ارفع قصته إلى محمد بن عبد الملك الزيات. فكتبتها ورفعتها إليه كما كانت قصته، فوقع في القصة:
قل (144) لمن بلغ بك إلى هذه المواضع - إن كان صادقا - أن يخرجك من حبسك.
قال علي بن خالد: فغمني ذلك وعزيته بالصبر، وعرضت عليه مالا فأبى أن يأخذه، وكان هذا يوم الخميس، فلما كان يوم الجمعة قصدته (145) لأسلم عليه، فرأيت السجان وسط الرواق، قال: قد وضع صاحبك الذي تفقدته البارحة حديده وسط السجن وخرج، لا أدري اجتذبته الأرض أم ارتفع إلى السماء.
فخرجت إلى الجامع وبقيت بعد ذلك في العسكر سنين كثيرة، فما رأيت أحدا ذكر أنه رآه إلى يوم الناس هذا.(146)
367 / 27 - قال محمد بن علي بن حمزة الهاشمي: دخلت على أبي جعفر محمد ابن علي الرضا (عليه السلام) صبيحة عرسه بابنة المأمون، وكنت تناولت دواة، فأول من دخل عليه في صبيحته أنا وقد أصابني العطش، فكرهت أن أدعو بالماء.
فقال لي: أظنك عطشانا؟ فقلت: نعم. فقال: يا غلام - أو قال: يا جارية - اسقنا ماء. فقلت في نفسي: إذن يأتونه بماء (147) يسمونه به، فاغتممت لذلك، فأقبل الغلام ومعه الماء، فتبسم في وجهي، ثم قال: يا غلام، ناولني الكوز. فشرب منه، ثم ناولني فشربت.
ثم عطشت أيضا، فكرهت أن أدعو بالماء، ففعل بي ما فعل بالأولى، جاء بالماء، فقال: يا غلام! ناولني القدح فشرب منه، ثم ناولني وتبسم (148).
ثم قال محمد بن علي الهاشمي: وأنا أظن به كما تظنون، (149) بعد ما شاهدت منه هذا وأمثاله (150).
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما (151).
**************************
(1) وقيل: في العاشر من رجب، أو النصف منه. انظر: تاج المواليد: 128، إعلام الورى: 344، مناقب ابن شهرآشوب 4: 379، كشف الغمة 2: 343.
(2) تاريخ الأئمة: 13، الكافي 1: 411، الارشاد: 316، مسار الشيعة: 43، تاريخ بغداد 3: 55، تاج المواليد: 128، إعلام الورى: 344، مناقب ابن شهرآشوب 4: 379، تذكرة الخواص: 358، كفاية الطالب:
458، كشف الغمة 2: 343 و 345، المستجاد: 500، الفصول المهمة: 266.
(3) في " ع، م " زيادة: بن يحيى.
(4) في " ط ": أم أبي جعفر كتبت إليه جاريتك سبيكة.
(5) (ساعة كذا من) ليس في " ع، م ".
(6) مدينة المعاجز: 515 / 1.
(7) في " م، ط ": سنيف.
(8) القافة: جمع قائف، وهو الذي يعرف الآثار ويلحق الولد بالوالد والأخ بأخيه " مجمع البحرين - قوف - 5:110 ".
(9) في " ع، م ": اذهب.
(10) زاد في " ع ": أخوي و، وفي النوادر: أجدادي و.
(11) في " ط " زيادة: وعدلا.
(12) الأحقاف 46: 35.
(13) في " ع، ط ": الرجل.
(14) في " ع، م ": رسالاته، تضمين من سورة الأنعام 6: 124.
(15) في " ع ": ولادها.
(16) في " ع ": إيمانها وإسلامها.
(17) في " ع، م ": يشكون.
(18) في " ع، م ": بقول.
(19) رجل زمن أي مبتلى، ذو عاهة " لسان العرب - زمن - 13: 199 ".
(20) في " ع، م ": وامتسح سيفه.
(21) التوبة 9: 80.
(22) الهداية الكبرى: 295، نوادر المعجزات: 173، مناقب ابن شهرآشوب 4: 387، حلية الأبرار 2: 392.
(23) في " ع، م ": اثنين وثمانين ومائة، وهو خطأ.
(24) محلة ببغداد، معروفة، " معجم البلدان 1: 402 ".
(25) في " ع ": يترجعون.
(26) في " ع ": ننشي، وفي المدينة: تفشي، وفي الاثبات: وإلى من يقصد بالمسائل...
(27) في " ع ": المسائل إلى هذا الصبي.
(28) في " ع ": مما يتعلق أو.
(29) (إليهم) ليس في " ع، م ".
(30) القبال: زمام النعل، وهو السير الذي يكون بين الإصبعين " لسان العرب - قبل - 11: 543 ".
(31) في " ع، م ": ما هذا.
(32) البقرة 2: 229.
(33) (ما تقول في) ليس في " ع، م ".
(34) في " ع، م ": للمثلة، فالمت، وظاهرا: للمثلة بالميت.
(35) إثبات الوصية: 186، مدينة المعاجز: 518.
(36) في " ع، م ": النهدي، ومهرة محلة بالبصرة، انظر رجال النجاشي: 228، رجال الكشي: 447، رجال الطوسي: 355، 408.
(37) في " ط ": مجلس الرضا علي بن موسى (عليه السلام).
(38) إثبات الوصية: 187.
(39) في إثبات الوصية: 188: إلى أن صارت سنة عشر سنين، وفي رواية: بعد أيام من شهادة أبيه (عليهما السلام).
(40) كذا في النسخ والصواب: بنو العباس.
(41) في " ع ": أم في حرم أو عالما أم، وفي " م ": أو في حرم أو عالما أو.
(42) في " ع، م ": مقبلا.
(43) في " ع، م ": وقسط.
(44) (محمد) ليس في " ع، م ".
(45) في " ع، م ": لعظمته.
(46) في " ع، م ": قضاء.
(47) النور 24: 32.
(48) في " ع، م ": كانت.
(49) (العبد، فضارته... أتى به) ليس في " م، ط ".
(50) في " ط ": عليه حتى.
(51) في " ط ": ثم دعا الناس ونثر.
(52) الطعم: المأكل والرزق " أقرب الموارد - طعم - 1: 708 ".
(53) في " ط ": ضياع وعمالات وعقار وأطعمة.
(54) في " ط ": مكرما له مدة.
(55) إثبات الوصية: 188، قطعة منه في الارشاد: 319 والاختصاص: 98، والاحتجاج: 443، والثاقب في المناقب: 505 / 433.
(56) المروي في الارشاد: 316، وتاج المواليد: 128، وأعلام الورى: 344، ومناقب ابن شهرآشوب 4:
379: سبع عشرة سنة.
(57) في " ع، م ": وكان سني.
(58) مناقب ابن شهرآشوب 4: 379، والذي في سائر المصادر أنه (عليه السلام) استشهد في أول ملك المعتصم، وهو الموافق للصواب حيث إن ملك المعتصم امتد بين (219 - 227 هـ) انظر تاج المواليد: 128، إعلام الورى: 344، كشف الغمة 2: 369، الجوهر الثمين: 138.
(59) في " ط ": وبلغ من العمر خمسا.
(60) إثبات الوصية: 192، تاريخ بغداد 3: 55، كشف الغمة 2: 345.
(61) المروي: لست خلون منه، انظر تاريخ الأئمة: 13، تاريخ بغداد 3: 55، مناقب ابن شهرآشوب 4:
379، الفصول المهمة: 275.
(62) تسرى الرجل: اتخذ سرية، أي أمة.
(63) في " ع، م ": لما رزق الله أبا الحسن.
(64) في " ع، م ": انخفرت.
(65) في " ط ": حبة.
(66) في " ط ": ما تملكه.
(67) إثبات الوصية: 192.
(68) الأكلة: داء يقع في العضو فيأتكل منه " لسان العرب - أكل - 11: 22 ".
(69) مناقب ابن شهرآشوب 4: 391.
(70) في " ع ": أبي طالب.
(71) تاريخ الأئمة: 30، الهداية الكبرى: 295، تاج المواليد: 127، مناقب ابن شهرآشوب 4: 379، إعلام الورى: 345، تذكرة الخواص: 358، كشف الغمة: 2: 343، الفصول المهمة: 265.
(72) في " ع، م ": وكنيته.
(73) (والجواد) ليس في " ع، م ". تاريخ الأئمة: 29، الهداية الكبرى: 295، إعلام الورى: 345، مناقب ابن شهرآشوب 4: 379، تذكرة الخواص: 359، كشف الغمة 2: 343، الفصول المهمة: 266.
(74) في " ط ": ويقال: سبيكة. وهو الموافق لما في تاج المواليد: 128 وإعلام الورى: 345، ومناقب ابن شهرآشوب 4: 379.
(75) في " ع ": خيران.
(76) تاريخ الأئمة: 25، تاج المواليد: 128، مناقب ابن شهرآشوب 4: 379، تذكرة الخواص: 359.
(77) تاج المواليد: 130، مناقب ابن شهرآشوب 4: 380، تذكرة الخواص: 359، المستجاد: 506، الفصول المهمة: 276، وزاد في تاج المواليد والمناقب: فاطمة وأمامة، ولم يذكر غيرهما من البنات في المستجاد والفصول المهمة.
(78) (نقش) ليس في " ع، م ".
(79) في الفصول المهمة: 266: نعم القادر الله.
(80) تاريخ الأئمة: 33، الفصول المهمة: 266. وفي المناقب لابن شهرآشوب 4: 380: عثمان بن سعيد السمان.
(81) الحلكة: شدة السواد، وفي " ع ": جثل، والجثل: الشعر.
(82) في " ع، م ": فصارت.
(83) في " م " زيادة: ما أشك.
(84) في " ع، م ": الاسلام.
(85) نوادر المعجزات: 179 / 2، مدينة المعاجز: 523 / 22.
(86) الفلو: بضم أوله وكسره، المهر.
(87) نوادر المعجزات: 180 / 3، فرج المهموم: 232.
(88) أي فضة، أو دراهم فضة.
(89) نوادر المعجزات: 180 / 4.
(90) مدينة المعاجز: 543 / 25.
(91) مدينة المعاجز: 524 / 26.
(92) نوادر المعجزات: 181 / 5.
(93) في " ع، م ": معه.
(94) إثبات الهداة 6: 199 / 61.
(95) في " ط ": من فروعها و.
(96) نوادر المعجزات: 181 / 6.
(97) نوادر المعجزات: 181 / 7.
(98) مدينة المعاجز: 524.
(99) تضمين من سورة النمل 27: 16.
(100) في " ع، م ": ثم مسح برأسه عليه.
نوادر المعجزات: 182 / 8.
(101) نوادر المعجزات: 182 / 9.
(102) في " ط ": حدثنا.
(103) في " ط ": وهو يفكر.
(104) (ما) ليس في " ع، م ".
(105) إثبات الوصية: 184، نوادر المعجزات: 183 / 10.
(106) في " ع، م ": يوما بالجارية.
(107) في " ع " زيادة: كان الغد أعاد القول، وهو تكرار لما يأتي.
(108) في " ط ": لمن المأتم.
(109) إعلام الورى: 350، مناقب ابن شهرآشوب 4: 389، الثاقب في المناقب: 515 / 443، كشف الغمة 2: 369.
(110) كذا في النسخ والبحار، وفي رجال النجاشي: 276: المنمس.
(111) في " ع، م ": بعضا.
(112) في " ط ": عنه بعد جواب الجميع.
(113) في " ط ": رنا.
(114) (فأخذتها) ليس في " ع، م ".
(115) مدينة المعاجز: 526 / 39، البحار 50: 58 / 34.
(116) في " ع ": فقال: لك.
(117) مدينة المعاجز: 526 / 40.
(118) في الكافي: محمد بن الطيب، راجع معجم رجال الحديث 16: 195.
(119) في " ط ": آل محمد عما شاهده.
(120) الكافي 1: 287 / 9، نوادر المعجزات: 183 / 11، مناقب ابن شهرآشوب 4: 393، الثاقب في المناقب: 508 / 434، مدينة المعاجز: 519 / 6.
(121) في المصادر: أبو بكر بن إسماعيل، وفي الثاقب: بكير.
(122) في " ط ": الثياب، ودعا.
(123) في " ط ": شيئا مما تشتكي.
الثاقب في المناقب: 521 / 453 ونحوه الخرائج والجرائح 1: 376 / 3، وكشف الغمة 2: 366، والصراط المستقيم 2: 200 / 3.
(124) (بعد آبائك) ليس في " ع، م ".
الخرائج والجرائح 2: 669، الثاقب في المناقب: 519 / 450، مدينة المعاجز: 527 / 42.
(125) في " ع " زيادة: وعشرة أذرع.
(126) ضوي الرجل: دق عظمه وقل جسمه، وفي " ط ": بدنه، وكذا في الموضع الآتي.
(127) في " ط ": صار كالثلج وأحمر حتى صار.
(128) في " ط ": صار كالآس.
(129) في " ط ": وعاد لونه كما كان.
(130) في " ع، م ": لا وصل.
(131) في " ع ": فآليت ألا تطيب نفسي إلا نطق لساني. مناقب ابن شهرآشوب 4: 387، إثبات الهداة 6:
201 / 70، مدينة المعاجز: 527 / 43.
(132) في " ط " زيادة: وكنت.
(133) في " ط ": ذات يوم.
(134) في " ط ": قبر الحسين.
(135) في " ع، م ": فغمضت وفتحت عيني فكأني.
(136) (فزرت) ليس في " ع ".
(137) في " ط " زيادة: عليا.
(138) في " ع، م ": بي وأنا في.
(139) في " ط " زيادة: قبر.
(140) في " ط ": مسجد الرسول فزار وزرت ثم أتينا مكة فلم يزل.
(141) في " ط ": كان العام القابل أتى وفعل كما فعل بالعام.
(142) في " ط ": على هذا من أنت.
(143) في " ع، م ": ثم ذهب.
(144) في " ط ": محمد بن عبد الملك الزيات فوقع في قصتي: قل.
(145) في " ع، م ": قصدت.
(146) في " ط ": رأيت من الناس من ذكر أنه رآه إلى اليوم. بصائر الدرجات: 422 / 1، الكافي 1: 411 / 1، الارشاد: 324، الاختصاص: 320، الخرائج والجرائح 1: 380 / 10، إعلام الورى: 347، مناقب ابن شهرآشوب 4: 393، الثاقب في المناقب: 510 / 436، كشف الغمة 2: 359، الفصول المهمة: 271، الصراط المستقيم 2: 200 / 6، نور الأبصار: 328.
(147) في " ط ": نفسي إذن يجيئون بما.
(148) في " ط ": وشربت.
(149) في " ع، م ": وأنا والله أظنه كما تقولون.
(150) الكافي 1: 414 / 6، الارشاد: 325، روضة الواعظين: 243، الخرائج والجرائح 1: 379 / 9، مناقب ابن شهرآشوب 4: 390، كشف الغمة 2: 360.
(151) في " م " زيادة: حرره العاصي عباس القمي.
المصدر : دلائل الامامة
المصدر:سایت السبطین