ولاية أمير المؤمنين علي(ع) في أقوال الامام الباقر(ع)

ان ولاية أمير المؤمنين وأهل البيت(عليهم السلام) هي السلم والأمان في الدنيا والآخرة وهذا ما اكده الإمام الباقر (ع).

ولاية أمير المؤمنين علي(ع) في أقوال الامام الباقر(ع)

ولمكانة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) عند الله (عزوجل) فقد أعطاه خصائص وميزات عدة منها على سبيل المثال الا الحصر فرض الله  طاعته جاء ذلك في قوله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ (، وكذلك ] وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً(، روى عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) قال :"أثبت الله بهذه الآية ولاية الإمام علي بن أبي طالب لأنه كان أولى ، برسول الله (صلى الله عليه واله)  من غيره  وأخوه في الدنيا والآخرة ، وحاز على ميراثه وسلاحه ومتاعه وبغلتة الشهباء وجميع ما ترك وورث كتابه من بعده" [1].

 كما وردت ولايته في قوله تعالى [وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ(  هذا ما أكده الإمام محمد بن علي الباقر قالاً: "الولاية التي نزلت لأمير المؤمنين  يوم الغدير"[2]. وفي تفسير قوله تعالى ]لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ  ( قال الإمام محمد بن علي الباقر(عليه السلام) :"إن رسول الله (صلى الله عليه واله) حرص أن يكون الإمام (عليه السلام) ان الأمر شئ وقد فوض إليه فقال : ما أحل النبي (صلى الله عليه واله) فهو حلال وما حرم النبي (صلى الله عليه واله) فهو حرام"[3]  .

مما لا شك فيه ان الولاية أزلية منذ أن خلق الله الخلق وليس وليدة صدفة أو حدث معين وهذا ما جاء في تفسير قوله تعالى [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (،اذ قال الإمام الباقر عن أبيه ، أن رسول الله  قال لعلي : "أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق إذ أقامهم أشباحاً ، فقال لهم :  ] أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ( ؟ قال : بلى  قال : ومحمد رسولي ؟ قالوا : بلى  قال : وعلي بن أبي طالب وصيي" ؟ فأبى الخلق جميعاً إلا استكباراً  وعتوا من ولايتك إلا نفر قليل، وهم أقل القليل، وهم أصحاب اليمين" [4].

وفي موضع آخر وضح الامام الباقر (عليه السلام) تفسير قوله تعالى (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (قالا (عليه السلام) : " إن الولاية أبين أن يحملنها كفراً بها وعناداً وحملها الإنسان والإنسان الذي حملها أبو فلان" [5] ، إذ إن الله (عزوجل) عرض أرواح الأئمة (عليهم السلام) على السموات والأرض والجبال فغشيها نورهم وقال: في فضلهم ما قال والأمانة هي الإمام (عليه السلام) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدليل على ذلك قوله تعالى ) إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً( .ويمكن القول ان الولاية من الله  فوضها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهذا ما جاء في قوله تعالى (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ* إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً( ، اذ قال الإمام الباقر: " نزلت في ولاية الإمام علي بن أبي طالب "[6].

 فضلاً عن ذلك وضح (عليه السلام) قوله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ( فقال الإمام " أن الرسول  جاءكم بالحق من ربكم في ولاية الإمام علي  وأن تكفروا بولاية الإمام علي   فأن لله ما في السموات والأرض" [7].

وفي موضع أخر وضح (عليه السلام) قوله تعالى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ( قال جابر الجعفي ، سمعت الإمام الباقر  يقول: في تأويل هذه الآية :" يا جابر أما السنة جدي رسول الله  وشهورها الاثنا عشر من جدي أمير المؤمنين إلى الخلف المهدي من ولد الحسين اثنا عشر إمام ، وأما الأربعة الحرم منهم أربعة أئمة باسم واحد علي أمير المؤمنين وعلي بن الحسين ، وعلي بن موسى الرضا ، وعلي بن محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) والإقرار بهؤلاء الدين القيم ، فلا تظلموا أنفسكم ،إي قولوا بهم جميعاً تهتدوا"[8] . وهذه الرواية لها ما يؤيدها في تراث النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه واله) المتواتر والمتفق عليه سيما قوله (صلى الله عليه واله)  "الخلفاء من بعدي أثني عشر خليفة، وفي رواية  أخرى اثنا عشر إماماً كلهم من قريش" [9].

ومما لا شك فيه ان  ولاية أمير المؤمنين وأهل البيت(عليهم السلام) هي السلم والأمان في الدنيا والآخرة وهذا ما اكده الإمام الباقر (ع) في قوله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً ( قال (عليه السلام): " السلم ولاية أمير المؤمنين  وولاية آل البيت(عليهم السلام)  فانظر بعين النظر والاعتبار إلى قول العزيز الغفار ما خص به علياً من الفخار ، وجعل ولايته هي  السلم  الذي من دخله كان آمناً في الدنيا والآخرة ، ومن لم يدخله كان محارباً لله ولرسوله، غير آمن في الدنيا والآخرة ، وهو من أصحاب النار"[10].

وفي سؤال لجابر سأل به الإمام الباقر  لماذا سمي الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين؟ قال الإمام الباقر :" الله سبحانه سماه ، وهكذا أنزل في كتابه [ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ( وأن محمداً رسولي وأن علياً أمير المؤمنين" [11] . وهو وصي النبي الاكرم محمد  وخليفته أوصى له في كل أحواله وهو حي ، وهذا ما رواه أبي الطفيل ، عن انس بن مالك قال :" كنت خادم رسول الله (ص) فبينما أنا أقوم بخدمته فقال : " يدخل داخل ، هو أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وخير الوصيين ، وأولى الناس بالنبيين ، وأمير الغر المحجلين " فقلت : اللهم اجعله رجلاً من الأنصار ، قال : فإذا علي  قد دخل ، فعرق وجه رسول الله عرقاً شديداً، فجعل يمسح عرق وجهه بوجه علي    فقال : " يا رسول الله ما لي ؟ أنزل في شيء ؟ قال : أنت مني ، تؤدي عني ، وتبرئ ذمتي ، وتبلغ عني رسالتي ، فقال : يا رسول الله أو لم تبلغ الرسالة ؟ قال : بلى ، ولكن تعلم الناس من بعدي من تأويل القرآن ما لم يعلموا  وتخبرهم" [12]. وكيف لا يكون وصيه وهما الاثنان في دار واحدة في الجنة وهذا ما اكده الإمام الباقر عن رسول الله في تفسير قوله تعالى :] الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ(  قال (صلى الله عليه واله): " شجرة في الجنة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة "  فقيل له : يا رسول الله سألناك عنها ؟ فقلت شجرة في الجنة أصلها في داري ، وفرعها على أهل الجنة ، ثم سألناك عنها ؟ فقلت : " شجرة في الجنة ، أصلها في دار علي  وفرعها على أهل الجنة"، فقال (صلى اله عليه واله): " إن دارى ودار علي غدا واحدة في مكان واحد"[13].

وفي موضع أخر قال الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) عن أبيه  قال: "الإمام علي (عليه السلام)  كان لي من رسول الله عشر خصال : ما يسرني بإحديهن ما طلعت عليه الشمس وما غربت ، فقال له بعض أصحابه : بينها لنا يا علي  قال (عليه السلام)  سمعت رسول الله   يقول : يا علي أنت الوصي ، وأنت الوزير ، وأنت الخليفة في الأهل والمال ، ووليك وليي ، وعدوك عدوي ، وأنت سيد المسلمين من بعدي وأنت أخي ، وأنت أقرب الخلائق مني في الموقف ، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة" [14] .

وقد كرم الله  (عزوجل) الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) وأعطاه منزلة لا يبلغها أحداً من عباده ، وقد بين الإمام محمد بن علي الباقر عن عظمة الإمامة في أحاديث كثيرة منها قوله (عليه السلام) لجابر الجعفي ، إن الله اتخذ إبراهيم عبداً  قبل أن يتخذه نبياً واتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً  واتخذه رسولاً  قبل أن يتخذه خليلاً واتخذه خليلاً قبل أن يتخذه إماماً فلما جمع له هذه الأشياء وقبض يده  قال له  ] َإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) .

 نستنتج من هذه الرواية  إن الإمام أرقى منزلة عند الله ولا يصل إليها إلا من خصهم الله (عزوجل) كخليل الله النبي إبراهيم (عليه السلام) الذي خصه الله  بها، وجعل الإمامة من مكملات ذاتياته المباركة.

جعفر رمضان

[1] أبو جعفر محمد بن الحسين بن علي الطوسي، التبيان في تفسير القرآن ، تحقيق: احمد حبيب العاملي ، (بيروت ،1409هـ )، ج8، ص318 .
[2] أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى  القمي، تفسير القمي ، تحقيق: طيب الجزائري ، (قم مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر، 1404)، ج2، ص124.              
[3] أبو النضر محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي، تفسير العياشي ، تحقيق: هاشم الرسولي المحلاتي، (طهران،1406)،ج1، ص221.
[4] عبد علي بن احمد الحويزي، تفسير نور الثقلين ،تحقيق : هاشم المحلاتي ،(قم ،1412هـ )، ج2، ص534.
[5] المصدر نفسه ، ج6، ص91
[6] أبو عبد الله  مشير الدين محمد بن علي  ابن شهر آشوب، مناقب آل أبى طالب (عليهم السلام ) (النجف الاشرف ،1376هـ)، ج2، ص301.
[7] أبو حنيفة التميمي المغربي " القاضي نعمان"، شرح الأخبار في فضائل الآئمة الآطهار ،تحقيق السيد عبد الحسين ،(قم، 1381) ،ج1، ص237.           
[8] أبو جعفر محمد بن الحسين بن علي الطوسي، الغيبة، (قم : مؤسسة النشر الاسلامي ،1415 هـ)، ص149.
[9] أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، صحيح البخاري،( بيروت: دار الفكر  ، 1401 هـ)، ج6، ص65
[10] أبو النضر محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي،  المصدر السابق، ،ج1، ص121.
[11] محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني، الكافي ، تحقيق: علي اكبر غفاري ، (قم: منشورات دار الكتب الإسلامية ،1388هـ)، ج1، ص412.
[12] المحسن شرف الإسلام بن سعيد ابن كرامة، تنبيه الغافلين في فضائل الطالبين، تحقيق: تحسين الشبيب ،( إيران ،1420هـ)،ص28.
[13] شمس الدين يحيى بن الحسن الاسدي ، عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار ، تحقيق: جماعة المدرسين ،(قم ، 1407 هـ ) ،ص351.
[14] أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين الصدوق، الخصال ،تحقيق: علي اكبر غفاري ،(قم: مؤسسة الاعلمي، 1403هـ)، ص429.

 

المصدر: وکاله الحوزه

 

logo test

اتصل بنا