مصادرعلم أهل البيت (ع)-ثانياً: السنة النبوية

flower 12

    

المصدر الثاني من مصادر علم أهل البيت (ع) هو السنة النبويـة، والتـي أخـذها الإمـام علـي (ع) مـن رسول الله (ص) وعلّمها الأئمة من بعده، ولهذا أصبحوا المرجعية العلمية للمسلمين لأن الرجوع إليهم هو رجوع إلى السنة النبوية ومن ثم رجوع إلى القرآن الكريم، فما يأتون به من مفاهيم وأفكار وتصوّرات وقيم وشرائع وقوانين وغير ذلك إنما هي مستقاة من السنة النبوية ومن القرآن الكريم.

قال الإمام علي (ع): ((وقد كنت أدخل على رسول الله (ص) كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله  (ص)أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله (ص) أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نساءه، فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بنيّ، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكتُّ عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله (ص) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها عليّ، فكتبتها بخطي وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصّها وعامّها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علّمنيه وحفظته، فلم أنس حرفاً واحداً ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً))([1]).

وسئل (ع): ما لك أكثر أصحاب رسول الله (ص) حديثاً؟ فقال: ((إني كنت إذا سألته أنبأني، وإذا سكتُّ ابتدأني))([2]).

وقال (ع): ((علّمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم كل باب يفتح ألف باب))([3]).

وقال (ع): ((إنّ في صدري هذا لعلماً علمنيه رسول الله (ع) ولو أجد له حفظة يرعونه حق رعايته ويروونه عني كما يسمعونه مني إذاً لأودعتهم بعضه))([4]).

وقد صرّح رسول الله (ص) بذلك قائلاً: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت باب المدينة))([5]).

وقال (ع): ((أنا دار الحكمة وعلي بابها))([6]).

وقال (ع): ((علي عيبة علمي))([7]).

وقد علّم رسول الله (ص) الإمام علياً (ع) جميع العلوم بما في ذلك علم الغيب، وفي ذلك قال (ع): ((... يعلم الله سبحانه ما في الأرحام من ذكر وأنثى، وقبيح أو جميل، وسخي أو بخيل، وشقي أو سعيد، ومن يكون في النار حطباً، أو في الجنان للنبيين مرافقاً، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيه فعلمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري، وتضطم عليه جوانحي))([8]).

وقال عبد الله بن عباس: ((كنا نتحدث أنّ رسول الله (ص) عهد إلى علي سبعين عهداً لم يعهدها إلى غيره))([9]).

وقال الإمام جعفر الصادق (ع): ((إنّ الله علّم رسوله الحلال والحرام والتأويل، وعلّم رسول الله علمه كله علياً))([10]).

وقد انتقل هذا العلم من الإمام علي(ع) وقد انتقل هذا العلم من الإمام علي (ع) إلى بقية الأئمة  كما دلت على ذلك الروايات، وفي ذلك قال الإمام محمد الباقر (ع): ((لم يعلم والله رسول الله (ص) حرفاً مما علّمه الله عز وجل إلاّ وقد علّمه علياً ثم انتهى العلم إلينا))([11]).

وحول العلم، قال الإمام جعفر الصادق (ع): ((قد ورثناه من رسول الله (ص) وراثة))([12]).

وروي أنّ الإمام علي بن الحسين(ع) التفت إلى الإمام محمد الباقر (ع) ـ وهو في الموت ـ فقال: ((يا محمد هذا الصندوق فاذهب به إلى بيتك، أما أنه لم يكن فيه دينار ولا درهم، ولكنه كان مملوءاً علماً))([13]).

وسأل رجل الإمام جعفر الصادق (ع) عن مسألة، فأجابه فيها، فقال الرجل: أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها؟

فقال له: ((مه ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله (ص) لسنا من ((أرأيت)) في شيء))([14]).

وبانتقال علم رسول الله (ص) الذي أخذه عن الله تعالى إلى أهل البيت (ع) أصبحوا المرجعية العليا للمسلمين، فعلومهم هي علوم إلهية، وهم بذلك أعلم الجميع بكتاب الله تعالى وسنة نبيه في جميع العلوم وفي جميع جوانبها ومجالاتها، ولم يأخذوا العلم من مجتهد معاصر أو فقيه معاصر، ولم يستخدموا القياس في معرفة الأحكام، بل هي علوم رسول الله (ص)، وبهذا كانوا مؤهلين للمرجعية العلمية، وبهذا أصبح الرادّ عليهم كالراد على 

رسول الله (ص) والرادّ على رسول الله (ص) كالرادّ على الله تعالى.

    

المصدر: سایت الوارث

--------------------------------------------------------------------------------

[1]  ـ الكافي 1: 64.

[2]  ـ الطبقات الكبرى 2: 338.

[3]  ـ مختصر تاريخ دمشق 18: 18.

[4]  ـ بحار الأنوار: ج40، ص129.

[5]  ـ مجمع الزوائد 9: 114.

[6]  ـ الصواعق المحرقة: 189.

[7]  ـ مختصر تاريخ دمشق 18: 18.

[8]  ـ نهج البلاغة: 186.

[9]  ـ مجمع الزوائد 9: 113.

[10]  ـ مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب ج: 4، ص366.

[11]  ـ الكافي 1: 263.

[12]  ـ الكافي 1: 261.

[13]  ـ بحار الأنوار: ج46، ص229، عن بصائر الدرجات : 185 ح13 .

[14]  ـ الكافي 1: 58.

logo test

اتصل بنا