مكانة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام عند النبي(ص) والأئمة(ع) والمؤرخين

يوافق الثالث من شهر جمادى الآخرة الذكرى الأليمة لاستشهاد بضعة النبي(ص) السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، وبهذه المناسبة نسلط الضوء على كلمات للنبي (ص) والأئمة (ع) والمؤرخين بحق الصديقة الطاهرة عليها السلام.

مكانة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام عند النبي(ص) والأئمة(ع) والمؤرخين

ورد عن النبي الأعظم (ص) أنه قال: «فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني و من أحبّها فقد أحبّني »[1].

«فاطمة قلبي و روحي ، التي بين جنبيَّ »[2]

«فاطمة سيّدة نساء العالمين »، [3].

لقد تواترت هذه الشهادات و أمثالها في كتب الحديث و السيرة ، [4] عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) ، الذي لا ينطق عن الهوى[5] ، و لا يتأثّر بنسب أو سبب، و لا تأخذه في الله لومة لائم.

إنّ الرسول ، الذي ذاب في دعوته ، و كان للناس فيه اُسوة ، فأصبحت خفقات قلبه ، و نظرات عينه ، و لمسات يده ، و خطوات سعيه ، و إشعاعات فكره ؛ قوله و فعله  وتقريره (أي: سنّته) ، بل وجوده كلّه مَعْلَماً من معالم الدين ، و مصدراً للتشريع ، و مصباحاً للهداية ، و سبيلاً للنجاة.

«إنّها أوسمة من خاتم الرسل على صدر فاطمة الزهراء ، تزداد تألقاً كلّما مرّ الزمن ، و كلّما تطوّرت المجتمعات ، و كلّما لاحظنا المبدأ الأساس في الإسلام في كلامه(صلى الله عليه وآله) لها: يا فاطمة ، اعملي لنفسك ، فإنّي لا أغني عنكِ من الله شيئاً »[6].

و قال (صلى الله عليه و آله): «كمل من الرجال كثير ، و لم يكمل من النساء إلاّ مريم بنت عمران و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون و خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد »[7].

و قال (صلى الله عليه وآله): «إنّما فاطمة شجنة منّي، يقبضني ما يقبضها ، و يبسطني ما يبسطها [8] ، و إنّ الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي و سببي وصهري ...»[9].

و خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم ، و قد أخذ بيد فاطمة (عليها السلام) ، و قال: «من عرف هذه فقد عرفها، و من لم يعرفها ، فهي فاطمة بنت محمد ، و هي بضعة منّي ، و هي قلبي الذي بين جنبيّ ، فمن آذاها فقد آذاني ، و من آذاني فقد آذى الله»، [10].

و قال (صلى الله عليه وآله): «فاطمة أعزّ البريّة عليّ »[11].

و لا يصعب علينا تفسير هذه النصوص بعد الإلمام بعصمتها (عليها السلام) ، بل هي شاهدة على عصمتها ، و أنّها لا تغضب إلاّ لله ، و لا ترضى إلاّ له.

عن عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام): «لم يولد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من خديجة على فطرة الاسلام إلاّ فاطمة»[12].

و عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «و الله لقد فطمها الله تبارك و تعالى بالعلم»[13].

و عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام): «إنّما سُمّيت فاطمة ، لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها»[14].

و عن ابن عباس : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جالساً ذات يوم ، و عنده عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين ، فقال: «اللهمّ إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي ، و أكرم الناس عليّ ، فأحبب من أحبّهم ، و أبغض من أبغضهم ، و والِ من والاهم ، و عادِ من عاداهم ، و أعن من أعانهم ، و اجعلهم مطهّرين من كلّ رجس معصومين من كلّ ذنب ، و أيّدهم بروح القدس منك»، [15].

و عن اُمّ سلمة أنّها قالت: كانت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشبه الناس وجهاً و شبهاً برسول الله (صلى الله عليه وآله). [16].

و عن عائشة أنّها قالت: ما رأيت أحداً كان أصدق لهجةً من فاطمة إلاّ أن يكون الذي ولّدها، [17] و كانت إذا دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قام فقبّلها ، و رحّب بها ، و أخذ بيدها ، و أجلسها في مجلسه ، و كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا دخل عليها ، قامت من مجلسها ، فقبّلته ، و أخذت بيده ، و أجلسته في مجلسها ،  وكان الرسول دائماً يختصّها بسرّه ، و يرجع اليها في أمره »[18].

و عن الحسن البصري ، «أنّه ما كان في هذه الاُمة أعبد من فاطمة ، كانت تقوم حتى تورّم قدماها»[19].

و دخل عبدالله بن حسن على عمر بن عبد العزيز ، و هو حديث السنّ ، و له وقرة ، فرفع مجلسه ، و أقبل عليه ، و قضى حوائجه ، ثم أخذ عكنة ، [20] من عكنه فغمزها ، حتى أوجعه ، و قال له: «اذكرها عند الشفاعة ».

فلما خرج لامَهُ أهله ، و قالوا: فعلت هذا بغلام حديث السن ، فقال: إنّ الثقة حدّثني ، حتى كأنّي أسمعه من في رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال : «إنّما فاطمة بضعة منّي،  يسرّني ما يسرّها »و أنا أعلم ، أنّ فاطمة (عليها السلام) لو كانت حيّة لسرّها ما فعلت بابنها ، قالوا : فما معنى غمزك بطنه، و قولك ما قلت ؟ ، قال: إنّه ليس أحد من بني هاشم ، إلاّ و له شفاعة ، فرجوت أن أكون في شفاعة هذا»[21] .

قال ابن الصبّاغ المالكي : ... و هي بنت من اُنزل عليه (سبحان الذي أسرى) ، ثالثة الشمس و القمر، بنت خير البشر ، الطاهرة الميلاد ، السيّدة بإجماع أهل السداد ، [22].

و قال الحافظ أبو نعيم الإصفهاني عنها : «من ناسكات الأصفياء و صفيّات الأتقياء فاطمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ السيّدة البتول ، البضعة الشبيهة بالرسول ... ، كانت عن الدنيا و متعتها عازفة ، و بغوامض عيوب الدنيا و آفاتها عارفة»[23].

و قال عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي: و أكرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة إكراماً عظيماً أكثر ، مما كان الناس يظنّونه ... ،حتى خرج بها عن حبّ الآباء للأولاد ، فقال لمحضر الخاص و العام مراراً لا مرّة واحدة ، و في مقامات مختلفة لا في مقام واحد: «إنّها سيّدة نساء العالمين ، و إنّها عديلة مريم بنت عمران ، و إنّها إذا مرّت في الموقف نادى مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف غضّوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد »، و هذا من الأحاديث الصحيحة ، و ليس من الأخبار المستضعفة ، و كم قال لا مرّة : «يؤذيني ما يؤذيها ، و يغضبني ما يغضبها ، و إنّها بضعة منّي ، يريبني ما رابها»[24].

و قال المؤرّخ المعاصر الدكتور علي حسن ابراهيم : و حياة فاطمة ، هي صفحة فذّة من صفحات التاريخ ، نلمس فيها ألوان العظمة ، فهي ليست كبلقيس أو كليو بطرة ، استمدّت كلّ منهما عظمتها من عرش كبير و ثروة طائلة و جمال نادر، و هي ليست كعائشة نالت شهرتها لما اتصفت به من جرأة جعلتها ، تقود الجيوش ، و تتحدّى الرجال، ولكنّا أمام شخصية استطاعت ، أن تخرج إلى العالم ، و حولها هالة من الحكمة و الجلال، حكمة ليس مرجعها الكتب و الفلاسفة و العلماء ، و إنّما تجارب الدهر المليء بالتقلّبات و المفاجآت، و جلال ليس مستمداً من ملك أو ثراء ، و إنّما من صميم النفس ... ، [25].

---------------
الهامش

[1] راجع الصواعق المحرقة : 289، الإمامة و السياسة ص31، و كنز العمال : 12 / 111، و خصائص النسائي: 35، و صحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة .

[2] راجع فرائد السمطين : 2 / 66.

[3] المستدرك على الصحيحين : 3 / 170، و أبو نعيم في حلية الأولياء : 2 / 39، و الطحاوي في مشكل الآثار :1 / 48، و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 9 / 193، و العوالم : 11 / 141 و 146.

[4] راجع كنز العمال : 12 / 97، و مسند أحمد : 6 / 296 و 323، ومستدرك الصحيحين : 3 / 158 ـ 185، و صحيح البخاري كتاب الاستئذان، و صحيح الترمذي 5 / الحديث 3869، و حلية الأولياء : 2 / 42، و الاستيعاب : 2 / 720 و 750.

[5] سورة النجم (53) : 3.

[6] فاطمة الزهراء وتر في غمد: من مقدمة السيد موسى الصدر.

[7] رواه صاحب الفصول المهمة 27، راجع تفسير الوصول : 2 / 159، و شرح ثلاثيات مسند أحمد : 2 / 511.

[8] الشجنة: الشعبة من كل شيء، الشجنة كالغصن يكون من الشجرة. راجع مستدرك الحاكم : 3 / 154، وكنز العمال : 12 / 111 الحديث 34240.

[9] راجع مسند أحمد : 4 / 323 و 332، والمستدرك : 3 / 154 و 159.

[10] راجع الفصول المهمة: 144، ورواه في كتاب المختصر عن تفسير الثعلبي: 133.

[11] أمالي الطوسي : مجلس 1 حديث 30 ، والمختصر: 136.

[12] روضة الكافي : ح536.

[13] كشف الغمة : 1 / 463.

[14] بحار الأنوار : 43 / 19 .

[15] بحار الأنوار : 43 / 65 و 24.

[16] كشف الغمة : 1 / 471.

[17] ذخائر العقبى : 54 .

[18] أهل البيت : 144 لتوفيق أبو علم .

[19] بحار الأنوار : 43 / 84 .

[20] وقرة : رزانة وحلم، العكنة: الطي الذي في البطن من السمن (المختار / باب عكن).

[21] الأغاني : 8 / 307، وراجع مقاتل الطالبيين : 124 .

[22] الفصول المهمة : 141 ، طبعة بيروت .

[23] حلية الأولياء : 2 / 39 ، طبعة بيروت .

[24] شرح نهج البلاغة : 9 / 193.

[25] راجع فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى : 21.

 

المصدر: alnakhil.ir

logo test

اتصل بنا