الشيخ محمَّد صنقور
س : ما هي أدلتنا على تفضيل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على الخلفاء الثلاثة بشكل خاص والصحابة بشكل عام؟
ج : سأوجز الجواب نظرًا لضيق وقتي، ولأنَّ الوقوف على جواب هذا السؤال ميسور لكلِّ من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ولو كان ثمَّة من إنصاف لكان الحديث عن أفضلية عليٍّ (عليه السلام) على سائر الصحابة أمرًا مستهجنًا، لأن الأفضلية إنما يسوغ عقلاً وذوقًا البحث عنها عندما يكون التفاوت خفيًّا أو يسيرًا، أمَّا حينما يكون التَّفاوت بَيِّنًا فالحديث عن التَّفاضل يكون مستهجنًا كاستهجان البحث عن التَّفاضل بين الذَّهب والنُّحاس.
فحقُّ البحث ينبغي أن يكون حول أفضلية علي (عليه السلام) على أنبياء الله ورسله وملائكته المقربين إذا استثنينا نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) إلاَّ أنَّ الدُّنيا قد تنكَّرت وأدبرَ معروفُهَا فأصبح البَحث عن أفضلية عليٍّ (عليه السلام) على سائر الصحابة أمرًا غير محسوم النتائج!!
وكيف كان فما يُستَدَلُّ به على تَعَيُّن الخِلافة في عليٍ (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يَصلُحُ دَليلاً على أفضلية عليٍّ (عليه السلام) على سائر الصَّحابة.
فآية التطهير مثلاً وآية الولاية وآية المباهلة وآية التبليغ وغيرها من الآيات النَّازلة في علي (عليه السلام) والمعبِّرة عن تعيُّن الخلافة والإمامة فيه دون غيره كاف لإثبات أفضليته، وهكذا حديث الدار وحديث الثقلين وحديث المنزلة وحديث الغدير وحديث الطائر المشوي وحديث السفينة وغيرها كثير من الروايات الواردة بأسانيد متواترة أو مستفيضة أو معتبرة كذلك يصلح دليلاً على أفضليته عليه السلام، هذا أولاً.
وثانيًا: تصريح الكثير من الرّوايات الواردة عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) بتميُّز عليٍّ (عليه السلام) على سائر الصَّحابة والكثير من هذه الروايات وردت من طرق السُّنَّة بأسانيد معتبرة أو مستفيضة وبعضها متواتر، فمن هذه الروايات:
1- روى الطَّبراني بسندٍ معتبر عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أما ترضَين يا فاطمة أنَّ الله عزَّ وجلَّ اختار من أهل الأرض رَجُلَين أحدُهُمَا أبوكِ والآخرُ زَوجُكِ" 11/77.
روى هذا الحديث أيضًا أو قريبًا من ألفاظه أبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة وعبد الله بن عامر وأسماء بنت عيسى.
2- الحديث المتسالم على صدوره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب"، قال الحاكم النيسابوري هذا حديث صحيح 3/126، وقال السّيوطي: "كنتُ أجيب دهرًا عن هذا الحديث بأنَّه حسن إلى وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الآثار مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس فاستخرتُ الله تعالى وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحيح.
3- ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن قيس بن أبي حازم قال: "كنت بالمدينة فبينما أنا أطوف في السُّوق إذ بلغتُ أحجار الزيت فرأيت قومًا مجتمعين على فارس قد ركب دابَّة وهو يشتُمُ عليَّ بن أبي طالبٍ والنَّاس وقوفٌ حوالَيه، إذ أقبل سعد بن أبي وقاص فوقف عليهم فقال: ما هذا؟ فقالوا رجل يشتم عليَّ بن أبي طالب، فتقدم سعد فأفرجوا له حتى وقف عليه، فقال: يا هذا علامَ تشتم عليَّ بن أبي طالب؟ ألم يكن أوَّل من أَسلم؟ ألم يكُن أوَّل من صلَّى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ ألم يكن أعلَمَ النَّاس؟ وذكر حتى قال: ألم يكن خَتنَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ابنته؟ ألم يكن صاحبَ راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزواته؟ ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهم إنَّ هذا يشتم وليًّا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تُريهم قُدرَتَك، قال قيس: فوالله ما تفرَّقنا حتى ساخت به دابَّتُهُ فرَمَتْهُ على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغُهُ فمات.
قال الحاكم هذا حديث صحيح على شَرط الشَّيخين -البخاري ومسلم- ج3/499.
4- روى أحمد بن حنبل في مسنده عن معقل بن يسار قال: "وضأت النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم فقال: هل لك في فاطمة تعودها فقلت: نعم... قال أو ما ترضَين أنِّي زوجتك أقدم النَّاس سلمًا وأكثرهم علمًا وأعظمهم حلمًا" ج5/26، وذكر الهيثمي في مجمع الزَّوائد وقال رواه أحمد والطبراني برجال وثَّقوا ج9/101 و114.
5- روى الترمذي في صحيحه بسنده أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "أنا دار الحكمة وعليٌّ بابها" وذكره في كنز العمال وقال أخرجه أبو نعيم في حليته ثم قال: "وقال ابن جرير: هذا خبر عندنا صحيح سنده ج6/401.
6- روى أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده عن عبد الله -بن مسعود- قال: "كنت عند النَّبي (صلى الله عليه وآله) فسئل عن علي بن أبي طالب فقال (صلى الله عليه وآله): قُسِّمت الحكمة عشرة أجزاء فأُعطي عليٌ تسعة أجزاء والناس جزءًا واحدًا" ج1/64.
وذكره المتقي الهندي في كنز العمال وقال في آخره: "وعليٌ أعلم بالواحد منهم ثم قال: أخرجه أبو نعيم في حليته والأزدي وأبو علي الحسين بن علي البردعي في معجمه وابن النجار وابن الجوزى عن ابن مسعود.
7- روى البخاري في صحيحه في كتاب التفسير في باب قوله تعالى: ﴿ما ننسخ من آية أو ننسها﴾، روى بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حديثًا قال فيه: قال: عمر "وأقضانا علي".
روى هذا الحديث الحاكم أيضًا في المستدرك على الصحيحين.
وفي صحيح ابن ماجه روى حديثًا بسندين عن أنس بن مالك قال فيه: أنَّه قال النبي (صلى الله عليه وآله): "وأقضاهم علي بن أبي طالب" ص14، وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: كنَّا نتحدث أنَّ أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب"، قال الحاكم النيسابوري هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
8- روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال: أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنَّ أوَّل من يدخل الجنَّة أنا وفاطمة والحسن والحسين قلت يا رسول الله فمُحِبُّونا؟ قال: مِن وَرَائِكُم"، قال: الحاكم. صحيح الاسناد ج3/151.
9- روى في المستدرك على الصحيحين بسنده عن عبد الله بن أسعد بن زرارة عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أوحي إلي في علي ثلاث، أنَّه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين"، قال هذا حديث صحيح الاسناد ج3/137.
10- قال جلال الدِّين السّيوطي في الدّر المنثور أنّ البخاري أخرج في تاريخه عن ابن عبَّاس قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصّديقون ثلاثة؛ حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النَّجَّار صاحب آل ياسين وعلي بن أبي طالب"، وأخرج أبو داود وأبو نعيم وابن عساكر والدّيلميّ عن أبي ليل قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "الصّديقون ثلاثة؛ حبيب النَّجَّار مؤمن آل ياسين الذي قال: يا قوم اتّبعوا المرسلين، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم"، 262 ج5.
وفي صحيح ابن ماجه بسنده عن عباد بن عبد الله قال: قال علي ابن أبي طالب (عليه السلام): "أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب، صليت قبل الناس بسبع سنين"، ورواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين وقال في آخره: "قبل أن يعبد أحد من هذه الأمة"، ج3/111.
11- روى الحاكم في المُستدرك على الصَّحيحين بسنده عن جابر بن عبد الله يقول: "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب وهو يقول: هذا أمير البررة قاتل الفجرة منصورٌ مَن نصرَهُ، مخذولٌ مَن خذلهُ، مدَّ بها صوته.
قال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد، ج3/129.
12- روى الحاكم في المُستدرك على الصَّحيحين بسنده عن سعيد بن جبير عن عائشة أنَّ النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: "أنا سيّد وُلد آدم وعليّ سيّد العرب"، قال الحاكم هذ الحديث صحيح الاسناد، ج3/124.
13- روى الحاكم النيسابوري بسنده عن سفيان الثوري عن بهزين حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمبارزة علي ابن أبي طالب لعمرو بن ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة"" ج3/32.
ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج13/19، وذكره الفخر الرازي في التفسير الكبير في ذيل تفسير سورة القدر.
14- روى الهيثميّ في مجمع الزوائد قال: وعن أنس قال: "لما كان يوم حنين انهزم الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث"، يعني ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أن قال: "وكان علي بن أبي طالب يومئذٍ أشدَّ النَّاس قتالاً بين يديه"، قال رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط ج6/180.
15- روي الترمزي في صحيح بسنده عن حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي"، ج2/299.
ورواه ابن ماجة في صحيحه 12، ورواه أحمد في مسنده.
هذا قليل من كثير ممَّا ورد من طرق السّنّة، وهي روايات متعدّدة الاسناد، وليس من رواية من هذه الرّوايات إلا ولها طريق صحيح أو أكثر وبعضها مستفيض وبعضها متواتر، كل ذلك بحسب الضَّوابط المعتمدة عند علماء الجرح والتَّعديل من أبناء السّنّة، واختيارها تمّ على أساس وضوح مضامينها في تميّز عليّ (عليه السلام) على سائر الصَّحابة نظرًا لكونها جميعًا في مقام المُفاضلة، وهذا ثانيًا.
وثالثًا: ثَمَّة الكثير من الرّوايات الواردة عن الرّسول الكريم (صلى الله عليه وآله) من طرق السنّة تُعبِّر عن المقام السَّامي لعليّ (عليه السلام) وتقتضي امتيازه عمّن سواه ممّن عاصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنّه لم يتّفق أن ورد في أحدهم مجموع ما ورد في عليّ (عليه السلام) وذلك ما يُنتِج امتياز عليٍّ (عليه السلام) عمّن سواه، فمن هذه الرّوايات:
1- ما رواه التّرمذيّ في صحيحه بسنده عن عمران بن حصين قال: "... فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) والغضب يُعرف في وجهه فقال: ما تريدون مِن عليّ؟ ما تريدون مِن عليّ؟ ما تريدون مِن عليّ؟ إنَّ عليًّا مِنِّي وأنا منه، وهو وليُّ كُلِّ مؤمنٍ بعدي"، ج2/297.
ورواه أيضًا أحمد بن حنبل في مسنده والنّسائيّ في خصائصه وذكره المحبُّ الطبري في الرّياض النّضرة وقال: خرَّجه التّرمذيّ وأبو حاتم وخرَّجه أحمد، وذكره المتّقي الهندي في كنز العمّال وقال: أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وصحّحه"، ج6/399.
2- ما رواه في مستددرك الصّحيحين بسنده عن ابن عبّاس قال: "نظر النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى عليّ (عليه السلام) فقال: أنت سيّد في الدّنيا وسيّد في الآخرة، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوّك عدوّي، وعدوِّي عدوّ الله، والويل لمن أبغضك بعدي"، قال الحاكم صحيحٌ على شرط الشَّيخين، ج3/127.
ورواه الخطيب البغداديّ بطرق خمسة وذكره المُحبّ الطَّبري في الرّياض النَّضرة وقال: خرَّجه أبو عمر وأبو الخير الحاكمي، ج2/177، ورواه غيرهم أيضًا.
3- ما رواه التّرمذيّ في صحيحه مسندًا عن عليّ (عليه السلام) وفيه قال: "قال رسول (صلى الله عليه وآله): رحم الله عليًّا اللهم أدر الحقّ معه حيثُ دار"، ج2/298.
ورواه الحاكم وقال هذا حديث صحيحٌ على شرط مُسلم، ج3/124.
وروى الحالكم في المستدرك على الصَّحيحين بسنده عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: "لمَّا سار عليّ (عليه السلام) إلى البصرة دخل على أمّ سلمة زوج النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) يودّعها فقالت: سر في حفظ الله وفي كنفه فوالله إنّك لعلى الحقّ والحقّ معك، ولولا أني أكره أن أعصي الله ورسوله فإنّه أمرنا (صلى الله عليه وآله) أن نقرَّ في بيوتنا لسرت معك، ولكنّ والله لأرسلنّ معك مَن هو أفضل عندي وأعزُّ عليَّ من نفسي ابني".
وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشَّيخين، ج3/119.
وروى الخطيب البغداديّ في تاريخه بسنده عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: "دخلت على أمّ سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليًّا (عليه السلام) وقالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عليٌّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، ولن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحَوض يوم القيامة"، ج14/321.
4- ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن أبي سعيد التيمي عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: "قالت أم سلمة: "... سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عليٌّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"، قال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد، وأبو سعيد التيمي وهو عقيصاء ثقة مأمون، ج3/124.
وروى ابن حجر في الصواعق المحرقة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في مرض موته: يوشك أن أُقبض قبضًا سريعًا فيُنطلق بي وقد قدَّمت إليكم القول معذرةً إليكم، ألا إنِّي مُخلِّفٌ فيكم كتاب ربِّي عزَّ وجلَّ وعترتي أهل بيتي"، ثُمَّ أخذ بيد عليٍّ (عليه السلام) فرفعها فقال: "هذا مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض فاسألوهما ما خلفت فيهما" 75، ورواه الهيثمي والطبراني في المعجم الصغير والاوسط والشبلنجي في نور الأبصار وغيرهم.
5- ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله إذا نزل عليه الوحي يكاد يغشى عليه فأُنزل عليه يومًا وهو في حجر عليّ (عليه السلام) فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) صليت العصر؟ قال: لا يا رسول الله، فدعا الله فردَّ عليه الشمس حتى صلى العصر قال: رواه كله الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح عن إبراهيم بن حسن وهو ثقة وثقة ابن حبان.
قال ابن حجر في الصواعق المحرقة ومن كراماته –علي بن أبي طالب- الباهرة أن الشمس رُدَّت عليه لمَّا كان رأس النبي (صلى الله عليه وآله) في حجره والوحي ينزل عليه وعليّ لم يصلَّ العصر، فما سرى عنه (صلى الله عليه وآله) إلا وقد غربت الشمس، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): "اللهم إنَّه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس فطلعت بعد ما غربت" قال: "وحديث ردها صححه الطحاوي والقاضي في الشفاء وحَسَّنه شيخ الإسلام أبو زرعه وتبعه غيره" 76.
6- ما رواه في المستدرك على الصحيحين بسنده عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب: لقد أعطي عليُّ بن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي خصلة منها أحب إلي أن أُعطى حمر النعم، قيل وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: "تزوجه فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسكناه المسجد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحلُّ له ما يحل له، والراية يوم خيبر" قال هذا حديث صحيح الاسناد ج3/125.
وروى في المستدرك أيضًا بسنده عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: سمعت سعد بن مالك.. أن علي بن أبي طالب أُعطي ثلاثًا لأن أكون أعطيت أحداهن أحبُّ إلي من الدنيا وما فيها، لقد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم بعد حمد الله والثناء عليه هل تعلمون أنِّي أولى بالمؤمنين؟ قلنا: نعم قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه والي من والاه وعادِ من عاداه، وجيئ به يوم خيبر وهو أرمد لا يبصر فقال: يا رسول الله إني أرمد فتفل في عينيه ودعا له فلم يرمد حتى قتل وفتح خيبر، وأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمه العباس وغيره من المسجد فقال له العباس: "تُخرجنا ونحن عصبتك وعمومك وتُسكن عليًا؟ فقال: "ما أنا أخرجتكم وأسكنته ولكن الله أخرجكم وأسكنه".
7- ما رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن عمرو بن شاس الاسلمي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "من آذى عليًا فقد آذاني"، قال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ج3/122.
وذكره ابن حجر في الإصابة وقال أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه وابن حبان في صحيحه وابن مندة ج4 قسم1/304.
8- ما رواه في المستدرك على الصحيحين بسنده عن معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعليٍّ (عليه السلام): "من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك فقد فارقني"، قال الحاكم صحيح الاسناد ج3/123.
وذكره الذهبيّ في ميزان الاعتدال وصححه ج1/323 وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه البزاز ورجاله ثقات.
9- ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): "أنت تبيِّن لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي".
قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ج3/122.
وذكره المناوي في كنوز الحقائق 188 والمتقي الهندي في كنز العمال، وقال أخرجه الديلمي ج6 /156.
10- روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن ابن عباس قال: "لعلي أربع خصال ليست لأحد هو أول عربي وأعجمي صلَّى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف والذي صبر معه يوم المهراس وهو الذي غسله وأدخله في قبره".
ويوم المهراس هو يوم أحد حيث فرَّ أكثر الصحابة.
روى هذا الحديث ابن عبد البر في الاستيعاب ج2/457.
11- ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن أبي سعيد الخدري عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "النَّظر إلى وجه عليّ عبادة"، قال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد 3/141، ورواه أيضًا بسندين عن ابن مسعود ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج9/119، وقال رواه الطبراني.
12- ما رواه الترمذي في صحيحه بسنده عن جابر قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليًا (عليه السلام) يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ما انتجيته ولكن الله انتجاه" ج2/30.
ورواه الخطيب البغدادي وابن الأثير في أسد الغابة، ورواه المتقي الهندي في كنز العمال عن جندب بن ناجية لما كان يوم غزوة الطائف قام النبي (صلى الله عليه وآله) مع علي (عليه السلام) مليًا ثم مَرَّ فقال له أبو بكر يا رسول الله لقد طالت مناجاتك عليًا منذ اليوم فقال (صلى الله عليه وآله): "ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه" قال: أخرجه الطبراني 6/339
13- روى الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين بسنده عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام): "يا علي الناس من شجر شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) "وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان تسقى بماء واحد" قال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد، وذكره السيوطي في الدُرّ المنثور في ذيل الآية الشريفة وقال أخرجه ابن مردويه، وروي في كنز العمال وكنوز الحقاتق وفي ذخائر العقبة 16، قال وعن عبد العزيز بسنده إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: "إنَّا وأهل بيتي شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا فمن تمسك بنا اتخذ إلى ربه سبيلا"، قال: أخرجه أبو سعد في شرف النبوة.
14- روى المحبُّ الطَّبري في الرياض النضرة قال: وعن عمر بن الخطاب أنَّه قال: "أشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسمعته وهو يقول: "لو أن السماوات السبع وضعت في كفِّه ووضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان عليّ"، قال أخرجه ابن السمان والحافظ السلفي في المشيخة البغدادية والفضائلي، ج2/226.
وفي كنز العمال للمتقي الهندي قال: "لو السماوات والأرض موضوعتان في كفة وإيمان علي في كفة لرجح ايمان علي"، قال أخرجه الديلمي عن جابر 6/156.
15- روى الترمذي في صحيحه بسنده عن ابن عمر قال: آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أصحابه، فجاء علي (عليه السلام) تدمع عيناه فقال: "يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تُؤاخِ بيني وبين أحد فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أنت أخي في الدنيا والآخرة"، ج2/299.
ورواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين وابن جرير الطبري والنسائي في الخصائص وغيرهم.
وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن ابن عمر قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخى بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزبير، وبين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، فقال علي (عليه السلام): "يا رسول الله إنك قد آخيت بين أصحابك، فمن أخي؟"، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أما ترضى يا علي أن أكونَ أخاك"، قال ابن عمر: وكان علي جلدًا شجاعًا فقال علي (عليه السلام): "بلى يا رسول الله"، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أنت أخي في الدنيا والآخرة"، ج3/14.
وذكره الطبري في الرياض النضرة وقال: أخرجه القلعي ج2/167.
16- ما رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين بسنده عن عامر بن سعد يقول: قال معاوية لسعد بن أبي وقاص: "ما يمنعك أن تسبَّ ابن أبي طالب؟"، قال: فقال: لا أسبُّ ما ذكرتُ ثلاثًا قالهن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) لئن تكون لي واحدة أحبُّ إليَّ من حمر النعم، قال له معاوية ما هُنَّ يا أبا إسحاق؟ قال: لا أسبُّهُ ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذ عليًا وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: رب هؤلاء أهل بيتي، ولا أسُبُّهُ ما ذكرتُ حين خلَّفه في غزوة تبوك غزاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له علي (عليه السلام) خلَّفتني مع الصبيان والنساء، قال (صلى الله عليه وآله): ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي، ولا أسبُّهُ ذكرتُ يوم خيبر، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويفتح الله على يديه، فتطاولنا لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال أين علي؟ قالوا هو أرمد فقال: "ادعوه، فدعوه فبصق في عينه ففتح الله عليه" قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل في باب من فضائل علي بن أبي طالب ورواه الترمذي في صحيحه ج2/300، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج1/185 وذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير آية المباهلة وقال: أخرجه ابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص.
17- ما رواه الترمذي في صحيحه بسنده عن صبح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام) "أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم" ج2/319.
ورواه ابن ماجه في صحيحه وقال: "أنا سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم" ورواه الحاكم في المستدرك وقال: "حديث حسن، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة وغيرهم.
هذا قليل مما وقفنا عليه من الروايات الواردة في فضائل علي (عليه السلام) من طرق السنة ولولا خشية الإطالة لأفضنا في نقل الكثير مما ورد من طرقهم ولقد أجاد أحمد ابن حنبل حين أفاد أنه: ما جاء لأحد من أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب"، المستدرك ج3/107.
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: "وقال أحمد بن حنبل وإسماعيل بن إسحاق القاضي: "لم يرو في فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في فضائل علي بن أبي طالب" وكذلك أحمد بن شعيب بن علي النسائي"، ج2/266.
وذكر ذلك ابن حجر في الصواعق المحرقة 72، والعسقلاني في كتابه فتح الباري في شرح صحيح البخاري ج8/71، والشبلنجي في نور الأبصار.
وفي كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني أنَّه أخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: "ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي (عليه السلام)"، قال: واخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: "نزل في علي ثلاثمائة آية"، 76.
وذكر ذلك الشبلنجي في نور الأبصار 73، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج6/221.
فإذا أضفنا إلى ذلك ما أُثر عن علي (عليه السلام) بعد رحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من علم وحكمة وزهد وعبادة وإيثار وشجاعة وسجايا الخير كلِّها حيث لم يتفق اجتماعها في أكمل مراتبها لرجلٍ غيره فإذا أضفنا كلَّ ذلك إلى ما وثقناه نكون قد استوفينا الجواب.
وأرى أن اجعل ختامه ما رواه الحاكم النيسابورى بسندٍ معتبر أن الإمام الحسن المجتبى سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطب الناس حين استشهد علي بن أبي طالب فقال بعد الحمد والثناء على الله: "لقد قُبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح الله عليه..."، ج3/172.
روى هذا الحديث أحمد بن حنبل بسنده عن هبيره ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى وقال أخرجه أحمد وخرَّجه أبو حاتم، ورواه ابن سعد في الطبقات وأبو نعيم في حلية الأولياء والنسائي في الخصائص والمتقي الهندي في كنز العمال وغيرهم.