مدير كرسي دراسات الإمام علي عليه السلام في جامعة هارتفورد الامريكية: هناك اهتمام متزايد في العالم بمعرفة الامام علي(ع) والشيعة

على إثر الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، زاد الاهتمام بمعرفة الامام علي عليه السلام والشيعة بوجه عام، في العام.

في هذا الاطار حواراً مع البروفيسور سيف الدين كارا مدير كرسي دراسات الإمام علي عليه السلام في جامعة هارتفورد الأمريكية.

مدير كرسي دراسات الإمام علي عليه السلام في جامعة هارتفورد الامريكية: هناك اهتمام متزايد في العالم بمعرفة الامام علي(ع) والشيعة

ويرى مدير كرسي دراسات الامام علي عليه السلام في جامعة هارتفورد الأمريكية بان الأحداث التي شهدتها كل من إيران ولبنان والعراق وسورية جعلت العالم يهتم بالإسلام الشيعي، لهذا أصبح الكثير من الناس يبحثون عن سبل تعرفهم بأهم شخصية شيعية بعد النبي ألا وهو الامام علي عليه السلام.

البروفيسور سيف الدين كارا يعدّ من الباحثين المسلمين الترك ويدير ثاني كرسي لدراسات الامام علي عليه السلام في الكليات الإسلامية في منطقة أمريكا الشمالية. أكمل دراسات العلوم الإسلامية في إيران وسورية وانجلترا ويعمل الآن أستاذ تاريخ صدر الإسلام والقضايا الإسلامية المعاصرة والمسلمين في مدرسة العلوم الدينية في هارتفورد في ولاية كانكتيات الأمريكية.

نشر في العام الماضي كتاباً حمل عنوان في البحث عن مصحف علي بن أبي طالب: تاريخ وروايات حول أول نسخة من المصحف، صدرته منشورات جرلاخ برس في برلين الألمانية، وقد درس كارا في هذا الأثر مصحف الإمام علي عليه السلام.

وقد قام القسم الإنجليزي لموقع شفقنا بإجراء حوار مع البروفيسور كارا، حول دراسات الشيعة في مدارس العلوم الإسلامية في الغرب ومدى معرفة العالم بالإمام علي عليه السلام.

الیکم نص الحوار…

س. البروفيسور كارا، شكراً جزيلا ًعلى قبولك اجراء مقابلة معنا حول كتابك “بحثاً عن مصحف علي بن أبي طالب، تاريخ وروايات أول نسخة من المصحف”. يبدو أن كتابك الجديد هو نسخة مكتملة من مقالتك “حذف مخطوطة علي بن أبي طالب: دراسة الروايات حول النسخة الأولى من المصحف” التي نشرت في مجلة دراسات الشرق الأدنى. ما الذي دفعك للعمل في مصحف الإمام؟

ج. البروفيسور كارا -عندما كنت أقوم بدراسة الماجستير، وخلال قراءاتي التاريخ كتابة المصحف، أدركت أنه لم تكن هناك أي دراسة حول مصحف الإمام علي عليه السلام. يدور النقاش حول كتابة المصحف حول الروايات السنية لتاريخ كتابة المصحف الذي جمعه الخلفاء الثلاثة الأوائل. لذلك، أردت أن الفت انتباه الأوساط العلمية بالنسخة التي قام الإمام علي عليه السلام بجمعها، والتي، وفقاُ للتقارير السنية-الشيعية، هي أول مخطوطة قرآنية كاملة.

س -يؤكد بعض الشيعة أن هناك نسخة من المصحف للإمام علي عليه السلام، وهو يختلف عن مصحف الخليفة الثالث. هل توافق على هذا الرأي؟ لماذا ا؟

ج- البروفيسور كارا -هذه النظرة مثارة للجدل إلى حد كبير ويبدو أنها تنبع من بعض الروايات المذكورة في الروايات والأحاديث التي كثيراً ما يساء فهمها. منذ الفترات المبكرة، نفى معظم علماء الشيعة مثل هذه الآراء. تفيد الروايات بأن هناك فروقاً بين مصحف الإمام علي عليه السلام، والمصحف العثماني، لكن الاختلاف يتلخص في ترتيب فصول القرآن فقط. ولا يوجد اختلاف في ترتيب الآيات بين مصحف الإمام علي عليه السلام والمخطوطة العثمانية. ما عدى ذلك، فإن هذه المخطوطات لا تختلف عن بعضها البعض، باستثناء مصحف الإمام علي عليه السلام، إذ يحتوي أيضًا على تفسيره للآيات، في هوامش المصحف. حقيقة أنه عندما تسلم الإمام علي عليه السلام الخلافة، احتفظ بالمخطوطة العُثمانية وكتب نسخ منها بخط اليد، يشير إلى أنه في النهاية، وافق الإمام علي على المخطوطة العثمانية.

ومع ذلك، بالطبع، هناك اختلافات كبيرة بين علماء الشيعة والسنة في تفسير آيات القرآن وكثيراً ما اعتبر هذا الاختلاف اختلافاً في كتابة القرآن.

س- ما هي الأفكار أو الروايات المشتركة بين الشيعة والسنة فيما يتعلق بتاريخ القرآن، وعملية جمع نصه ونسخه؟

ج- البروفسور كارا -بشكل عام، تتفق الروايات الشيعية والسنية عن تاريخ كتابة المصحف على أن القرآن قد تم جمعه في مخطوطة واحدة بعد وفاة النبي. ومع ذلك، يرى الشيعة، بأن الإمام علي عليه السلام قد جمع أول مصحف. عندما أدرك الإمام أن المسلمين لن يحترموا إرادة النبي بأنه يجب أن يكون خليفة له، قرر الابتعاد عن الاضطرابات السياسية تجنباً للصراع الداخلي بين المسلمين فاهتم بجمع المصحف. 

من ناحية أخرى، تشير الروايات السنية حول كتابة المصحف إلى أن أول الخليفة الأول والثاني أي أبي بكر وعمر، ثم عثمان قد جمعوا المصحف. وبالتالي، فإن الفرق بين الآراء الشيعية والسنية يتجلى في هوية الجامع الأول للمصحف. لا يوجد فرق فيما يتعلق بفترة جمع القرآن. جدير بالذكر بأن هذا هو الرأي السائد. هناك رأي مشترك عند الشيعة والسنة وهو رأي الأقلية إذ يعتقد البعض بأن القرآن تم جمعه في زمن النبي.

س-هل سبق أن عمل أي شخص على نفس الموضوع الخاص بك أو حتى موضوع مماثل له؟ ما الذي يجعل “البحث عن مصحف الإمام علي بن أبي طالب” مختلف عن الكتب الأخرى في هذه الساحة؟

ج-البروفيسور كارا -الأحاديث المتعلقة بجمع الإمام علي عليه السلام للقرآن مذكورة على حد سواء في الروايات السنية والشيعية، وقد ناقش بعض العلماء المسلمين مخطوطة الإمام علي عليه السلام. ومع ذلك، لم تكن هناك أبحاث علمية مكتوبة باللغة الإنجليزية حول هذا الموضوع. علاوة على ذلك، فإن ما جعل بحثي مهماً هو أنني استخدمت طريقة isnad-cum-matn التي وضعها الراحل هارولد موتزكي لتحليل الروايات ذات الصلة. تحظى هذه الطريقة في الأوساط الأكاديمية الغربية بالقبول، باعتبارها الأداة الوحيدة الصحيحة لتحليل الأحاديث الإسلامية. إنها طريقة صارمة للغاية ومؤسسة على طرق تقليدية لتقييم الحديث الإسلامي. كانت نتيجة دراستي مهمة أيضاً: لقد تمكنت حتى الآن من تصنيف الروايات الخاصة بجمع الإمام علي عليه السلام للمصحف منذ بدايتها.

س- أنت مدير ثاني كرسي الإمام علي عليه السلام في الدراسات الشيعية والحوار بين المدارس الإسلامية. من هو أول حامل لهذا الكرسي؟ 

ج- البروفيسور كارا-اجل، كرسي الإمام علي عليه السلام في الدراسات الشيعية والحوار بين المدارس الإسلامية هو الأول من نوعه. إنها مبادرة هامة تدعمها الجمعية الشيعية في أمريكا الشمالية. الهدف هو نشر الدراسات الشيعية في الأوساط الأكاديمية الغربية وخلق فرص حوار حقيقي بين المدرسة السنية والشيعية. لسوء الحظ، ونتيجة التطورات السياسية الأخيرة في الشرق الأوسط، تصاعدت وتيرة الطائفية في العالم. إحدى أهداف كرسي الإمام علي عليه السلام هو تشجيع الحوار بين الأديان في العالم الإسلامي، على أساس الدراسة والنقاش العلمي.

ان الدكتور عمار نقشواني كان أول من أصبح مديراً لكرسي الإمام علي عليه السلام في الدراسات الشيعية. ذاع صيته لمحاضراته العامة حول الشيعة.

س-هل يمكن أن تخبرنا بعدد الكليات في جميع أنحاء أمريكا الشمالية التي تقوم بالدراسات الشيعية؟ ما هي المواضيع في الدراسات الشيعية التي تجذب انتباههم على وجه التحديد؟

ج- البروفيسور كارا -على حد علمي، في أمريكا الشمالية وأوروبا، وما عدى كرسي الإمام علي عليه السلام في هارتفورد، لا توجد أقسام أو كرسي علمي مكرس للدراسات الإثني عشرية الشيعية. لا يوجد سوى ثلاث أو أربع دورات تدرس الإسلام الشيعي. ومع ذلك، كان هناك أكاديميين قاموا بدمج الإسلام الشيعي في دوراتهم التعليمية.

س- متى تأسس قسم الدراسات الإسلامية في هارتفورد؟ فضلاً تحدث لنا عن الأنشطة التي تم القيام بها في هذه الكلية في مجال بالدراسات الإسلامية؟

ج- البروفيسور كارا – إن مركز ماكدونالد لدراسة الإسلام والعلاقات المسيحية الإسلامية، هو أقدم مركز لمثل هذه الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ افتتح في عام 1973. ومع ذلك، فإن دراسة الإسلام في مدرسة هارتفورد تعود إلى عام 1893، وذلك بفضل جهود الراحل دنكان بلك ماكدونالد. هناك درجتان علميتان في الدراسات الإسلامية في هذه الكلية: الروحانية الإسلامية والدكتوراه في الدراسات الإسلامية والعلاقات المسيحية الإسلامية. هناك أيضاً مجلة العالم الإسلامي العلمية، وهي واحدة من أقدم وأكبر المجلات العلمية في العالم، التي تصدرها جامعة هارتفورد.

س- هل شاركت جامعة هارتفورد سابقاً في الحوار بين المدارس الإسلامية؟

ج- البروفيسور كارا -قبل أن أشغل منصب رئيس كرسي الإمام علي عليه السلام كنت أشارك باستمرار في الأنشطة الدينية، بما في ذلك حضور الندوات والمؤتمرات والاجتماعات. لا سيما العنف السياسي الذي جرى في سوريا والعراق وأدى إلى انتشار الطائفية على نطاق عالمي. يجب معالجة مثل هذه الطائفية بالجهود المشتركة للأكاديميين وعلماء الدين والسياسيين ووسائل الإعلام وقادة المجتمع. طالما أن الحوار بين الأديان لا يجد دعماً من جميع شرائح المجتمع، فهناك فرصة ضئيلة للنجاح.

س- أنت باحث ذو أعمال واسعة في مجال العلوم الإسلامية: ما هي المواضيع التي تعتقد أن الباحثين الغربيين يجب أن يركزوا عليها، خلال دراستهم للإسلام الشيعي؟

ج- البروفيسور كارا -أنا معارض للتركيز على الإسلام الشيعي فقط. أرى أنه يجب على العلماء دراسة الإسلام ككل. للقيام بذلك، عليهم دراسة جميع المعلومات المتاحة في المصادر السنية، والشيعية، والزيدية والإسماعيلية. كانت هذه هي المشكلة الرئيسية حتى الآن؛ لم يدرس الإسلام إلا في إطار مدرسة فكرية واحدة فقط. تم إهمال المصادر الأخرى. تاريخ كتابة المصحف هو أفضل مثال على ذلك. إذا نظرنا إلى خلفية بالموضوع، فلن نجد شيئاً عن وجهة النظر الشيعية حول الموضوع. كما هو موضّح في كتابي، بمجرد أن ندرس جميع المعلومات المتاحة، قد ينتهي بنا المطاف باستنتاجات أكثر إقناعاً حول تاريخ صدر للإسلام.

س- إلى أي مدى يعرف العالم الغربي الإمام علي عليه السلام؟ ما الذي يجب على المسلمين فعله لتقديم هذه الشخصية الإسلامية المهمة بشكل أفضل للعالم؟

ج- البروفيسور كارا – ظهر اهتماماً كبيراً بالإسلام الشيعي بسبب الأحداث السياسية والمذهبية في إيران ولبنان والعراق وسوريا. وبالتالي، توجه الناس لمعرفة المزيد عن الإمام علي عليه السلام الذي هو الشخصية الأكثر مركزية في الإسلام الشيعي بعد النبي. أعتقد أن إنشاء كرسي الإمام علي في مدرسة هارتفورد، وهي جامعة مرموقة للغاية، يعد خطوة أساسية في تقديم الإمام علي عليه السلام للعالم. يجب أن تكون هناك دراسات أكاديمية جادة حول حياة الإمام علي عليه السلام وتعاليمه وإنجازاته. من شأن هذه الدراسات أن تقدم هذا الإمام المعصوم للعالم وتساعد المسلمين، بشكل عام، على معرفته.

س- -برأيكم، وعند تقديم الإمام علي عليه السلام للعالم، ما هي جوانب شخصيته وحياته التي ينبغي الاهتمام بها أكثر مما سواها؟

ج- البروفيسور كارا -أعتقد أن شخصية الإمام الباحثة عن السلام، هي الأكثر صلة بمسلمي اليوم في كافة أنحاء العالم. إن الإمام علي عليه السلام معروف بين المسلمين بأنه أعظم محارب. لقد كان أشد وأقسى المحارب الذي أهلك صفوف العدو بمفرده. ومع ذلك، قاتل فقط عندما كان المجتمع تحت التهديد. ما عدى هذا، كان باحثاً عظيماً عن السلام. بعد وفاة النبي، وفي مواجهة مثيري الفتن، ظل صامتاً للحفاظ على وحدة المسلمين. لقد عامل غير المسلمين معاملة عادلة ودافع عن حقوقهم عندما كان خليفة المسلمين. نصح الولاة أن يكونوا لطفاء في معاملة الناس. كان لديه حب عميق للبشرية بشكل عام. هناك مقولة مشهورة نسبت إلى الإمام علي عليه السلام: “ الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”.

المصدر: شفقنا

logo test

اتصل بنا