الإعداد الرسالي لقضية الإمام المهدي المنتظر (ع) ( نصوص ا لإمام الرضا(ع) على إمامة محمّد الجواد (ع)

flower 12
 
 

لقد نصّ الإمام الرضا(عليه السلام) على إمامة ابنه محمّد الجواد قبل أن يولد واستمر بالتنصيص عليه رغم السنوات القليلة التي عاشها الجواد مع أبيه الرضا(عليه السلام). 
وإليك صورة من تسلسل هذه النصوص وتدرّجها بحسب مراحلها الزمنية. 
1 ـ عن صفوان بن يحيى قال : «قلت للرضا(عليه السلام) : قد كنّا نسألك قبل أن يهب الله أبا جعفر (عليه السلام) فكنت تقول: يهب الله لي غلاماً، فقد وهبه الله لك، فأقرّ عيوننا; فلا أرانا الله يومك، فإن كان كون فالى من ؟ 
فأشار بيده الى أبي جعفر (عليه السلام) وهو قائم بين يديه. 
فقلت: جعلت فداك، هذا ابن ثلاث سنين ؟ 
فقال : «ما يضرّه من ذلك فقد قام عيسى (عليه السلام) بالحجة وهو ابن ثلاث سنين» ( 56] ) . 
وهذه الواقعة يمكن تحديدها بسنة (198 هـ ) أي بعد ولادة الإمام الجواد (عليه السلام) (195 هـ) بثلاث سنين . 
ولكن هذا النصّ صريح في انّ الإمام كان يشير الى امامة ابنه الجواد(عليه السلام)حتى قبل ولادته. 
نعم كان الإمام الرضا (عليه السلام) يوجه الانظار الى امامة ولده الجواد (عليه السلام) إمّا تلميحاً أو تصريحاً، فمن اقواله في ذلك : 
2 ـ «هذا المولود لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه» ( 57] ) . 
وقد نستفيد من هذا النصّ أنه كان قد صدر من الإمام الرضا(عليه السلام) بُعَيْد ولادة الجواد(عليه السلام) . 
3 ـ وعن معمر بن خلاّد قال : سمعت الرضا (عليه السلام) وذكر شيئاً، فقال : «ما حاجتكم الى ذلك، هذا ابو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيّرته مكاني إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة» ( 58] ) . 
4 ـ وعلى الرغم من ابتعاد الإمام الرضا (عليه السلام) عن المدينة الاّ انه كان دائم الاتصال بابنه الجواد (عليه السلام) وكان يخاطبه في رسائله بالتعظيم والتوقير، وما كان يذكر محمداً ابنه الاّ بكنيته فيقول : «كتب اليَّ ابو جعفر، وكنت اكتب الى أبي جعفر» ... فيخاطبه بالتعظيم، وكانت ترد كتب أبي جعفر(عليه السلام) في نهاية البلاغة والحُسن، ويضيف الراوي ـ ابو الحسين بن محمد بن أبي عباد ـ أنه سمع الرضا(عليه السلام) يقول : «ابو جعفر وصيّي وخليفتي في أهلي من بعدي» ( 59] ) . 
وكان يبدي له التوجيهات والارشادات لكي يفهم أتباع أهل البيت (عليهم السلام)بانّها جاءت في مقام اعداده للامامة من بعده، وجاءت معللة برفع الله تعالى له، فقد كتب اليه : «يا أبا جعفر، بلغني انّ الموالي اذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير فانّما ذلك من بخل بهم لئلا ينال منك أحد خيراً، فاسئلك بحقي عليك لا يكن مدخلك ومخرجك الاّ من الباب الكبير، واذا ركبت فليكن معك ذهب وفضة ثم لا يسألك أحد إلاّ اعطيته، ومن سألك من عمومتك ان تبره فلا تعطه أقل من خمسين ديناراً والكثير اليك، ومن سألك من عماتك فلا تعطها أقل من خمسة وعشرين ديناراً، والكثير اليك، اني اريد أن يرفعك الله، فانفق ولا تخش من ذي العرش اقتاراً» ( 60] ) . 
وكانت النصوص على امامة الجواد (عليه السلام) عديدة ومتظافرة، اختلفت في ظاهرها بسبب اختلاف الظروف السياسية والاجتماعية التي تحيط بالامام الرضا (عليه السلام) وبابنه الجواد (عليه السلام) وباتباعه وانصاره، وبسبب اختلاف أصحابه في الوعي ودرجة التلقي، وكتمان السر، وقربهم وبعدهم عن الإمام (عليه السلام) من حيث الولاء السياسي والعاطفي . 
5 ـ عن جعفر بن محمد النوفلي قال : «أتيت الرضا (عليه السلام) فسلمت عليه، ثم جلست، وقلت : جعلت فداك ان أناساً يزعمون أنّ أباك حيٌّ، فقال : كذبوا لعنهم الله ... فقلت له : ما تأمرني ؟ قال : عليك بابني محمّد من بعدي، وامّا انا فإني ذاهب في وجه الارض لا أرجع منه ...» ( 61] ) . 
وجاء في بحار الأنوار نقلاً عن المصدر نفسه : «فإني ذاهب في وجه لا أرجع منه» ( 62] ) . 
6 ـ وعن البزنطي قال : قال لي ابن النجاشي : «من الإمام بعد صاحبك؟ فاُحب أن تسأله حتى أعلم. فدخلت على الرضا (عليه السلام) فأخبرته، فقال لي : الإمام ابني» ( 63] ) . 
7 ـ واجتمع جماعة عند الإمام الرضا (عليه السلام) فلما نهضوا قال لهم : «القوا أبا جعفر فسلّموا عليه وأحدثوا به عهداً ، ثم قال : يرحم الله المفضل انه لكان ليقنع بدون ذلك» ( 64] ) . 
وفسّر العلامة المجلسي قوله (عليه السلام) : «ليقنع بدون ذلك، أي : بأقلّ مما قلت لكم في العلم بأنه امام بعدي، ونبّههم الى أن غرضه النصّ عليه، ولم يصرّح به تقية واتقاء» ( 65] ) . 
وقد نصّ الإمام الرضا(عليه السلام) على ابنه الإمام الجواد (عليه السلام) بالشكل الذي تثبت امامته عند المقربين من الإمام (عليه السلام) واتباعه المخلصين، والكوادر الرسالية التي اعدّها للمستقبل، ووكلائه الثقاة . 
وقد اعدّ الإمام (عليه السلام) طليعة من الكوادر لاسناد منهج أهل البيت(عليهم السلام) واسناد امامة الإمام الجواد (عليه السلام) ومنهم : عمّه علي بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن أبي نصر . 
وانقاد اتباع الإمام الرضا(عليه السلام) للامام الجواد (عليه السلام) وانقادت القاعدة الشعبية لإمامته الاّ من شذّ منهم، واستقرت الامامة على الامام الجواد(عليه السلام)طبقاً للنصوص المتظافرة عليه من قبل ابيه وجده واجداده، ولم تخف امامته حتى عند الحكومة العباسية وولاتها وقوّادها .

   

المصدر:  سایت السبطین

      

_____________________________________
([56]) الكافي : 1 / 321، الفصول المهمة 265 . 
([57]) الكافي : 1 / 321 . 
([58]) الكافي : 1 / 320 ، الفصول المهمة : 265 . 
([59]) الصراط المستقيم: 2/166، وبحار الأنوار: 50/18 . 
([60]) عيون أخبار الرضا : 2 / 8 . 
([61]) بحار الأنوار: 48/260، و 49/285 . 
([62]) بحار الأنوار : 50 / 18 . 
([63]) الكافي : 1/ 320 . 
([64]) الكافي : 1/ 320 . 
([65]) بحار الأنوار : 50 / 25 . 

logo test

اتصل بنا