عبادته (عليه السلام)

 

flower 12

    

اشتهر الإمام زين العابدين (عليه السلام) بكثرة عبادته ، وهو امر تسالم عليه القاصي والداني والمخالف والمؤالف، بل أنّ اشهر ألقابه المتداولة بين الناس هي السجّاد أي كثير السجود وزين العابدين وسيّد الساجدين. وكان يستغرق أكثر ساعات ليله ونهاره بالصلاة والسجود والدعاء وتلاوة القرآن، وقد كانت تظهر آثار عبادته على ما حوله من المخلوقات فتسبّح معه عندما يُسبّح، فعن سعيد بن المسيّب قال: كان الناس لا يخرجون من مكّة حتى يخرج علي بن الحسين. فخرج وخرجتُ معه فنزل في بعض المنازل فصلّى ركعتين وسبّح في سجوده فلم يبق شجر ولا مدر إلاّ سبّحوا معه، ففزعتُ منه فرفع رأسه فقال: «يا سعيد أفزعت؟» قلت: نعم يابن رسول الله. قال: «هذا التسبيح الاعظم»[1]  .

ومما جاء في شدّة عبادته ماروي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) شديد الاجتهاد في العبادة ، نهاره صائم وليله قائم. فأضر ذلك بجسمه ، فقلت له: يا أبه كم هذا الدؤب؟ فقال له: «أتحبب إلى ربّي لعلّه يزلفني». وحجّ (عليه السلام) ماشياً فسار في عشرين يوماً من المدينة إلى مكة [2]  .

وكان أهله يشفقون عليه من الهلاك لشدّة عبادته، فقد روي أن فاطمة بنت علي بن ابي طالب (عليهم السلام) ذهبت إلى جابر بن عبد الله ، فقالت له: يا صاحب رسول الله إنّ لنا عليكم حقوقاً ، ومن حقّنا عليكم إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهاداً أن تذكّروه الله، وتدعوه إلى البُقيا على نفسه، وهذا علي بن الحسين بقيّة أبيه الحسين قد انخرم أنفه ونقبت جبهته وركبتاه وراحتاه، أذاب نفسه في العبادة. فأتى جابر إلى بابه واستأذن، فلمّا دخل عليه وجده في محرابه قد انضته العبادة، فنهض علي فسأله عن حاله سؤالاً حفيّاً ثم أجلسه بجنبه ، ثم أقبل جابر يقول: يا بن رسول الله أما علمت أن الله إنما خلق الجنّة لكم ولمن أحبّكم ، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلّفته نفسك؟! فقال علي بن الحسين: «يا صاحب رسول الله أما علمت أنّ جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله)  قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فلم يدع الاجتهاد له، وتعبّد بأبي هو واُمّي حتى انتفخ الساق وورم القدم. وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً»[3]

 

  المصدر:سایت السبطین

--------------------------------------------------------------------------------

[1] بحار الأنوار 46: 37| 33.

[2] بحار الأنوار 46: 91| 78.

[3] بحار الأنوار 46: 78| 75.

logo test

اتصل بنا